إعادة إعمار السلطة وليس غزة بقلم : أحمد الكومي
حانت الفرصة التي يرى الإقليم أنها قد تكون مواتية لإعادة الاعتبار للسلطة الفلسطينية في الجغرافيا التي فقدت فيها اعتبارها، وباتت متأخرة في الفعل السياسي حتى لم تعد قادرة على المحاولة دون مساعدة الآخرين.
يعتقد الإقليم أن تجربة ما بعد العدوان الإسرائيلي عام 2014 في ملف إعادة الإعمار، قابلة للتكرار مع معركة “سيف القدس”، في الجانب الذي يخصّ موقع السلطة في التمثيل، وإظهار الأبوية السياسية والإدارية على قطاع غزة، دون إقامة اعتبار للفارق الذي فصل فيه الزمن بين ميدان القول وميدان العمل، وأصدر حكمه العادل فيهما.
لا يوجد حاليًا أفضل من ملف إعادة الإعمار لإسعاف السلطة وتصحيح نتائج ضعفها، وإعادة إحياءها وإدخالها إلى الحالة الوطنية من نافذة الإعمار، وهو أمر تدركه حركة حماس ومتيقظة له، وتنظر إليه على أنه مسعى لا يُعبّر عن نوايا حقيقية لإصلاح الوضع الفلسطيني، بقدر ما أنه إصرار على الخطأ، وتجاهل متعمّد للرغبة الشعبية التي ترفض سلوك السلطة.
وهذا ما بدا واضحًا في نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه مركز أطلس للدراسات والبحوث حديثًا، وأظهر أن غالبية كبيرة نسبتها 79.3% من سكان قطاع غزة، عبّرت عن عدم رضاها عن أداء السلطة خلال “معركة القدس”، كما اعتبروا أن السلطة لم تظهر إلا عند الحديث عن إعادة الإعمار، وهذا يعني أن شعبنا مقتنع بما يتم الترتيب له من خلال هذا الملف، ويعوّل على موقف حماس من ذلك.
لن تقبل الحركة أن يستخدم ملف إعادة إعمار قطاع غزة ورقة ضغط عليها، كما سترفض تكرار تجربة ما بعد عدوان 2014، وهذا جزء من توجّهها للحفاظ على منجزات معركة “سيف القدس”، كما فرضته ضرورات الموقع والمكانة السياسية لها بعد المعركة.
سرعة التعافي هو قرار لدى حماس وفق ما يظهر، فقد باشرت ذلك من خلال لجانها في المناطق، عبر برنامج إسعاف وإغاثة للمتضررين جزئيًا، وإعانة أصحاب البيوت المدمرة في الإيواء والاستئجار، كما تدعم وتشجّع جميع الأطراف للمساهمة في ذلك.
ورغم ذلك، تتجاهل أطراف دولية هذه المبادرة من الحركة، وتحاول استعمال هذا الملف؛ لإلصاق تهمة الإرهاب بها، بادعاء أنها تحوّل من أموال الإعمار إلى أنشطتها العسكرية، لكنّه لم يسجّل عليها ذلك، وهذه التهم تستخدمها هذه الأطراف غالبًا لفرض أجندتها، ولتبرير الحاجة إلى عودة السلطة.
ستدور نقاشات مطوّلة وجهود حثيثة في خلفية المشهد السياسي العام لتمرير ذلك، على قاعدة إعادة إعمار السلطة وليس قطاع غزة في حقيقة الأمر، ولا يجب القبول أو التعاطف مع الادعاء بأنها حاجة فلسطينية في الوقت الحالي، فنقاش ذلك يعني طرح الكثير من الأسئلة والمراجعات، بل يجب مقاومة محاولات إفراغ الحالة المعنوية لشعبنا بعد معركة “سيف القدس”، والابتعاد عن كل مصادر اليأس، والعمل في الاتجاهات التي تحفظ شأن المقاومة وصورة شعبنا، وترك الآخرين إلى اليوم الذي يقتنعوا فيه بأن الضعف والزوال لهما نفس المعنى.