شفا – نظمت هيئة الوفاق الفلسطيني يوم أمس مؤتمرا وطنيا هاما حول ” الوفاق الاسلامي المسيحي في فلسطين” وذلك في فندق الكومودور بغزة بحضور قيادات دينية اسلامية و مسيحية بارزة و شخصيات سياسية ومجتمعية و قضاة شرعيين و نواب من المجلس التشريعي و ممثلي الفصائل السياسية و الكتاب و الصحفيين و و المفكرين والأسرى و المبعدين … وغيرهم .
وافتتح المؤتمر عريف اللقاء د.جميل جمعة سلامة أمين سر هيئة الوفاق بالتعريف بالهيئة موضحا أن هيئة الوفاق إطار شعبي فلسطيني يعمل على ترتيب البيت الفلسطيني برمته على اساس الوفاق والشراكة الوطنية ومعالجة كافة مكونات الأزمة بأبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية والدينية مبينا أن المؤتمر وموضوعه جاء لتنظيم العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في وطننا بعد عدة أزمات حصلت في الأونة الأخيرة وفي أنحاء متفرقة من الوطن وكان أخرها اللغط الإعلامي حول دخول بعض المواطنين المسيحيين بغزة في الإسلام ، وقال سلامة ينبغي علينا أن نمتلك الشجاعة للاعتراف بها ومعالجتها بدلا من منهج القفز عنها وترك دائرة الاحتقان تتسع مشددا على أن فلسطين تاريخيا مهد التسامح والعيش المشترك وينبغي أن يتواصل ذلك مع تعزيز لغة الحوار تكريسا لوحدتنا الوطنية ولمصيرنا المشترك وثمن سلامة المسئولية الوطنية العالية لدى المشاركين سيما البطريرك ميشيل صباح والوفد المرافق القادمين من القدس .
وألقى د.عبد العزيز الشقاقي مفوض العلاقات الوطنية كلمة هيئة الوفاق فأكد أن الهيئة جاءت لوضع حد لحالة الانقسام القائمة في المجتمع الفلسطيني وهي في سبيل ذلك تنشط في جميع الاتجاهات أفقيا وعموديا ، وطنيا وخارجيا ونظمت العديد من النشاطات والفعاليات على صعيد المصالحة المجتمعية و الأسرى وإعادة بناء منظمة التحرير والحياة اليومية للمواطنين و وحدة المجلس التشريعي والاطلاع على تجارب المصالحة والوفاق الخارجية ، واتهم الشقاقي اطرافا مجرمة تعمل على تسميم العلاقات بين المسلمين والمسيحيين في فلسطين داعيا إلى التصدي لهم ولجمهم.
وفي كلمة الرئيس محمود عباس التي القاها د.كمال الشرافي مستشار الرئيس لحقوق الإنسان والمجتمع المدني نقل تحيات الرئيس أبو مازن للمؤتمرين ودعمه لمسيرة الوفاق الوطني مشددا على رعاية الرئيس للوحدة الوطنية وفي مقدمتها الوحدة بين المواطنين المسلمين والمسيحيين ، وأكد الشرافي أن الحوار والحوار وحده ينبغي ان يكون أداة حل أي أزمة أو اختلاف.
وعبر د.محمد عوض نائب رئيس وزراء الحكومة في غزة ممثلا عن رئيسها السيد/ إسماعيل هنية عن دعمه الكامل للمؤتمر والقائمين عليه مؤكدا حرص حكومته على رعاية المواطنين المسيحيين في قطاع غزة وحمايتهم من أي مكروه رافضا الدعاية التحريضية مبينا أن انعقاد المؤتمر على أرض غزة ودعم حكومته له لخير برهان على ذلك داعيا إلى المزيد من هذه اللقاءات لتنظيم العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في فلسطين.
وفي ورقة العمل الأولى في المؤتمر بعنوان “رؤية إسلامية للوفاق الإسلامي المسيحي في فلسطين” والتي ألقاها د.سالم سلامة رئيس رابطة علماء فلسطين والنائب عن حركة حماس أوضح أن الإسلام دين الرحمة للعالمين جميعا وليس للمسلمين فقط مبينا أن التاريخ لم يعرف على الصعيد الجماعي والفردي أي حالة إكراه أو إجبار على اعتناق الإسلام مؤكدا على حرية العقيدة وحق الامن والحماية للنصارى في السلم والحرب وقال سلامة أن الإسلام بهذا التسامح يرسم خط المواطنة التي تقوم على أسس أربعة هي المساواة والحرية والهوية والتنمية منبها إلى الخطر الخارجي الذي يسعى بخبث لإحياء النزعات القبلية والنعرات العنصرية والخلافات الدينية لتمزيق الكيانات الوطنية مشيدا بالإخاء الإسلامي المسيحي في بلادنا حيث احتضنت المساجد والكنائس طلابنا الجامعيين عند إغلاق الجامعة الإسلامية بغزة وشارك المواطنون النصارى باشكال متعددة في الانتفاضتين بشكل يعكس وحدة الموقف ضد العدو الإسرائيلي رافضا إثارة الفتن الدينية والنزاعات الطائفية لتكون القيادة من الجانبين عالمة بما يحيق لنا الاحتلال من مؤامرات.
وفي ورقة العمل الثانية “رؤية مسيحية للوفاق الإسلامي المسيحي في بلادنا” قال البطريرك ميشيل صباح بطريرك القدس للاتين “كاثوليك” أن العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في الارض المقدسة هي علاقة اخوة ومواطنة قائمة على العمق الإيماني ولا يلغيها الاختلاف بين الديانتين محذرا من شرك من يحولها إلى فتنة ليجعل منها عامل ضعف وانقسام ، وأضاف صباح أن وحدتنا في مجتمعنا الفلسطيني تقوم على ثلاثة محاور الوحدة الوطنية في وطن واحد والإيمان بالله في ديانتين مختلفتين وكلانا خليقة الله خلقا واحدا وكرامة متساوية ، ونوه صباح إلى أنه مطلوب من المجتمع الإسلامي جهد خاص تجاه الجماعة المسيحية فما يفرض على المسلم بحكم الإسلام لا يجوز فرضه على المسيحي وحذر صباح من تنام في الصراعات على صعيد الشارع الفلسطيني بين المسلمين والمسيحيين مشددا على أهمية وجود خطاب ديني توجيهي من المساجد والكنائس.
وجاء في كلمة الكنيسة الارثوذكسية في غزة وبالنيابة عن مطرانها والتي ألقاها الأب أندريه ان المسيحيين يشعرون بالحماية والمساعدة من الحكومة في غزة ويرفضون تدخل الغرباء الخارجين عن الصف الفلسطيني الذين يتوقون لتقسيم الشعب الفلسطيني ودب الفتنة الدينية فيه خلافا للعهدة العمرية الخالدة التي تشكل أساس العلاقة بين الجانبين الإسلامي والمسيحي محذرا من التعصب ونشر الكراهية.
وتخلل اللقاء العديد من المداخلات الهامة من طرف المشاركين وتوج اللقاء بالتوقيع على وثيقة ( الإعلان الإسلامي المسيحي في فلسطين ) والتي اعتبرها المشاركون أساسا لتنظيم العلاقة بين المواطنين المسلمين والمسيحيين في الأرض المقدسة فيما اعتبرها الأب مانويل مسلم عهدة عمرية جديدة، وأكد البيان الذي وقعه كل من د.سالم سلامة رئيس رابطة علماء فلسطين عن الجانب الاسلامي والبطريرك ميشيل صباح بطريرك القدس للاتين عن الجانب المسيحي على جملة الاسس والمبادىء التالية :-
أولا / الشعب الفلسطيني بمسلميه و مسيحييه وحدة واحدة وأن الوجود المسيحي في فلسطين جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني الفلسطيني ملتزم بقوميته و وطنه و شعبه و لغته العربية و تاريخه.
ثانيا /احترام كل طرف لديانة الآخر دون إكراه في الدين وفقا لنصوص القرآن الكريم والإنجيل المقدس وأن الحوار والحوار وحده عنوان معالجة أي تباين واختلاف ونبذ أي خطابات منافية لذلك.
ثالثا / العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في فلسطين علاقة راسخة قائمة على المواطنة والتسامح والتنوع و العيش المشترك ونريدها نموذجا يحتذى للشعوب ولأبناء الأديان في العالم بأسره .
رابعا / ندعو جميع المسؤولين عن ارشاد الناس سيما الوعاظ في المساجد و الكنائس و المربين في المدارس ليعملوا على تعميم هذه الروح و تنمية الاخوة بين جميع المواطنين .
خامسا / الاحتلال الصهيوني الجاثم على الأرض المقدسة هو الخطر الوحيد على الوحدة الإسلامية المسيحية ويشكل التحدي الحقيقي لها وأن أبناء الشعب الفلسطيني مسلمين ومسيحيين يدا واحدة في مواجهة هذا الاحتلال حتى تحرير الوطن والقدس والمقدسات وتقرير المصير والاستقلال .
سادسا / رفض كافة أشكال التدخل الخارجي في الشأن الداخلي الفلسطيني وأن شعبنا قادر بحكمة أبنائه ومسئولياتهم الوطنية على تجاوز أي سوء فهم عابر بين أبناء الوطن الواحد.
سابعا / أهمية تشكيل لجنة متابعة دائمة اسلامية – مسيحية لتحصين العلاقات الوطنية المشتركة و تقنينها وصونها من أي أخطار داخلية أو خارجية قد تحيق بها .
ثامنا / دعوة العالم للاعتراف بدولة فلسطين وحق العودة للاجئين والمبعدين وفك الحصار الظالم عن غزة و حماية شعبنا و تحرير الأسرى و انهاء الاحتلال .
وفي نهاية المؤتمر قدمت العديد من التوصيات أهمها التوافق على تشكيل لجنة متابعة مشتركة إسلامية – مسيحية برعاية هيئة الوفاق تشرف على تنظيم العلاقة الوطنية بين الجانبين وتعالج أي أزمة أو خلاف ينشب بينهما تكريسا لروح التسامح والاخاء بين شركاء الوطن والتاريخ والقضية.
شاهد أيضاً
قرار المحكمة الدولية باعتقال نتنياهو وجالانت وارتداد النظام الدولي على نفسه ، بقلم : سوما حسن عبدالقادر
قرار المحكمة الدولية باعتقال نتنياهو وجالانت وارتداد النظام الدولي على نفسه ، بقلم : سوما …