شفا – قال د. عبد الحكيم عوض عضو المجلس الثوري لحركة فتح، :”لا أعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية تفرض شروطاً على إسرائيل وعلى حكومة نتنياهو بقدر ما أن هذا التغير الجديد من قبل أمريكا له بعض الأسباب:”.
وأضاف في لقاء متلفز على قناة “الكوفية”:”أول هذه الأسباب أن الولايات المتحدة الأمريكية وجدت معارضة كبيرة وحادة من قبل دول عديدة في العالم، حيث أنها لم تتوقع أن تكون معارضتها بهذا الشكل والحدة، بما في ذلك دول صديقة لفلسطين كالاتحاد الأوروبي، ودول عربية”.
وتابع عوض:”كما أن ترامب نفسه ليس لديه الوقت لمراجعة تفاصيل خطوة الضم الإسرائيلية، لأنه واضح جلياً أن فيروس كورونا يعتلي عرشي ترامب ونتنياهو في آن واحد، ويهددهما بالسقوط من سدة الحكم في كلاً من الولايات المتحدة الأمريكية، ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وهذا العامل برز بشكل واضح على الطاولة فيما يتعلق بموضوع الضم الإسرائيلي”.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية، لاتريد أن يكون هناك خلافاً إسرائيلياً – إسرائيلياً على الضم، مشيراً إلى أن كل التأخير الذي يرتبط بطرح صفقة القرن كان متعلق بموعد إجراء الانتخابات واستقرار الحكومة الإسرائيلية، وكانت رغبة الولايات المتحدة أن يكون هناك حكومة وحدة إسرائيلية في نظرها ترتقي إلى مستوى تحدي تطبيق صفقة القرن، أو تحدي الضم، واستمرت في متابعة كل الانتخابات التي مرت على مدار ثلاث انتخابات خلال عام ونيف إلى أن استقرت هذه الحكومة، إدارة ترامب لاتريد لحكومة منقسمة على نفسها أن يجري الضم بعد اعطاء الضوء الأخضر لذلك”.
وبين عوض أن الموضوع كبير على مستوى التاريخ، وعلى ردود أفعال حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية سواء الدوليين أو العرب، وعلى الشأن الإسرائيلي ذاته، فهذا الأمر لأول مرة يطرح في التاريخ الإسرائيلي بهذه الطريقة وبهذه القوة، مشيراً إلى أن نتنياهو كان أيديولوجياً ضد الضم، ومؤسسات الأمن الإسرائيلية كلها ضد الضم أيضاً، لأن له ارتدادات أمنية خطيرة على الأمن والاستقرار الإسرائيلي، وبالتالي كان هذا الأمر يطرح بشكل نظري ويؤجل”.
وواصل حديثة قائلاً:”الآن الولايات المتحدة الأمريكية نظراً لكل هذه الاعتبارات، لماذا يهمها أن يكون هناك وحدة حال؟، كي تتحمل كل التداعيات الناتجة عن الضم، سواء فلسطينياً في حال وجود انتفاضة رابعة، أو وجود عمليات فدائية داخل إسرائيل بعد أن اختفت عقد من الزمن، أو دولياً حجم العقوبات المفروضة على إسرائيل، ومن سيتصدى لتلك العقوبات، أو عربياً إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية راغبة في التطبيع بطيء لبعض الأطراف العربية مع إسرائيل فإن هذا كله سيندثر ولن يضل قائم، كل هذا يدفع أمريكا للتعامل مع حكومة إسرائيلية واحدة بطرفي الائتلاف غانتس ونتنياهو كي يقررا الضم”.
وأوضح أنه غانتس وشريكة وزير الخارجية الاسرائيلي من حزب أبيض أزرق لديهم معارضة واضحة من الضم، ربما يتعذران بالكورونا التي تجتاح إسرائيل في موجة ثانية، وأبرز فشل الحكومة الإسرائيلية في السيطرة عليه، كما أن هناك مظاهرات في إسرائيل، هذه الأسباب تجعل من موضوع الضم غير مستقر في العقلية الإسرائيلية، ولكنه لم يغيب، وبالتالي لا يمكن فلسطينياً التعامل مع الضم على أنه انتهى، نظراً لكل هذه الأسباب، الأصبع يجب أن يبقى على الزناد، والعقل الفلسطيني يجب أن يفكر في كيفية مواجهة الضم”.
ونوه عوض إلى أن الشروط الأمريكية الجديدة للضم، تعني أن الأمريكان يريدون من الإسرائيليون أن تعطي مقابل حتى تخفف من ردود الأفعال العالمية على الضم، فالولايات المتحدة الأمريكية اشترطت على إسرائيل أن تلغي القرارات والقوانين المرتبطة بوقف البناء في المناطق الفلسطينية ج و ب”، والسماح للفلسطينيين بالبناء فيها”.
وأضاف:” وأن يعطي نتنياهو الفلسطينيين بديلاً لبناء الدولة، وفقاُ لرؤية ترامب أو مايسمى صفقة القرن، مؤكداً أن هذه الشروط لا يعطي نتنياهو أي رأي تجاهها حت اللحظة لأنه يخشى المستوطنين الذين يضغطون على نتنياهو، الذين يعتبرون أنه خذلهم وخانهمـ وأخذ أصوتهم دون أي مكافئة، وأنه وعدهم وعداً كاذباً ولم يطبق الضم حتى هذه اللحظة، وأنه يتعذر بكورونا وغانتس”.
وأشار عوض أن نتنياهو يخشى أن يعطي بديلاُ للفلسطينيين خوفاً من أن يرفع اليمين الإسرائيلي المظلة عن نتنياهو، وبالتالي ينحسر نفوذ حزب الليكود في المشهد السياسي الإسرائيلي، منوهاً إلى أن كل هذه الأسباب تجعل نفوذ الضم غائباً عن إلى حد ما، وإلى وقت ما، وهذا لا يجب أن يجعل الفلسطينيين بأي حال من الأحوال أن يعودوا خطوة إلى الوراء كما وحدث أن تم إلغاء مظاهرة رام الله الأسبوع الماضي بسبب كورونا وتفاقمها في الضفة.
ورأى أنه يجب على الشعب الفلسطيني وفصائله وقواه الحية، أن تضل في حالة عمل دؤوب، مع التخطيط المتواصل لمواجهة الضم، كما أننا بحاجة إلى قرارات خارج حيز التفكير التقليدي، والمضي قدماً بعد التقارب بين حركتي فتح وحماس، وأن يفكر الرئيس أبو مازن بالذهاب إلى غزة، والتوافق على خطة استراتيجية وبناء جبهة وطنية لمواجهة الضم وكل المخططات الإسرائيلية، واتخاذ الكثير من القرارات التي يدعو الشعب الفلسطيني كله إلى اتخاذها.