وطن يستجدي الرحمة ، بقلم : نسرين عجب
كيف حال لبنان؟ ينازع وهم يتفرجون عليه.
كيف حال الشعب اللبناني؟ هو الآخر ينازع، والسياسيون يزيدون الخناق عليه.
كيف حال العدالة؟ ماتت منذ زمن.
كيف حال الضمير؟ هو الآخر مات منذ زمن ودُفن مع العدالة.
“أوعا زعيمي… أوعا طائفتي…أوعا حصتي… الكل يستشرس… إلا هذا الوطن متروك لقدره المشؤوم لا أحد يدافع عنه، بل على العكس أصبح كجيفة تتسابق على انتهاشها الضباع!
حالنا في لبنان بات كحال من ينبش في مقبرة جماعية، أينما يضع معوله يجد جماجم وعظام بلا روح أو حياة… وهكذا حالنا في هذا البلد، في الاقتصاد والسياسة وصولاً إلى الضمير، هذا الأخير بتنا ننعيه بالمأسوف عليه.
في بلدنا، فيروس كورونا الذي يفتك بالناس ويقتل الكثير منهم ينظر اللبنانيون إليه باستخفاف، حتى هذا الوباء يرونه رؤوفاً بالمقارنة مع من يجلدونهم بلا رحمة.
في بلدنا، يتاجرون بكل شيء، بالدم، بالقيم، بالناس، بالمساعدات الانسانية… حتى بالله يتاجرون… ويقامرون بنا وبالوطن، علّ ضربة حظهم تصيب ويحصلون على ما تتوق إليه أنانيتهم، أو يحافظون على ما حصدوه على مدى سنوات على حساب بلد منهك.
كلهم شركاء… يعتلون المنابر، يحاضرون بالعفة، يتهمون بعضهم البعض، ولكن كلهم شركاء… وما يفعلونه من عزف على لحن الفساد ما هو إلا وسيلة ليضغطوا بها على بعضهم البعض، كُل ليُرضخ الآخر لشروطه… لو لم يكونوا كذلك لكانوا فتحوا كل الملفات التي بحوزتهم. نعم كل منهم يحتفظ بملفات الآخر لضرورات النكايات السياسية.
لو لم يكونوا كذلك، لكانوا كشفوا كل الأوراق، حرروا القضاء وتركوه يأخذ مجراه ويحاسب… ولكن كلهم شركاء بالصفقات والمحاصصة، وهم يتحاصصون بكل شيء… حتى على جسد وطن متهالك يتساومون، يختلفون على قطع الجبنة، لهذا وذاك… وكأن شيئاً لم يكن… لا يخجلون… ما أوقحهم!
ماذا بقي من لبنان ليتحاصصوه؟ ماذا بقي من الشعب ليتحمّل؟ في لبنان لم تستنفذ هذه الطبقة الحاكمة خيرات هذا البلد الصغير وحسب، بل استنفذت كل شيء: الصبر والتحمّل، الغضب والنقمة…. واستنفذت معهم الأمل!
في هذا البلد لم يستطع شعب مجروح أن يأتمن من ولوا أنفسهم عليه، على تحقيق عادل وشفاف يحاسب، بعد أربعة أشهر، مجرمين مسؤولين عن تدمير بيروت وقتل وتشريد أهلها، فكيف يأتمنهم على وطن يموت ويستجدي الرحمة!