القدوة السلبية ، بقلم : فاطمة المزروعي
توقفت كثيراً عند كلمات أعتقد أن البعض سبق أن مرت به، وهي للممثل الساخر والكاتب ويل روغرز، جاء فيها: «الكثيرون جداً من الناس ينفقون ما لم يكسبوه لشراء أشياء لا يحتاجون إليها من أجل التأثير على أشخاص لا يحبونهم». توقفت عند هذه الكلمات لأنها تنقل واقعاً تعيشه معظم المجتمعات، بل إن وضع تسهيلات القروض وتطور البطاقات الائتمانية تقوم على هذه الآلية، وتنشط لتسد هذه الفجوة، بمعنى أن الكثير من الناس موردهم المالي أو ما يكسبونه شهرياً من المال محدود، وبصعوبة يغطي متطلبات ملحة مثل الإيجار والطعام وصيانة السيارة ونحوها من الجوانب الاستهلاكية الهامة، ومع هذا تجد أن هناك صوراً للبذخ والرفاه والثراء، وعند التدقيق تكتشف أنها نتيجة للمديونية والاقتراض وسحب المال بالدين وتسديده بالاستقطاع من الدخل الشهري المحدود؛ أعتقد أن مثل هذه الحالة ليست غريبة على أحد أو كلماتي حولها ليست جديدة. عند التفكير تكتشف جانباً مهماً من هذه الحالة النفسية التي تتلبس البعض ويعتقد معها أنه يحتاج لكل هذه المستلزمات الحياتية، وهو في حقيقة الأمر لا يحتاجها لا من قريب ولا من بعيد، وكأن الناس يتأثر بعضهم ببعض، فلان اشترى سيارة جديدة، يجب أن أبيع سيارتي وأقوم بشراء أخرى جديدة أيضاً، فلان أقام حفلة بمناسبة كذا، يجب أن نبحث عن مناسبة لنقيم نحن أيضاً حفلة، جيراننا ذهبوا في رحلة سياحية إلى بلد أوروبي، يجب نحن أيضاً أن نذهب. أعتقد أنها حالة من التقليد والاقتداء السلبي، وفي نهاية المطاف حالة من المديونيات والالتزامات المالية لسنوات طويلة. البعض لديه هوس بلبس رداء ليس رداءه، يقلد وثمن هذا التقليد باهظ من المديونيات والأقساط الشهرية التي تستقطع من الراتب الشهري الضعيف. يجب أن يتنامى الوعي بنبذ التقليد والاقتداء السلبي، وتعلم كيف إدارة حياتك بموضوعية ومنطقية ووفق الإمكانيات المتاحة والمتوفرة دون إثقال كاهلك بديون مالية شهرية لا مبرر لها.