شفا – أكد رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض على أن صيف فلسطين هذا العام قد تميز بتزايدٍ ملحوظ في الأنشطة والفعاليات الثقافية، التراثية والفنية والترفيهية، وبالمئات من المخيمات والمعسكرات والأندية الصيفية وأنشطة الطلائع وأيام العمل التطوعي.
وأشار إلى تعدد المهرجانات وليالي الصيف الثقافية التي شهدتها محافظات وطننا المختلفة، والتي حملت أجواءً مُميزة وغنية، وجذبت عشرات الآلاف من أبناء شعبنا، وساهمت ليس فقط في تعميق التواصل بينهم، بل ومع العالم من خلال استضافة العديد من الفرق الفنية والفنانين العرب والأجانب.
واعتبر فياض، خلال حديثه الإذاعي الأسبوعي، أن هذه المهرجانات تُشكل فرصةً للترفيه والترويج للسياحة الداخلية، وهي في نفس الوقت تٌعتبرُ عملاً وطنياً بامتياز، حيث تُساهم في إحياء الرواية والحكاية الفلسطينية وتجديدها، كما تساهمُ في الحفاظ على الهوية الوطنية والثقافية من خلال إبراز إبداعات شعبنا وتراثه وعاداته وتقاليده. وقال “لقد أدرك أبناءُ شعبنا، منذ أعوامٍ طويلة أهمية التمسك بتراثهم وثقافتهم الوطنية في مواجهة محاولات الاستهداف الإسرائيلية المُبرمجة لهذا التراث، وسعيها لطمس وتزييف هويتنا وروايتنا الوطنية”. وشدد على أن إقامة هذه الفعاليات الثقافية والتراثية والوطنية شكّلت على الدوام رافعةً أساسيةً للنهوض بالمشروع الثقافي في فلسطين، وضمان انفتاحه على العالم وثقافاته.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن ما يُميزُ فعاليات صيف فلسطين أنها لم تعُد حكراً على المدن الرئيسية، بل باتت تنطلقُ في كافة ربوع الوطن. وقال “لقد اعتادت قرية جفنا على استضافة مهرجان المشمش، بينما تحتضنُ بيرزيت مهرجان بيرزيت، بالإضافة إلى مهرجان “ليالي بيرزيت” الذي عاد إلى ساحات حرم الجامعة بعد غيابٍ دام 25 عاماً”. وأضاف “كما واستضافت عنبتا مهرجان وادي الشعير للعام الثاني على التوالي، أما أهالي قرى شمال غرب القدس، فقد حرصوا منذ أربعة أعوام على إقامة مهرجان ليالي الصيف المقدسية في بيت عنان. وذلك بالإضافة إلى مهرجان الزبابدة السنوي، وكذلك سبسطية، وأريحا والتي تبرز حضارة شعبنا وتراثه الإنساني”.
وتابع “أما مهرجان القدس الذي تُنظمه مؤسسة يابوس في كنف المدينة المقدسة للسنة السابعة عشرة على التوالي، حيث بدأ برعاية المناضل الراحل فيصل الحسيني، فإنه يساهمُ في إبراز وجه مدينة القدس العربي والإنساني الأصيل. كما يساهم، ومن خلال الفن وإحياء التراث، في كسر حالة الخنق والحصار التي تستهدف فيها اسرائيل عزل المدينة وطمس تاريخها ومكانتها كجزء لا يتجزأ من أرضنا المحتلة، لا بل وكدرة تاج فلسطين وعاصمتها الأبدية، هذا بالإضافة إلى مهرجانات رام الله، وخاصة مهرجان فلسطين الدولي، الذي امتدت فعالياته لأول مرة إلى مدينة الناصرة بالتزامن مع انطلاقها في مدن رام الله ونابلس وقلقيلية”.
وأكد رئيس الوزراء على أن هذه المهرجانات وغيرها الكثير من الفعاليات الثقافية والتراثية والتسويقية تؤكد جميعُها أصالة شعبنا وتمسكه بحضارته وثقافته وهويته الوطنية، لا بل، وإصراره العنيد على الحياة والفرح وتجديد التفاؤل والأمل. وقال “الأهم أنها تُشكلُ فرصةً لإبراز الطاقات الإبداعية الكامنة لدى العشرات والمئات من المواهب الفنية التي تحتاجُ للرعاية والمُساندة”.
وشدد فياض على أن هذه الفعاليات قد جمعت وبشكلٍ فريد، بين الأصالة والعراقة والحداثة والريادية من جهة، وبين الإصرار على صون وحماية التراث الوطني وتطويره من جهةٍ أخرى. وقال “نعم، لقد جمعت هذه الفعاليات المتنوعة، وبشكلٍ فريد، بين الأصالة والعراقة والحداثة والريادية من جهة، وبين الإصرار على صون وحماية التراث الوطني وتطويره من جهةٍ أخرى. فباتت تُمثل نموذجاً للرغبة الفلسطينية في الحياة والمساهمة في الإبداع الإنساني الكفيل بإحياء الأمل رغم ما يُعانيه شعبنا من ممارسات الاحتلال وإرهاب مستوطنيه. وهي تُشكل، في ذات الوقت، رسالةً للعالم بأسره إزاء ما يتطلع إليه شعبنا في تحقيق الحرية والخلاص من طغيان الاحتلال وظلمه واستعادة مكانة فلسطين الطبيعية ودورها في صنع وحماية الحضارة الإنسانية، وترسيخ قيم التعايش والتسامح بين البشر”.
وعلى صعيد دعم ورعاية المشروع الثقافي الفلسطيني، أكد رئيس الوزراء خلال حديثه على أن السلطة الوطنية قد راكمت خلال الأعوام الماضية خطواتٍ هامة على صعيد دعم ورعاية هذا المشروع، والذي يُشكل مكوناً أساسياً من مكونات تجسيد الهوية الوطنية في دولة فلسطين التي يُعتبر الإبداع ركناً بارزاً في فسيفساء بنائها الجميل، وقال لقد راكمت سلطتكم الوطنية، أيها الأخوات والإخوة، خلال الأعوام الماضية خطواتٍ هامة على صعيد دعم ورعاية المشروع الثقافي الفلسطيني الذي يُشكل مكوناً أساسياً من مكونات تجسيد الهوية الوطنية في دولة فلسطين التي يُعتبر الابداع ركناً بارزاً في فسيفساء بنائها الجميل”. وأضاف “لقد أفردت الحكومة قسماً هاماً من برنامج عملها لقطاع الثقافة والفنون، وبما تضمن إجراءات وأولويات النهوض بالمشهد الثقافي بكافة مكوناته لضمان هزيمة اليأس والإحباط والانغلاق والفوضى، ولإطلاق الثقة بالنفس والقدرة على الإنجاز والإبداع والتحرر”. وتابع قائلاً “نعم لقد شكلّ قطاع الثقافة والفنون، ولا يزال، عاملاً مهماً في حماية وصون الهوية الوطنية، ولن تكون الثقافة ومشروعنا الثقافيّ الوطنيّ إلا صرحاً بارزاً في دولة فلسطين التي نسعى إلى تجسيدها واقعاً ملموساً على الأرض”.
وكان رئيس الوزراء قد استهل حديثه الإذاعي بالتوجه مجددا إلى عموم أبناء شعبنا وشعوب الأمتين العربية والإسلامية بخالص التهنئة والتبريكات بمناسبة حلول شهر رمضان المُبارك، داعياً الله عز وجل أن يعيده على شعبنا بالخير والبركات، وقد تحققت تطلعاته في الحرية والاستقلال.
وتقدم رئيس الوزراء بالشكر لمؤسسات القطاع الخاص والمؤسسات الثقافية الأهلية، التي أسهمت في إقامة ودعم المهرجانات والفعاليات الثقافية والفنية والتراثية، وتوجه بالتقدير إلى القائمين عليها وإلى المتطوعين في تنظيم فعاليتها. وقال “لقد أغنيتم صيف فلسطين بالفنون والتميّز والإبداع، وشاركتم في الترفيه عن أهلكم ونقلتم إلى العالم إصرار أبناء شعبنا على الحياة والفرح والأمل”. وأضاف “إلى الفرق الفلسطينية المُشاركة أقول: لقد رويتم بعروضكم قصة صمود وبقاء شعبنا وشاركتم في إحياء التاريخ والتراث والفن الفلسطينيّ”.
وفي ختام حديثه، أكد رئيس الوزراء أن قوتنا تكمن في توفير المزيد من المناخ الحر لإطلاق الإبداع ومواجهة كافة أشكال الإلغاء والتغريب. وقال “حتماً ستنتصر إرادة البناء والحياة، وسيبزغ فجرُ الحرية على مدن وقرى وبلدات ومخيمات وخرب فلسطين ومضارب بدوها، وصولاً إلى أزقة البلدة القديمة في القدس الشريف، العاصمة الأبدية لدولتنا المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967، حيث سيكون احتفالنا الأكبر بانتصار إرادة الفرح والحياة على الظلم والطغيان”.