شفا – مضت ثمانية أشهر على خروح الأسير مصطفى عبد الرازق من سجون الاحتلال بحالة صحية صعبة، حيث أصيب بالفشل الكلوي داخل سجون الاحتلال نتيجة الإهمال الطبي، ويحتاج إلى سنوات من العلاج نتيجة لذلك.
عبد الرازق ابن مدينة طوباس والبالغ من العمر 24 عاما، تحدث عن جوانب المعاناة الكبيرة للأسرى المرضى داخل سجون الاحتلال حيث يتعرضون لإهمال كبير يؤدي إلى تفاقم حالتهم الصحية وإصابتهم بالعديد من الأمراض، واستشهادهم في كثير من الأحيان، كما حدث مع الأسيرين بسام السايح وسامي أبو دياك اللذين جاورهما في سجن الرملة فترة من الزمن.
يؤكد عبد الرازق، لوكالة الانباء الرسمية، أن إدارة السجون تتعمد إهمال حالة الأسرى المرضى وتؤخر تشخيصهم لحين الوصول إلى وضع صحي خطير، مؤكدا أنه دخل السجن وكان يعاني من مرض السكري ومشاكل في الكلى كانت تحتاج لمتابعة طبية، ولكن الإهمال الطبي أدى لإصابته بالفشل الكلوي.
كان عبد الرازق يعاني أوجاعا شديدة داخل سجن مجدو، ولكن الأطباء كانوا يماطلون في تشخيصه، وبعد تفاقم وضعه وتعرضه لحالات إغماء تم نقله إلى ما تسمى مشفى سجن الرملة، والتي تزيد سوءا عن السجون ويتعرض الأسير خلالها لأشد أنواع المعاناة والإهمال، كما قال عبد الرازق، ولا يتم تقديم العلاج للمرضى فيها حيث يتناولون المسكنات فقط.
وأوضح أن الإهمال يتجلى في حالات الأمراض الخطيرة مثل السرطان، فلا يحصل الأسرى المرضى على الجرعات الكافية من الكيماوي، وفي حالته هو كان يحتاج إلى جلسات غسيل كلى لمدة أربع ساعات كل يومين، لكنه كان بغسل الكلى لمدة ساعة واحدة فقط مرتين في الأسبوع.
ملف الإهمال الطبي ليس جديدا وهو قديم منذ قدم الحركة الأسيرة، لكن التخوفات ازدادت وتضاعفت مؤخرا، في ظل تفشي وباء كورونا، فإدارة السجون لا تأخذ بعين الاعتبار الأساليب الوقائية لحماية الأسرى، وهو ما يزيد تخوفات أهالي الأسرى المرضى من وقوع شهداء بين أبناء الحركة الأسيرة.
عائلة الأسير المريض خالد الشاويش من بلدة عقابا شمال طوباس، واحدة من مئات عائلات الأسرى التي ترقب بقلق أخبار الأسرى في ظل تفشي وباء كورونا.
يوضح رأفت الشاويش شقيق الأسير خالد الشاويش، إن شقيقه المعتقل منذ 15 عاما والمصاب بشلل نصفي يعاني تراجعا مستمرا وخطيرا في وضعه الصحي، فهو مصاب ما قبل اعتقاله ب 11 رصاصة، وفي جسده تستقر عشرات الشظايا نتيجة لتعرضه لمحاولة اغتيال قبل الاعتقال.
يقول الشاويش إن شقيقه مهدد بشلل جسدي كامل في حال استمرار الإهمال الطبي له، حيث لا يتم تقديم علاج له، وفقط يتم تقديم المسكنات، كما أنه يحتاج لعملية جراحية منذ أربع سنوات، ولم تجرى له حتى الآن.
تتخوف عائلة الشاويش على نجلها من إمكانية الإصابة بفايروس كورونا، وخاصة أن جهازه المناعي ضعيف جدا، تزامنا مع إهمال إدارة السجون للإجراءات الوقائية.
بدوره، يوضح حسن عبد ربه الناطق باسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أن أبرز المشاكل التي يعاني منها الأسرى المرضى بشكل خاص في الوقت الراهن عدم اتخاذ إدارة السجون أية إجراءات لحماية الأسرى من وباء كورونا وضمان سلامتهم استنادا إلى المعايير الدولية وبروتوكولات منظمة الصحة العالمية.
كما أن إدارة السجون لا تقوم بتعقيم الأقسام، وفي ذات الوقت تمنع الأسرى من شراء واستخدام مواد التنظيف والمعقمات.
ويضاف لذلك عدم إجراء فحوصات للأسرى الذين ثبتت مخالطتهم للسجانين المصابين بفايروس كورونا في سجن عوفر، كما قال عبد ربه.
وبشكل عام يعاني الأسرى المرضى من عدم السرعة في تشخيص أمراضهم، بالإضافة إلى عدم إجراء التدخلات الجراحية للأسرى الذين يحتاجونها، ومنهم من ينتظر سنوات لإجراء عملية جراحية، في حين يتم تقديم المسكنات لهم فقط دون تقديم العلاج.
كما أن الأسرى الذين يخضعون لعمليات في المشافي المدنية الإسرائيلية تتم إعادتهم قبل إنهاء الاستشفاء، مما يشكل خطورة على حياتهم، كما حدث مع الأسير سامي أبو دياك، وفقا لعبد ربه.
ويوضح أن المرافق الطبية داخل السجون لا يتوافر فيها التحاليل المخبرية وصور الأشعة، ويتم تحويل غالبية الأسرى المرضى إلى عيادة سجن الرملة، والتي لا تعتبر أفضل من السجون، حيث يتعرض الأسرى فيها لإهمال.
يتم نقل الأسرى المرضى بواسطة “البوسطة” وهي حافلة حديدية وهم مقيدو الأيدي والأرجل وهي بمثابة تعذيب للأسير.
وأشار عبد ربه إلى أن إدارة السجون لا تسمح بإدخال أطباء من خارج السجن لمعاينة المرضى، ولا تسمح لأية بعثة دولية بما فيها منظمة الصحة العالمية بالاطلاع على أوضاع الأسرى داخل السجون.
وأكد أن المطالبات الفلسطينية بالإفراج عن الأسرى المرضى مستمرة وزادت وتيرتها خلال فترة تفشي وباء كورونا، وهي تنسجم مع مطالبات الأمم المتحدة للدول بالإفراج عن الأسرى وتأمين الحماية لهم من الفايروس، لكن الاحتلال يضرب بعرض الحائط كل ذلك.
وبالرغم من تفشي وباء كورونا والمطالبة بالإفراج عن الأسرى، إلا أن سلطات الاحتلال كثفت من الاعتقالات منذ بداية العام الحالي، حيث سجلت أكثر من 1300 حالة اعتقال، وهذا يدلل أن الاحتلال لا يهتم لحياة وسلامة الفلسطينيين، كما أنه يستغل انشغال العالم لتمرير أمور سياسية منها سياسة الاعتقالات.
ووفقا لورقة حقائق نشرتها مؤسسات الأسرى (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية) فإن الاحتلال الإسرائيلي اعتقل منذ مطلع العام الجاري 1324 مواطن، منهم 210 أطفال، و31 امرأة.
ويبلغ عدد الأسرى الإجمالي في سجون الاحتلال خمسة آلاف أسير، بينهم 41 أسيرة، و180 طفلا.
وتوضح الورقة أن عدد الأسرى المرضى يبلغ حوالي 700 أسير منهم قرابة 300 حالة مرضية مزمنة بحاجة لعلاج مستمر، وعلى الأقل هناك عشر حالات لمصابين بالسرطان وبأورام بدرجات متفاوتة.
كما بلغ عدد شهداء الحركة الأسيرة 222 شهيداً منذ عام 1967، بالإضافة إلى مئات من الأسرى استشهدوا بعد تحررهم متأثرين بأمراض ورثوها عن السجون، كما أن عدد الأسرى الذين قتلهم الاحتلال نتيجة لسياسة القتل الطبي البطيء عبر إجراءات الإهمال الطبي المتعمد وصل إلى67 منذ عام 1967.
وأوضحت الورقة أنه خلال العام المنصرم 2019 وحده ارتقى خمسة أسرى شهداء داخل السجون جراء الإهمال الطبي والتعذيب وهم: فارس بارود، وعمر عوني يونس، ونصار طقاطقة، وبسام السايح، وسامي أبو دياك.
وطالبت مؤسسات الأسرى بالتدخل والضغط على الاحتلال لإطلاق سراح الأسرى والأسيرات من سجون الاحتلال، أسوة بدول العالم الأخرى، لاسيما الأسرى المرضى وكبار السن، والأسيرات، والأطفال، والإداريين، كضرورة ملحة لإنقاذ حياتهم، وإرسال لجنة طبية دولية للإشراف على الأوضاع الصحية للأسرى والأسيرات داخل السجون، وذلك لحمايتهم من انتشار فيروس كوفيد 19 المُستجد (كورونا) وتوفير كل متطلبات الحماية والسلامة لهم.