اللجوء.. أزمة سياسية وأخلاقية ، بقلم : حسين الشيخ
من أهمّ ما تتسم به الأزمة السورية هو أنها وصلت مرحلة الانسداد، فتحولت معها الحياة بالنسبة للسوريين إلى معاناةٍ حقيقيّة على جميع الأصعدة، لا سيما فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي والخدميّ، لتتحول بذلك حتى الأحوال الجوية والمناخية إلى بؤس حقيقيّ.
فمع تعرض بلاد الشام ومناطق أخرى من الوطن العربي لمنخفض جويّ قاسٍ، وثلوج وأمطار غزيرة، ليحوّل المواطن السوريّ إلى مجرّد إنسان أعزل في مواجهة عواصف هوجاء، في ظلّ فقدان النفط والكهرباء وحتى الحطب، تحت وطأة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها السوريون.
ولعلّ الحال الأكثر سوءاً هو حال ذلك السوري اللاجئ في المخيمات في ريفي حلب وإدلب الشماليّين، المخيمات التي يقطنها عشرات الآلاف من اللاجئين الذين يشكّل الأطفال والنساء والشيوخ أكثر من 70% منهم، وهم لا يملكون إلا تلك الخيمة التي لا تقيهم برد الشتاء ولا تمنع عنهم مياه الأمطار لا من فوقها ولا من تحتها، لتزيد معاناتهم بؤساً وحالهم سوءاً.
لا شكّ أنّ المواطن السوري الذي يعيش في قرية أو مدينة سوريّة ليس بحال أفضل، إلا أنّ مجرّد جدار المنزل بات حلماً للّاجئ في الخيام المهترئة، فلا بدّ من وضعِ حدّ لهذه المعاناة، بفرض المجتمع الدولي على جميع الأطراف السورية وداعميهم على الأرض للاضطلاع بمسؤولياتهم السياسية والأخلاقية والإنسانية لتجنيب اللاجئين والنازحين السوريين هول الكارثة التي يعيشونها من شتاء إلى شتاء ومن صيف إلى صيف، حتى باتوا لا يعلمون أيّ الفصول أحبُّ إليهم، أهو الصيف بحرِّهِ اللاهب والموت عطشاً! أم الشتاء ببردهِ القارس والموت برداً وغرقاً؟!
الحقيقة تكمن في أنّ معاناة السوريّ سواء أكان لاجئاً أو نازحاً في ذمة وضمير الفرقاء السوريين على اختلاف مسمياتهم السياسية والعسكرية، فهي قضيّة دستوريّة ووطنية، لا حلّ لطرفٍ من الأطراف، معارضة وموالاة منها، فهم الذين أجبرتهم الحرب ومفرزاتها على هجر بيوتهم وقراهم ومدنهم بحثاً عن الأمان، فلا بدّ من وضع معاناتهم على الطاولة الإنسانية والسياسية الداخلية للحدِّ من معاناتهم، والسعي بجديّةٍ لإيوائهم وإعادتهم إلى منازلهم والعمل على بنائها بمنحهم أبسط حقٍّ من حقوقهم الوطنية في العيش على أرضهم، لإنهاء رحلة النزوح واللجوء بقرار سوريّ ـ سوريّ وفق مبادئ الدستور والمواطنة والحقّ القانوني، بعيداً عن مزادات الصفقات السياسية، كون اللجوء أزمة سياسية وأخلاقية بامتياز.