لا تزرع في أرضي شوكاً لعلّك غداً تأتيني حافياً بقلم : ثائر نوفل أبو عطيوي
لا تزرع في أرضي شوكاً لعلّك غداً تأتيني حافياً وهو عنوان المقال المستوحى من مقولة الكاتبة والأديبة السورية “غادة السمان ” والذي اخترناه ليكون بمثابة اطلالة من نوع آخر من حيث المفردات السياسية على الوضع الفلسطيني من جهة ، وعلى الحالة التنظيمية الفتحاوية على وجه الخصوص من جهة أخرى.
من المعلوم في أبجديات السياسة ومن أهم قواعد علومها أن ليس هناك صديق ثابت أو عدو دائم بل هناك قانون المصلحة الذي يحتكم في تركيبته إلى ايجاد قواسم مشتركة تجمع الأطراف وحتى في لحظات النزاع والخلاف في حال التقاء المصالح المشتركة للأطراف المتنازعة ، ولا أهمية هنا لأي معايير أو ضوابط تحدد صفة العلاقة من حيث صفاء النية أو تأجيل النية التي تكن البغضاء والعداء لوقت آخر بسبب تلاقي المصالح المشتركة بين الفرقاء السياسيين وحتى ولو كانوا على درجة عالية من الخلاف ومتنازعين ، فالمصلحة ونوعها هي التي تحدد العلاقة وتحكم الموقف.
لا تزرع في أرضي شوكاً لعلّك غداً تأتيني حافياً ، وهي العبارة التي لا بد التوقف عندها جيداً والتمعن في مفرداتها ملياً من قبل الأحزاب ذات السياسات التي تعتمد في رؤيتها على التقاء المصالح كقواسم مشتركة في ظل وجود حالة الحقد والكراهية للآخر ، ومسايرة الأمور نظراً للاضطراب في واقعها واختلال موازين قواها وعدم وضوح رؤياها ، من أجل الهدف الأسمى لها تغليب مصالحها الحزبية والفئوية على المصلحة الوطنية ، وتجيير مفردات ومصطلحات ومفاهيم هدفها تلوين وتزيين واقع مختلف غير متين ومتزن في تحديد العلاقة السياسية والوطنية مع أي طرف يجمعها به مفهوم المصلحة السياسية القائمة على النظرة بعين واحدة وفي اتجاه واحد ، واتباع حالة الاغفال والاستغفال عن ما هو مطلوب منها وطنياً وشعبياً من استحقاقات وانجازات وطنية تقوم بالأصل على النظرة الشمولية للواقع وما يحيط به من تفاصيل ومستدركات حتى لا تبق الحالة السياسية رهينة الاستنتاجات القائمة على التخمين والاحتمالات.
لا تزرع في أرضي شوكاً لعلّك غداً تأتيني حافياً … وهي الرسالة للشق الثاني من البيت القصيد للإطلالة السريعة على الحالة التنظيمية الفتحاوية في ظل الواقع الملحوظ الذي ليس خافياً على أحد لما وصلت إليه حال حركة فتح في كل الأحوال ، نتيجة للسياسات التي تتبعها عمدا اللجنة المركزية لحركة فتح وعلى رأس هرمها الرئيس محمود عباس ، والتي من أهم عناوينها الواضحة التهميش والاقصاء والتفرد في صنع القرار ، واتخاذ الإجراءات التنظيمية التي لا علاقة لها في رفعة وشأن الحركة بل تؤثر عليها وعلى شعبيتها بالسلب ، وعدم الاستماع للمزاح الفتحاوي العام في الشأن التنظيمي ، وحدوث حالة انفصال وانعزال تام بين الأطر الحركية والقواعد التنظيمية داخل صفوف الحركة ، ولعل من أهم العناوين الرئيسية التي أدت إلى نفور الكادر التنظيمي من سياسية القيادة التنظيمية الممثلة في “بعض” شخوص اللجنة المركزية، وتجيير الأجهزة الأمنية لصالح مصالح شخصية بعيدة عن الاشاعات في تسمية ما يحدث تهديد للسلم الاجتماعي أو السياسي المخالف للحقيقة على أرض الواقع ، وما آلت إليه الأوضاع مؤخرا من حملة الاعتقالات السياسية في مخيمات ضفتنا الغربية ولا سيما في مخيمي الأمعري وبلاطة ، والتي أسفرت عن ملاحقة كوادر ومناضلين الحركة ومداهمة بيوت الفتحاويين حتى وصل الأمر إلى استشهاد المناضل “حاتم ابو رزق” ، خير شاهد ودليل على الحدث وطبيعته ومجرياته التي تستهدف الصوت الفتحاوي المناضل الرافض لتجيير الحركة واستخدام الأجهزة الأمنية وكوادرها الفتحاويين لصالح شخوص معينة بحد ذاتها بهدف المحافظة على مصالحها التي تتعارض مع المصالح التنظيمية من جهة، والمصالح الوطنية العامة من جهة أخرى.
لا تزرع في أرضي شوكاً لعلّك غداً تأتيني حافياً … الرسالة الوطنية إلى كل الفصائل والأحزاب والمؤسسات الحقوقية التي ينص مضمون محتواها أنه بات من غير المقبول والمعقول بقاء حالة الصمت المريب والواضح الصريح تجاه ممارسات القمع والتنكيل والاستبداد بحق المناضلين من مخيمات ضفتنا الغربية ، ولا بد الخروج من حالة الصمت إلى حالة القول والفعل نحو الإيجابية لا البقاء رهينة في دائرة السلبية والحيادية، لأن المخيمات العنوان الأهم والأشمل للقضية الوطنية، ورسالتنا الثانية إلى قيادة السلطة الفلسطينية والتي هي بالطبع القيادة التنظيمية لحركة فتح ، أن لا تقحموا أبناء وكوادر الأجهزة الأمنية في صراع شخصي لا علاقة لهم به لا من قريب أو بعيد ، وأن عليكم تحييد أطر الحركة التنظيمية من مظاهر الاستزلام المصطنع الذي يمارس ضد الكوادر الفتحاوية المناضلة، فلكل هذا نقول وبموضوعية وطنية واضحة ، ” لا تزرع في أرضي شوكاً لعلّك غداً تأتيني حافياً”.