ما أكثر المرضى النفسيين! بقلم : فاطمة المزروعي
في عالمنا العربي بصفة عامة، توجد ملاحظة تتعلق بعدم إيمان البعض بجدوى العلاج النفسي، وتوجد ضبابية لدى الكثير حول مراجعة طبيب نفسي لمعالجة سلوكيات خاطئة، لكنني أعتقد أن سبب مثل هذا التجديف ضد علم له دوره في كافة المجتمعات الإنسانية، يعود للمؤسسات الرسمية الفاعلة في أي مجتمع، فهذه المؤسسات بعيدة هي أيضاً عن الاستعانة بالطب النفسي وخبراء الاستشارة النفسية، رغم أن عملها يتمحور حول الإنسان نفسه، والذي في البعض من الأحيان قد يكون علاجه نفسياً، لا أكثر ولا أقل، والبعض الآخر خاصة من المراهقين يحتاجون فعلاً لتقييم حالتهم النفسية ومعالجة بعض الاختلالات الخاطئة في سلوكياتهم قبل استفحالها وتناميها ومن ثم تحوله لمجرم. لكنني أيضاً أعتقد أن هناك سبباً آخر يتعلق ببعد الطب النفسي نفسه من الأوساط الاجتماعية، وطرح نظريات وآراء دون تعمق ويظهر أنها بعيدة عن السياق الاجتماعي.
قرأت قبل فترة موضوعاً في أحد المواقع على شبكة الإنترنت يقول إن علماء علم النفس حددوا عدة ملاحظات عامة إذا شوهد أي فرد يرتكبها فإنها مؤشر بأنه مريض نفسي، وتم سرد عدة سلوكيات، أترك الحكم لكم حولها، وهي: «عدم احترام القوانين والأنظمة والقيم الاجتماعية. انتهاك حقوق الآخرين. عدم القدرة على التعاطف مع الآخرين. عدم الاعتراف بالأخطاء. الانفعال السريع. التظاهر بالتعاطف مع عدم امتلاك الحس الوجداني. عندما يريد الشخص الإقدام على أي جرم يضع الخطط الذكية ويشكل فريقاً من أمثاله. كراهية الطبيعة ولا سيما الحيوانات، وإلحاق الأضرار بها بشكل مباشر أو غير مباشر كلما سنحت له الفرصة. أن يتصف بالحقد وحب الانتقام. وضع الأنظمة التي تتماشى مع هواه، والضغط على من حوله للانقياد تحت تلك الأنظمة». وينتهي الخبر بالتأكيد أنه في حال وجدت أياً من هذه السلوكيات أو الصفات فيك فأنت مباشرة مريض نفسياً، ويجب عليك مراجعة طبيب متخصص في العلاج السلوكي وطلب العلاج.
رغم أن كل هذه السلوكيات مرفوضة وخاطئة، إلا أنني أخشى أننا في عالمنا العربي إذا سلمنا بها، فإننا سنجد أن معظم شعوبنا مرضى نفسيون، وهنا لن يكون لدى جميع أطباء العالم المتخصصين في العلاج النفسي، الوقت لتقديم العلاج لنا وفق هذه الأعداد، خاصة إذا علمنا أن الطب النفسي يعتمد على جلسات علاج طويلة، والجلسة تكلف مبلغاً وقدره.
وجدت دراسة في مجال علم النفس، تقول إنه عندما يكون الشخص أكثر شجاعة ويتحدث أمام نفسه من خلال المرايا، فإنه سيصبح أقوى نفسياً. لذا على جميع من يرتكب تلك السلوكيات الخاطئة التوجه نحو المرايا والتعهد بعدم ارتكاب تلك الأخطاء، وقد يكون في هذا الشفاء النفسي.