يعيشون مع الذئب ويبكون مع الراعي! ، بقلم : فاطمة المزروعي
ألا تشعرون بالضيق عند سماع من يقوم بتصنيف الناس وتوزيعهم والحكم عليهم؟ ألا يؤلمكم مشاهدة البعض وقد نصّب نفسه لإصدار أحكام على الآخرين والتحدث عنهم وكأنه الخبير والعارف؟ أعتقد أننا جميعاً نرفض هذه الممارسة ونعتبرها تجنياً وظلماً، لأن هذه الفئة تتحدث عن جوانب غير صحيحة وتعطي معلومات مضللة وليست في محلها، وفي هذا تشويه بالغ يتسبب في سوء فهم، وإعطاء انطباع خاطئ عن الآخر. هذه العادة – الحكم على الآخرين والتحدث عن سلوكياتهم و آرائهم وعاداتهم والنيل منهم في غفلة منهم – فيه تشويه للسمعة والصورة والذكر الطيب. مثل هذه العادة ليست وليدة لمجتمع ما، ولا هي نتاج فترة زمنية محددة ولا هي حديثة وجديدة، بل تكاد تكون ملازمة لمختلف المجتمعات البشرية، حيث تجد ضعاف النفوس في كل زمان ومكان، فهذا هو الكاتب والأديب العربي الذي عاش قبل نحو 1000 عام، بديع الزمان الهمداني، قال عن الناس: «رأيت الناس خداعاً إلى جانب خداع يعيشون مع الذئب ويبكون مع الراعي».
ودون شك أن وصف الناس بالخداع وأنهم كالذئاب بعمومية أمر خاطئ، لأن الفئة التي تضلل وتحترف التزوير والقيل والقال، وتقوم بسلوك النميمة والغيبة ونحوها، تعتبر قليلة بل شاذة جداً، لكن الحالة التي تنتج عن سلوكهم وفعلهم تكون في العادة مؤلمة وقاسية. الرسالة هنا أن نوقظ الضمير، ونهذب النفس، ونترك الخلق للخالق، كما يقال، وعدم التدخل فيما لا يعنينا ولا يهمنا، وأيضاً تجنب الحكم على الآخرين والتحدث عنهم وكأننا نعرفهم.