شفا – قال وزير الخارجية المصري سامح شكري لأسوشيتد برس أمس الأحد، إن مصر تريد من مجلس الأمن الدولي “القيام بمسؤولياته”، ومنع إثيوبيا من البدء في ملء خزان سدها الكهرومائي الضخم الذي شيدته حديثًا على نهر النيل، وسط انهيار المفاوضات.
وحذر شكري من أن ملء الخزان دون اتفاق من شأنه أن ينتهك إعلان المبادئ لعام 2015، والذي يحكم محادثات الدول الثاث، ويستبعد العودة إلى المفاوضات.
وقال: “لا نسعى إلى أي عمل قسري من قبل مجلس الأمن”.
وطلبت مصر، في رسالة من ثلاث صفحات إلى المجلس، دعوة إثيوبيا مرة أخرى إلى إجراء محادثات من أجل “حل عادل ومتوازن”، وحثها على الامتناع عن الخطوات الأحادية، محذرة من أن ملء السد دون اتفاق “يشكل خطرا واضحًا وحاضرًا على مصر، وتداعيات تهدد السلم والأمن الدوليين.”
واتهم شكري المسؤولين الإثيوبيين بإذكاء العداء بين البلدين.
أعلنت إثيوبيا الجمعة الماضية أنها ستبدأ في ملء خزان السد في يوليو/ تموز المقبل حتى بعد فشل أحدث جولة من المحادثات مع مصر والسودان الأسبوع الماضي في التوصل لاتفاق يتناول كيفية ملء السد، وتشغيله.
وطلبت مصر رسمياً من مجلس الأمن التدخل عن طريق رسالة في نفس اليوم: “مسؤولية مجلس الأمن هي معالجة تهديد وثيق الصلة بالسلم والأمن الدوليين، وبالتأكيد فإن الإجراءات الأحادية التي تتخذها إثيوبيا في هذا الصدد ستخلق مثل هذا التهديد”، حسبما قال شكري لأسوشيتد برس.
من المحتمل أن يؤدي ملء سد “النهضة” الإثيوبي الكبير إلى إيصال الخلاف المستمر منذ سنوات بين مصر والسودان وإثيوبيا حول المشروع الضخم الذي بلغت تكلفه تشييده 4.6 مليار دولار، إلى مرحلة حرجة.
وقالت إثيوبيا إن الكهرباء التي سيولدها السد “شريان حياة حاسم” لانتشال ملايين من سكانها من الفقر.
مع بداية موسم الأمطار في يوليو/ تموز، ستُجلب المزيد من المياه للنيل الأزرق، أحد روافد النيل الرئيسية، وتريد إثيوبيا البدء في ملء الخزان.
تخشى مصر، التي تعتمد على النيل في أكثر من 90٪ من إمداداتها المائية، “التأثير المدمر” لتشغيل السد دون مراعاة احتياجاتها.
السودان، الذي يعتمد إلى حد كبير على النيل أيضا للحصول على المياه، عالق بين المصالح المتنافسة.
حاولت الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا العام التوسط، لكن إثيوبيا لم تحضر اجتماع التوقيع على الاتفاق في فبراير/ شباط الماضي، واتهمت إدارة الرئيس دونالد ترامب بالانحياز لمصر.
وفي الأسبوع الماضي، غرد مجلس الأمن القومي الأمريكي على (تويتر) قائلا بأن “257 مليون شخص في شرق إفريقيا يعتمدون على إثيوبيا لإظهار قيادة قوية، وهو ما يعني إبرام صفقة عادلة.”
ثمة مخاوف من أن يتحول النزاع إلى صراع عسكري، خاصة وأن مصر – التي تواجه ما تصفه بالتهديد الوجودي- وصلت مرارا لطريق مسدود في محاولتها إبرام صفقة.
وأكد شكري أن الحكومة المصرية لم تهدد بعمل عسكري، وسعت إلى حل سياسي، وعملت على إقناع الشعب المصري بأن إثيوبيا لها الحق في بناء السد لتحقيق أهدافها التنموية.
وقال عن العمل العسكري “لم تقم مصر مطلقا خلال السنوات الست الماضية بالإشارة بشكل غير مباشر إلى مثل هذه الاحتمالات”.
لكنه قال إنه إذا لم يتمكن مجلس الأمن من إعادة إثيوبيا إلى طاولة المفاوضات وبدأ ملء السد، “فسوف نجد أنفسنا في وضع يتعين علينا التعامل معه”.
وأضاف “عندما يحين الوقت، سنكون صريحين وواضحين للغاية في الإجراء الذي سنتخذه”.
ودعت الولايات المتحدة وأعضاء مجلس الأمن الآخرين، إلى جانب الدول الأفريقية، للمساعدة في التوصل إلى اتفاق “يأخذ في الاعتبار مصالح الدول الثلاث”.
تتمثل النقاط الشائكة في المحادثات في كمية المياه التي ستطلقها إثيوبيا في اتجاه مجرى النهر من السد في حالة حدوث جفاف ممتد لعدة سنوات وكيف ستحل إثيوبيا ومصر والسودان أي نزاعات مستقبلية.
هذا الشهر، عقد وزراء من الدول الثلاث مفاوضات استمرت سبعة أيام عبر تقنية الفيديو، لكن المحادثات اختتمت يوم الأربعاء دون اتفاق. ولم يتم تحديد موعد للعودة إلى طاولة المفاوضات.
كان وزير الخارجية الإثيوبي جيدو أندارغاشيو قال لأسوشيتد برس يوم الجمعة إن ملء السد سوف يبدأ مع موسم الأمطار في يوليو / تموز ورفض الحاجة إلى اتفاق.
واتهم مصر بمحاولة “فرض إملاءات والسيطرة حتى على التطورات المستقبلية على نهرنا”.
ورد شكري أمس الأحد قائلا إن إثيوبيا تتراجع عن النقاط المتفق عليها من قبل.
أضاف “لقد كنا في كثير من الأحيان مرنين ومتساهلين. لكن لا يمكنني القول إن هناك إرادة سياسية مماثلة من جانب إثيوبيا”.
ووصف تصريحات أندارغاشيو بأنها “مخيبة للآمال”، مشيرا إلى “تصاعد الخصومة التي تم خلقها عمدا”.
وقال إن البدء في ملء الخزان الآن سوف يثبت أن هناك “رغبة في التحكم في تدفق المياه وأن يكون هناك متحكم وحيد مؤثر” في المياه التي تصل إلى مصر والسودان.
بعد انتهاء المحادثات يوم الأربعاء، قال وزير الري السوداني إن بلاده ومصر رفضتا محاولات إثيوبيا لإدخال بنود بشأن تقاسم المياه في اتفاق السد.
حصلت مصر على نصيب الأسد من مياه النيل بموجب اتفاقيات تعود لعقود من الزمن وقت الحقبة الاستعمارية البريطانية.
ويأتي 85 بالمائة من مياه النيل من النيل الأزرق عبر إثيوبيا.
وقال شكري إن مصر تؤكد أنه يمكن التوصل إلى اتفاق، لكن “يجب التفاوض بشأنه بحسن نية”.
أضاف أن أي اتفاق مستقبلي على تقاسم حصص مياه النيل يجب أن يأخذ في الاعتبار أن إثيوبيا لديها مصادر مياه أخرى إلى جانب النيل.