وللديمقراطية الأمريكية وجه آخر! بقلم : ثائر نوفل أبو عطيوي
لعل الكثير من دعاة الديمقراطية وخصوصاً في مجتمعاتنا العربية يرون أن الولايات المتحدة الأمريكية أحد العناوين العالمية لحرية الرأي والتعبير والديمقراطية ، وهذا نتيجة طبيعية لواقع عربي اختصرت معالم حضوره السياسية على الجهة الحاكمة المتنفذة والمسيطرة على مقاليد الحكم ، دون أدنى اعتبار لغيرها من المكونات السياسية الاجتماعية الأخرى.
الأحداث الاخيرة التي وقعت في رحاب الكونغرس على أيدي أنصار “ترامب” من الجمهوريين، وبإيعاز منه ، وهو المهزوم انتخابياً أمام منافسه الديمقراطي ” جو بايدن” ، واقتحام الكونغرس الهيئة التشريعية في النظام السياسي ، والمؤسسة الدستورية الأولى في الولايات المتحدة، يدلل على أن الديمقراطية الأمريكية ماهي إلا مصطلحات ترويجية مبنية على الشعارات الوهمية ، التي يتم ترويجها كبضاعة تجارية رابحة في أروقة المجتمعات العالمية وخصوصاً العربية ، من أجل بقاء صورة الولايات المتحدة، العنوان الأول والأهم لتعزيز مفهوم الديمقراطية وركائزها في المجتمعات القائمة على سلطة الفرد والحزب الواحد ، حتى تكون الولايات المتحدة بديمقراطيتها الزائفة المسيطرة على المنافذ والنوافذ ، من خلال استغلال وجوه وشخوص في المجتمعات التي تعاني من أزمة الديمقراطية ، وتؤهلهم وفق رؤيتها الاستعمارية للتغني باسم الحريات والديمقراطيات، من خلال اغراق هذه الدول والمجتمعات بالمؤسسات والدولارات ، ليحققوا أهدافها الاستعمارية بالاسم الوهمي للديمقراطية.
لقد عانت المجتمعات والدول العربية من شعار الديمقراطية الأمريكية، من خلال اطلاقها الثورة الخلاقة والربيع العربي ، التي كانت نتائجه العكسية على الشعوب العربية وخيمة، وادخالها في آتون الحروب الداخلية ، ونفق الارهاب حتى يبق الاستعمار المتحكم والمسيطر في أي متغير.
الأحداث الأخيرة التي رافقتها أعمال العنف والشغب واقتحام الكونغرس ،المؤسسة الدستورية الأولي ، كشفت عورة الديمقراطية الأمريكية بشكل لا يدعو مجالا للشك ، وسقوط القناع المزيف التي ترتديه الإدارات الأمريكية المتعاقبة لتسليطه سيفاً متعمداً في خاصرة الشعوب العربية والمجتمعات التي بحاجة حقيقية للانفتاح السياسي وحرية الرأي وقبول الآخر وفق الأسس والمفاهيم الحقيقية للديمقراطية.
لقد حان الوقت لكافة الدول والمجتمعات أن تؤمن من خلال الوقائع والأحداث التي تم مشاهدتها في رحاب الكونغرس ، أن الولايات المتحدة تتعامل في وجهان كلاهما قبيحان، ادعاء الديمقراطية زوراُ وبهتاناً من جهة ، وتصدير الديمقراطية الخارجية المزيفة من جهة أخرى ، من أجل تمزيق المجتمعات والشعوب وتعزيز سيطرتها الاستعمارية ، فلهذا كله كان ومازال للديمقراطية الأمريكية وجه آخر.!