شفا – صدر حديثاً عن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان “ديوان المظالم” تقريراً خاصاً بعنوان “الحق في التجمع السلمي في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية الواقع والتطلعات” باللغتين العربية والإنجليزية.
وتناول التقرير حق التجمع السلمي في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية. وتأتي أهمية هذا التقرير كونه يصدر متزامناً مع المتغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة العربية فيما بات يعرف بالربيع العربي.
وسلط التقرير الأضواء على مبادرات الحراك الشبابي الفلسطيني المطالبة بإنهاء حالة الانقسام على الساحة الفلسطينية، وبخاصة المسيرات والتجمعات السلمية التي تحث على ضرورة إنجاز المصالحة الوطنية الفلسطينية، وإنهاء حالة الانقسام التي تعيشها مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية منذ حزيران 2007، وما صاحب ذلك من تقييدات وتجاوزات لممارسة هذا الحق الذي أكدت عليه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والقانون الأساسي الفلسطيني.
واعتبر التقرير الحق في التجمع السلمي مظهراً إيجابياً من مظاهر المجتمع الديمقراطي، لارتباط هذا الحق ارتباطاً وثيقاً بحقوق سياسية أخرى، كالحق في حرية الرأي والتعبير والحق في الانتماء إلى الجمعيات، وحق المشاركة في إدارة الشأن العام. فقد أقر القانون الدولي لحقوق الإنسان الحق في التجمع السلمي، باعتباره حقاً معترفاً به، مؤكداً على منع تقييده بأية قيود إلا تلك التي تفرض طبقاً للقانون، كما يعتبر الحق في التجمع السلمي وعدم تقييده مظهراً حضارياً وسمة أساسية من سمات المجتمعات الديمقراطية.
واكد التقرير إن الحق في التجمع السلمي من الحقوق المهمة التي ركزت عليها الاتفاقيات والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان، لأنه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحق الإنسان في التعبير عن أفكاره وآرائه بطرق سلمية. وإدراكاً من الهيئة بدورها، كهيئة وطنية لحقوق الإنسان، يأتي هذا التقرير لتسليط الضوء على هذا الحق وممارسته في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية.
وتطرق التقرير الذي أعده الباحث الحقوقي ياسر علاونة في الفصل الأول منه للإطار القانوني لحماية الحق في التجمع السلمي على المستويين الدولي والوطني، فقد تناول المبحث الأول الإطار القانوني الدولي للعديد من الإعلانات والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، والاتفاقيات الإقليمية للحق في التجمع السلمي، ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والإعلان العالمي لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان، والمبادئ العامة بشأن الحرية وعدم التمييز في مسألة الحقوق السياسية، ومجلس حقوق الإنسان، والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي، والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، ومدونة لقواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، والمبادئ الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية من جانب الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين.
أما المبحث الثاني فقد تناول الإطار القانوني للحق في التجمع السلمي على المستوى الوطني، من خلال العديد من القوانين الفلسطينية، ومنها القانون الأساسي الفلسطيني، وقانون الاجتماعات العامة ولائحته التنفيذية، وقانون العقوبات الأردني لسنة 1960، وقانون العقوبات الفلسطيني لعام 1936، وقانون المخابرات العامة، وقانون الأمن الوقائي، ومشروع الدستور الفلسطيني، ومشروع قانون الأحزاب السياسية وتنظيم عملها.
وتناول الفصل الثاني من التقرير واقع الحق في التجمع السلمي في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، ورصد الانتهاكات التي تعرض لها الحق في التجمع السلمي في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي تمثلت في استدعاء مشاركين في تجمعات سلمية، أو احتجازهم، أو اعتقالهم، أو الاعتداء عليهم بالضرب، وفض تجمعات سلمية وتفريق المشاركين فيها أو الذين حاولوا المشاركة فيها، ومنع عقد تجمعات سلمية من قبل الأجهزة الأمنية.
وبين التقرير أن الهيئة قد لاحظت ارتفاعاً في عدد الشكاوى التي تلقتها بخصوص التجمع السلمي، وتزايدها باطراد، حيث تلقت الهيئة شكويين في عام 2007، وارتفع العدد إلى (9) شكاوى في عام 2008، إلى (11) شكوى في عام 2009، وتصاعد إلى (28) شكوى في عام 2010، وازداد العدد بنسبة 300% خلال عام 2011 ليصل إلى (85) شكوى، وتلقت الهيئة (29) شكوى حتى نهاية حزيران من عام 2012″.
وخلص التقرير إلى جملة من الاستنتاجات والتوصيات على المستويين القانوني والعملي من شأنها ضمان تمتع المواطنين بحقهم في التجمع السلمي، من ضمنها تلك التوصيات المتعلقة بتعديل بعض التشريعات ذات العلاقة، ومطالبة الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة بالتوقف الفوري عن اتخاذ أية ممارسات من شأنها تقييد حق المواطنين في التجمع السلمي، وضرورة عدم استخدام القوة المفرطة في تفريق مثل هذه التجمعات أو التصدي لها باستخدام العنف غير المبرر ضد التجمعات السلمية، وفتح التحقيقات المستقلة في حال التعرض للمتظاهرين السلميين أو أي من التجمعات السلمية، ونشر نتائج هذه التحقيقات على الملأ، ومساءلة ومحاسبة كل من يرتكب مثل هذه المخالفات من الأشخاص المكلفين بإنفاذ القانون، لضمان التمتع الكامل وغير المقيد للمواطن الفلسطيني في ممارسة حقه في التجمع السلمي في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية.
ويشتمل التقرير على بعض الملاحق والتي تتضمن نماذج من متابعات الهيئة مع الجهات المسؤولة حول انتهاكات الحق في التجمع السلمي، ونماذج من ردود الجهات المسؤولة حول انتهاكات الحق في التجمع السلمي.