شفا – الكاتب تحسين يقين ، مروساً بعبارة “الجدار لا يولد من الاسمنت فقط، بل من الأفكار أيضا!”، صدر حديثاً للكاتب تحسين يقين كتاب “فنون جميلة وجدار قبيح: مقاومة الفن لجدار الضم والتوسع والحواجز في فلسطين”.
وقد جاء الكتاب في ستة فصول، شملت مقاومة كل من التصوير الفوتوغرافي، والفن التشكيلي للمصورين والفنانين الفلسطينيين والوافدين، والأفلام والمسرح والموسيقى والغناء، مختتماً بالجدار هناك حيث سقط في ألمانيا، من خلال معرض فني لمصور فلسطيني. وقد احتوى كل فصل على أقسام تفصيلية للنشاطات الفنية كل حسب الشكل والجنس الفني، وقد وقع الكتاب في 192 صفحة من القطع المتوسط الملون. أما لوحة الغلاف فكانت للفنان التشكيلي طالب الدويك.
في أسلوب يمزج بين الفن والنضال ضد جدار الضم والتوسع، يقدّم الكاتب تحسين يقين هذا الكتاب، تقديراً لدور الفنون الإنسانية في انتصارها للحق والسلام وتحرر الشعوب من الاحتلال. والكتاب هو ثمرة متابعة الكاتب يقين كصحفي وناقد فني للنشاطات الفنية المناهضة للجدار، والتي شارك فيها فنانون من فلسطين إضافة إلى فنانين وافدين. وقد صدر الكتاب بدعم من برنامج مناهضة الجدار والاستيطان في وزارة الدولة.
التحريض على المقاومة الشعبية السلمية
وقد قام بتقديم الكتاب المهندس ماهر غنيم وزير الأشغال العامة، وزير الدولة لشؤون الاستيطان والجدار السابق، الذي رآه متفائلاً بالفن كجماليات إنسانية، ويقدّر دورها الإنساني والقيميّ، فليس أجمل من الفنون التي تقرّب بين البشر، وليس أسوأ من الجدران التي تميّز بين الأجناس والأديان وتسطو على أحلامهم.
وذكر غنيم أن بروز دور الأعمال الفنية كصورة فوتوغرافية ولوحة فنية وفيلم ومسرحية وموسيقى وغناء في مناهضة الجدار والاستيطان، يأتي في سياق التحريض على المقاومة الشعبية السلمية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته لحقوق الإنسان في فلسطين. واعتبر غنيم أن مقاومة الفنانين الفلسطينيين لجدار الضم والتوسع إنما هي تعبير عن رفض الاحتلال والاستيطان، في حين رأى أن مقاومة الفنانين الوافدين والأجانب لجدار الضم والتوسع، هو أحد تجليات قيامهم بدورهم كفنانين ينتصرون للحقوق الإنسانية، والتي ترفض كل أشكال الاحتلال في دلالة مهمة على حيوية الضمير العالمي الرافض للاحتلال. وأضاف أن مقاومة الفن أيضاً وسيلة ذات عمق إنساني مؤثر، كونه يجعل من مضمونه رسالة إنسانية متبنّاة من المتلقين لهذه الفنون، تظهر بشاعة هذا الاحتلال، فالحلم الفلسطيني ومعه الإيمان بعدالة القضية حرّك ضمير الفنانين هنا، وهناك في خارج فلسطين كي يبدعوا وكي ينتصروا للحق.
أما عن هدف دعم الكتاب، فقد ذكر الوزير غنيم أنه من أجل توفير أدبيات موثقة ترصد وتحلّل وتنقد ما تناولته الفنون من جهة، ولتكريم كل الفنانين المشاركين من جهة أخرى.
وفي هذا السياق ثمّن غنيم عالياً قراءة الكاتب تحسين يقين لهذه الفنون، وتناولها نقدياً في سياقها التوثيقي، سواء أكان مصدرها الفنانون في فلسطين أو الفنانون الزائرون والأجانب المتضامنون معنا. و”كي تكون من جهة أخرى، مصدر معلومات للمهتمين في الفنون المقارنة كما هو الحال في الأدب المقارن، فمادة الكتاب معرفة نوعية في رصد ونقد مناهضة الفنون للجدار لمن يودّ مقارنة الفنون التي تناولت جدار الضم والتوسع والحواجز العسكرية والاستيطان في فلسطين، مع تلك الفنون التي تناولت الجدران والحواجز والتفرقة في بلاد أخرى. فكما لدينا الأدب المقاوم، أصبح هناك الفن المقاوم”.
ودعا غنيم الفنانين للاستمرار في حملة التضامن والتفاعل الفني ضد الحواجز والجدران.
التصوير الفوتوغرافي أكثر الألوان الفنية
من جهته أوضح الكاتب تحسين يقين معلقاً على الفنون التي قاومت الجدار لأسباب لها علاقة بالتقنيات الفنية، “أنه كان من السهل التعبير الفني باستخدام التصوير الفوتوغرافي أو الكتابة بسبب يسر الصناعة، لذلك كان التصوير الفوتوغرافي أكثر الألوان الفنية بشكل خاص، وتبعه الفيلم الوثائقي، في حين تأخرت صناعة المسرحيات واللوحات التشكيلية كونها تحتاج إلى وقت حتى ينضج التناول الإبداعي معها، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فان تقنية المسرح وصعوبة العمل فيه، أخّرت ظهور مسرحيات تعالج الجدار، حيث إن إنتاج مسرحية يكلف وقتاً وجهداً.
وأضاف: لقد رأينا ان المعارض الفنية الفوتوغرافية، والأفلام الوثائقية كانت الأبرز في تناول حدث جدار الفصل العنصري، وقد يعود السبب أيضاً إلى وجود سوق عالمية تقبل على شراء هكذا أفلام وصور.
وقد لاحظ يقين أن هناك عدداً ملحوظاً للأجانب الذين عبّروا عن جدار الضم والفصل العنصري كما لاحظنا إبداع هؤلاء في الأسلوب الفني، كونهم أكثر خبرةً في إنتاج هكذا أعمال، لكن يمكن قراءة إبداعات الغربيين عن الجدار قراءة إيجابية تنتصر للضحية ضد السياسة العنصرية للاحتلال الإسرائيلي.
واختتم الكاتب مقدمته بأنه يجد نفسه مقاوماً للجدار كما قاومه الفنانون والمواطنون أصحاب الأرض، أولئك الذين ما زالوا مصدر إلهام للمبدعين الذين اختاروا الوقوف إلى جانب المقهورين.
دور الفن في مناهضة الجدار
وقد ذكر الكاتب والشاعر عبد الحكيم أبو جاموس الذي قام بتحرير الكتاب ومراجعته، بأن الكتاب يسعى إلى التأكيد على دور الفن في مناهضة جدار الضم والتوسع، لما للفن من قدرة على جذب الجماهير، كونه وسيلة اتصال جماهيرية عميقة التأثير في نفوس المتلقين. واعتبر أبو جاموس أن الكتاب تقدير لكل الفنانين المشاركين في مناهضة الجدار وجميع أشكال الحواجز، داعياً الفنانين في فلسطين والعالم إلى تركيز جهدهم الفني والإنساني لمناهضة الاحتلال وما خلقه من حواجز وجدران.
وأضاف أن الكتاب رصد تقريباً معظم أنواع الفنون، ومعظم المشاركات الفنية، لذا فإنه يعد توثيقاً لهذه النشاطات، ومن ناحية أخرى أشاد المحرر بلغة الكتاب كون الكاتب ناقداً فنياً، فالكتاب يمكن أن يندرج ضمن النقد الفني، كما يندرج في موضوع مناهضة الجدار والحواجز.
ويرى أبو جاموس أن الكتاب يوفّر اليوم مادة للفنانين أنفسهم، ليروا تجارب زملائهم، ليفكّروا بإبداعاتهم الجديدة، كي يضيفوا لهذا الموضوع بدلاً من التكرار. في الوقت نفسه، فإن الفرصة ما زالت أمام الفنانين والأدباء ليبدعوا في جميع الأشكال والأجناس الفنية والأدبية، للتأثير على الرأي العام العالمي بأسلوب جمالي.