العلامة الأولى…
ثبت في صحيح مسلم من حديث أُبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه
وسلم أخبر أن من علاماتها أن الشمس تطلع صبيحتها ولا شُعاع لها
العلامة الثانية…
ثبت من حديث ابن عباس عند ابن خزيمة ورواه الطيالسي في مسنده
وسنده صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”ليلة القدر ليلة طلقة
لا حارة ولا باردة، تُصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة”
العلامة الثالثة…
ثبت عند الطبراني بسند حسن من حديث واثلة بن الأسقع رضي الله
عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”ليلة القدر ليلة بلجة لا حارة ولا
باردة لا يُرمى فيها بنجم”
هذه ثلاثة أحاديث صحيحة في بيان العلامات الدالة على ليلة القدر
وهناك حديث رواه أحمد في مسنده عن عبادة بن الصامت رضي الله
عنه وسنده صحيح إلا ما يُخشى من انقطاعه لكن يشهد له ما سبق
وهو حديث طويل وعجيب قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم:”إنها ليلة
صافية بلجة كأن فيها قمراً ساطعاً وهي ليلة ساكنة صاحية، لا حر فيها
ولا برد، ولا يحلُ لكوكب أن يُرمى فيها. والشمس تطلع صبيحتها
مستوية، لا شعاع لها، مثل القمر ليلة البدر، و لا يحل للشيطان أن يخرج
معها يومئذ”
والحديث كما أسلفت لا بأس بإسناده في الشواهد إلا أنه يخشى من
انقطاعه فإنه من رواية خالد بن معدان عن عبادة بن الصامت ولم يثبت
له منه سماع
وقد ذكر بعض أهل العلم علامات أخرى، لا أصل لها، وليست بصحيحة
وإنما أذكرها لأنبه إلى عدم صحتها
ذكر الطبري أن قوماً قالوا إن من علاماتها أن الأشجار تسقط حتى تصل
إلى الأرض ثم تعود إلى أوضاعها الأصلية. وهذا لا يصح
وذكر بعضهم أن المياه المالحة تصبح في ليلة القدر حلوة وهذا لا يصح
وذكر أيضاً أن الكلاب لا تنبح فيها وهذا لا يصح
وذكر آخرون أن الأنوار تكون في كل مكان حتى في الأماكن المظلمة في
تلك الليلة وهذا لا يصح
وذكر أن الناس يسمعون في هذه الليلة التسليم في كل مكان. وهذا لا
يصح إلا أن يكون المقصود أن ذلك لفئة خاصة ممن اختارهم الله تعالى
وأكرمهم فيرون الأنوار في كل مكان ويسمعون تسليم الملائكة فهذا لا
يبعد أن يكون كرامة لأولئك الذين اختارهم الله واصطفاهم في تلك الليلة
المباركة وأما أن يكون ذلك عاماً فهذا باطل معارض لدلالة الحس
المؤكدة. ومشاهدة العيان
ونختم الحديث عن هذه الليلة المباركة بالأمرين التاليين:
الأول:
ينبغي أن يُعلم أنه لا يلزم أن يعلم من أدرك ليلة القدر أنه أدركها وإنما
العبرةُ بالاجتهاد والإخلاص سواء علم بها أم لم يعلم، وقد يكون من
الذين لم يعلموا بها لكنهم اجتهدوا في العبادة والخشوع والبكاء والدعاء،
قد يكون منهم من هم أفضل عند الله – تعالى – وأعظم درجة ومنزلة
ممن عرفوا تلك الليلة.
الثاني:
أن ليلة القدر ليست خاصة بهذه الأمة على الراجح بل هي عامة لهذه
الأمة وللأمم السابقة، فقد روى النسائي عن أبي ذر أنه قال: يا رسول
الله هل تكون ليلة القدر مع الأنبياء فإذا ماتوا رفعت؟ قال عليه الصلاة
والسلام:”كلا بل هي باقية”
وهذا الحديث أصح من الحديث الذي رواه مالك في الموطأ أن النبي
صلى الله عليه وسلم أُري أعمار أمته فكأنه تقالها، فأعطي ليلة القدر،
وهي خيرٌ من ألف شهر -وقد تقدم ذكر الحديث- وعلى فرض صحة هذا
الحديث فهو قابل للتأويل وأما حديث أبي ذر فهو صريح في أن ليلة القدر
تكون مع الأنبياء ومما يقوي ذلك قول الله تعالى:ء {إنا أنزلناه في ليلة
القدر} سورة القدر:1. فمن المعلوم أن القرآن يوم أنزل أنزل بالنبوة على
محمد صلى الله عليه وسلم ولم يكن قبل ذلك نبياً حتى تكون تلك الليلة
ليلة القدر في حقه …
(((( والله اعلم ))))