شفا – أطلقت الشرطة التركية الغاز المسيل للدموع وطاردت مئات المشيعين أثناء مراسم دفن محامية مسجونة توفيت بعد إضراب طويل عن الطعام دام 238 يوما احتجاجا على الحكم بإدانتها بتهم مرتبطة بالإرهاب.
وكتب “مكتب هالكين للمحاماة” في تغريدة على تويتر “استشهدت إيبرو تيمتيك العضو في مكتبنا”.
وقال أصدقاء تيمتيك (42 عاما) إنّها كانت تزن 30 كلغ فقط وقت وفاتها مساء الخميس، ما أثار تنديدا كبيرا من أحزاب المعارضة في تركيا وروابط المحاماة الدولية والاتحاد الأوروبي.
وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع فيما كانت أسرة وأصدقاء تيمتيك يقتربون من مقبرة في شمال اسطنبول، على ما شاهد فريق من وكالة فرانس برس.
وهتف المشيعون “تيمتيك خالدة” و”الدولة القاتلة مسؤولة” بعد أن وضعوا رداء المحاماة الخاصة بها وزهورا على قبرها.
وهددت الشرطة المسلحة بدروع مكافحة الشغب بمهاجمة المشيعين إذا لم يتوقفوا عن ترديد الشعارات وطاردتهم بعد مراسم الدفن.
وشاهد صحفي في فرانس برس اعتقال صبي صغير.
وأكّد الاتحاد الأوروبي أنّ وفاة تيمتيك تكشف “أوجه القصور الخطيرة” في النظام القضائي التركي.
وقال الناطق باسم الاتحاد بيتر ستانو في بروكسل إنّ “إضراب إيبرو تيمتيك عن الطعام للحصول على محاكمة عادلة ونتيجته المأساوية توضح بألم حاجة السلطات التركية العاجلة لمعالجة وضع حقوق الإنسان في البلاد”.
وكانت المحامية وزميلها أيتاك أونسال المضرب عن الطعام في السجن أيضا، عضوين في رابطة المحامين المعاصرين المتخصصة بالدفاع عن القضايا الحساسة سياسيا.
وتتهم السلطات التركية هذه الجمعية بالارتباط بالمنظمة الماركسية اللينينية المتشددة “جبهة/حزب التحرير الشعبي الثوري” التي نفذت اعتداءات وتعتبرها أنقرة وحلفاؤها الغربيون “إرهابية”.
وأعلنت جبهة التحرير الشعبي الثوري مسؤوليتها عن عدد من الهجمات الدامية في تركيا من ضمنها تفجير انتحاري استهدف السفارة الأميركية في أنقرة في 2013 وأسفر عن مقتل حارس أمن تركي.
والعام الماضي، دانت محكمة تركية 18 محاميا من بينهم تيمتيك بتهم “تأسيس وإدارة منظمة إرهابية” و”الانتماء إلى منظمة إرهابية”.
وحكم على تيمتيك، الموقوفة منذ أيلول/سبتمبر 2018، بالسجن 13 عاما بعد إدانتها وبدأت في شباط/فبراير إضرابا عن الطعام للمطالبة بمحاكمة عادلة.
وكانت تيمتيك محتجزة في سجن سيليفري، وهو مجمع سجون ومحاكم ضخم على أطراف اسطنبول.
وفي تشرين الأول/أكتوبر الفائت، أيدت محكمة استئناف في اسطنبول أحكام السجن الصادرة بحق المحامين.
ورفضت محكمة في اسطنبول الشهر الماضي الإفراج عن المحامية تيمتيك على الرغم من تقرير طبي يؤكد أن حالتها الصحية لا تسمح لها بالبقاء في السجن.
وتم تقديم طلب ثان إلى المحكمة الدستورية لم يُجدِ أيضا.
وبدلا من الإفراج عنهما نقل المحاميان إلى مستشفيين مختلفين في تموز/يوليو.
وقال مقربون من تيمتيك إنها لم تكن تتناول سوى مياها محلاة وفيتامينات خلال إضرابها عن الطعام، ولم يكن وزنها يتجاوز 30 كلغ عند وفاتها.
وأعرب مجلس النقابات والجمعيات القانونية في أوروبا، الذي يمثل النقابات في 45 دولة أوروبية ، عن “صدمته” في رسالة إلى الرئيس رجب طيب أردوغان.
وحضّ أردوغان على إنقاذ أونسال من مصير مماثل بضمان محاكمة عادلة له.
وقبل دفن المحامية، استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق تجمع بالقوة لاصدقاء وأنصار المحامية فيما كانوا يحاولون معاينة جثمانها في مقر مجلس الطب الشرعي حيث يفترض أن يجري تشريح جثتها.
وذكرت صحيفة جمهوريت أنّ الشرطة اعتقلت أربعة اشخاص على الإثر.
بعد الانتهاء من تشريح الجثمان في مجلس الطب الشرعي، وصل حوالي 300 شخص إلى مسجد للعلويين على الطرف الشمالي من اسطنبول حيث أقيمت مراسم الجنازة.
وقالت صحافية في فرانس برس إن الشرطة أغلقت المنطقة ونشرت عدة شاحنات بخراطيم المياه بينما حلقت مروحية تابعة للشرطة في سماء المنطقة.
وكان أصدقاء تيمتيك وأنصارها يخشون أن يتم دفن جثمانها سرا، وتجمع حوالي 300 شخص خارج مجلس الطب الشرعي عندما انتشرت أولى الأنباء عن وفاتها مساء الخميس.
وأفاد المحامي وصديق المحامية سنان زينجير فرانس برس مساء الخميس “عندما يستشهد ثوار او اكراد… تخطف (السلطات) الجثامين وتدفنها في أماكن مجهولة عند منتصف الليل”.
وتابع “نحن هنا لمنع مثل هذه الحالة”.
وأدانت أحزاب المعارضة بشدة وفاة تيمتيك الذي قال أصدقاؤها إنها ولدت في العام 1978.
وكتب النائب عن حزب الشعوب الديمقراطي غارو بايلان على تويتر “إيبرو تيمتيك ذبحت على أيدي الطغاة في السلطة!”.
وقال سيزغين تانريكولو النائب عن حزب الشعب الجمهوري (الاشتراكي الديموقراطي) في تغريدة “إيبرو تيمتيك أرسلت إلى الموت أمام أعيننا”.
واضاف “خسرناها بسبب الضمير الأعمى للقضاء والسياسات. كانت رغبتها الوحيدة محاكمة عادلة ونزيهة”.
وشهدت تركيا في الماضي إضرابات عن الطعام نظمتها جماعات سياسية يسارية.
والعام الماضي، أنهى آلاف السجناء إضرابهم عن الطعام احتجاجًا على ظروف احتجاز الزعيم الكردي عبد الله أوجلان بعد حوالي 200 يوم من بدئه.