الصعود إلى الهاوية بقلم : د. هشام عبد الرحمن
الصعودُ إلى الهاوية فيلم مصري أُنتج عام 1978 يناقش قضية الجاسوسية والصراع الاستخباراتي بين الموساد وجهاز المخابرات المصرية، لكننا هنا نتحدث عن صعود آخر، صعودُ أناني يهوي بنا إلي أسفلِ سافلين سقوط يترك لنا العديد من علاماتِ الاستفهامِ التي لازالت مطروحةً أمام كل فلسطيني حر يتساءل ما الذى يحدثُ لنا وماذا نريد ؟!
هل فعلًا نستحق كل ما جري وما سيكون أم أن قيادات شعبنا بمختلف تنظيماته الكرتونية ما زالت عاجزة أمام الأزمات المتلاحقة التي تعصف بالشعب والقضية ؟!
قلنا مرارًا أن ما يوحدنا هو الخطر ولا خلاص فردي أبداً بل الخلاص جماعي دون شك وعلى أساس إنهاء صفحات الخلاف والصراع لصالح الوحدة والمواجهة الشاملة صفاً واحداً لكورونا وصفقة القرن, للتغول الأمني في كل مساحات الوطن على حسابِ حرية الرأي وتكميم الأفواه, إلى التوسع الإستيطاني المتواصل ليبتلع ما تبقى من الأرض الفلسطينية.
قلنا إن وحدتنا هي أقصرُ الطرق لاجثتاث الاحتلال، وفشلنا في كل جولات الحوار من جده للقاهرة لعمان واليمن إلي غزة والامارات وقطر وصولًا لروسيا… وحين نوقع ما نتفق عليه ننزلق في استدراكات التفشيل المتعمد من هنا وهناك .
أكادُ أجزم أن في طرفي المعادلة فتح وحماس من هم العقية الأكبر في انهاء الانقسام وتحقيق الوحدة والمصالحة, نعم إنها مافيا الحرب والانقسام، مافيا المصالح الفئوية التي تجرف كل ما هو وطني وتهدم بنيانه لأجل بقاؤها وضمان مصالحها نحن في كل مرحلة نصعدُ باتجاه الهاوية وننحدرُ إلى مستنقعاتٍ أعمق بكثير مما كنا فيها، ننزلقُ نحو مزيدًا من الغوصِ في أتون الخلافاتِ وتبادل الاتهامات وشن ما أمكن من حرب كلامية شرسة على منصاتِ التواصلِ الاجتماعي .
لم تتغير مفردات التعهير والتخوين, إنها تخرج لنا في كل أزمة كما لو كانت مفرداتنا المقدسة, لم توحدنا الحرب ولم توحدنا صفقة القرن، لم توحدنا كورونا فماذا سيوحدنا ومن ؟؟
مرحلة ما بعد كورونا.. عنوانها: القوي سيفرض على الضعيف برامجه ومخططاته وحلوله، وما نخشاه أن يُصادر “بضم الياء” الموقف الفلسطيني تحت وطأة الحصار وقلة الموارد، وتردي الاقتصاد.. ومصادرة الموقف بمعنى أن تتخلى القيادة الفلسطينية عن ثوابتها، وأن تقبل بما يفرض عليها من حلول وهذا أمر مُرعب، يفرض على هذه القيادات الاستعداد والحذر، والبحث عن أوراق جديدة، وأن تتخلى عن أوراقِ لا قيمة لها احتفظت بها طويلا وما زالت دونَ جدوى، أوراقٌ فلسطينيةٌ خالصة، وملاعب جديدة، فالمرحلة القادمة سوف تشهد تشكلًا جديدًا، واصطفافات جديدة، فرضتها تداعيات هجمة فيروس كورونا, لذا لابد من فرض حلولاً حقيقة لوحدة الوطن ومؤسساته وبرامجه النضالية وإنهاء كل آثار الانقسام البغيض، فالمتابع للشأن الفلسطيني باتَ يدركُ جيداً أن صفحة الانقسام لن تنطوي إلا بغياب صناع الانقسام وقياداته في غزة والضفة ولا أعلم كيف ستتحقق هذه المعجزة, لكني أثق أن آخر النفق نوراً ربما لا نراه في المدى القريب لكن هناك الشعب الفلسطيني الذي صار يشبه شعبًا في سفينة يقودها بحارة أميون لا يعرفون حتى ركوب القوارب وهم لا يعرفون قراءة البوصلة ولا يعرفون علاقة الريح بالشراع .. ولن تصل السفينة إلى ميناء بل إلى قاع البحر. إن ما يريده شعب الشهداء هو رؤية قيادات قادرة على تجاوز خلافاتها, ومستوعبه لأهمية دورها في قيادة السفينة إلى بر الأمان لقد سئم الناس ومل الشعب, وأنهكه المسير وأعياه التعب, وخاب الظن في زعماء وقيادات المرحلة, لذا علينا أن نغير أدواتنا لا مبادئنا .. وأن نغير قيادات المرحلة بالانتخابات الممكنة أو بطرق أخرى قد تجد طريقها على جدار المشهد رغم أنف الجميع, هناك قدرة للتحمل يأتي بعدها الانفجار دون شك, وما يحدث لا يؤدي سوى إلى ذلك الممر الاجباري، علي قيادات غزة والضفة الابتعاد عن قواعد الاشباك والاتجاه إلى أبواب الخروج الآمن قبل أن تطفوا أمواج الغضب فتأكل الأخضر واليابس.
على تلك القيادات أن تتوقف عن إدارة الأزمات أو تقاسم الأدوار، عليها أن تتوقف عن إدارة الانقسام في كل أزمة تعصف بشعبنا، عليها ألا تنسى أو تتناسى أن الشعب الفلسطيني يملك طاقات أبداعية ومبدعين حقيقيين يعبرون عن إبداع الشارع والمجتمع الفلسطيني, ولا علاقة لهم بأدوات الانقسام ورموز الصراع، هناك جيل شاب فقد كل شىء ولا يملك إلا المواجهة لانقاذ ما يمكن إنقاذه من بقايا أحلامه المبعثرة والمؤودة بفعل فاعل تحت ستار الوطنية أو الدين. إن هذا الشعب العربي الأصيل شعب عظيم أفسد على كل خَوَّان عميل طبخته وألبس حساباته و مؤامراته الْخِزْي والعار.
فلسطين في حاجة اليوم، إلى ثورة وعي قبل أن يفوت الأوان فلسطين تحتاج قيادات بحجم عظمة شعبها وتضحياته المستمرة, فإما أن تكونوا على مستوى الآمال والطموحات والتضحيات أو انتظروا لحظة الحقيقة الحاسمة حينها سيقول شعبنا كلمته الأخيرة لكم جميعًا ولن يستثني أحداً .