شفا – أحمد البصيلي – صحيفة العرب – اعتبر القيادي الفلسطيني محمد دحلان أنه من العبث النظر إلى مشروع الرئيس الأميركي دونالد ترامب (صفقة القرن) أو البحث في تفاصيله، لأن العقل السوي يفرض وجوبًا النظر لتوقيت وأهداف المشروع، فالتوقيت انتخابي بحت والأهداف واضحة للغاية منذ ما قبل الإعلان عن المشروع.
ويعدّ دحلان من أبرز الشخصيات العارفة بكل ما تنطوي عليه من استقطابات حادة، وله مواقف حاسمة في كل التطورات التي تمس القضية الفلسطينية. وقد تحدث الرجل لـ”العرب” عن رأيه في كثير من الملفات التي لها علاقة بقضيته الأزلية، وتلك التي ترتبط بها بشكل مباشر أو غير مباشر، فالحصيلة النهائية لما يجري من تطورات ليست بعيدة عنها.
وأشار دحلان في حديثه إلى أن الرئيس ترامب يقول سنعطي 40 في المئة من أراضي القدس والضفة الغربية فورا للاحتلال الإسرائيلي، وننتظر لنرى إن كنتم أنتم الفلسطينيون أولادًا طيبين في السنوات الأربع القادمة، وإذا ما تأكدنا من ذلك وفق مقاييسنا نحن، سوف نمنحكم بعض ما تبقى من 60 في المئة من أراضي الضفة الغربية، لكن عليكم أولًا أن تسموها دولة فلسطين، وأن تعتبروا ذلك نهاية للصراع بشروطنا، وأولها الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل دولة يهودية وإسقاط حق العودة، ولكم دولة بلا حدود إلا مع إسرائيل.
وأوضح القائد محمد دحلان، أن المشروع الأميركي يطرح مشروع دولة بلا سيادة جوا وبرا وبحرا، دولة منزوعة السيادة بالكامل عاصمتها في بقعة محشورة سموها إن شئتم القدس الجديدة، “باختصار فريق الرئيس ترامب رمى جمرة ملتهبة للجانب الفلسطيني، فإن تلقفها حرقته، وإن تجنّبها قالوا الفلسطيني أضاع فرصة سلام جديدة”.
قضم وضم
وأكد القائد دحلان أن مشروع ترامب لا يقلقه شخصيا بقدر ما يقلقه ما ينفّذ على أرض الواقع في القدس والضفة الغربية من قضم وضم، ومن ترويض وتدجين للقرار الفلسطيني، وفقدان للثقة وإضعاف للحماسة الوطنية في مجابهة الاستحقاقات، وأنه أخذ عهدا على نفسه بدعم الموقف الفلسطيني الرسمي في هذه المرحلة من المواجهة، ويلتزم بعهوده ما لم تتغير مواقف الآخرين على نحو يهدد السلامة الوطنية.
وعن ردّة فعل السلطة ومواقف الفصائل عقب الإعلان عن الخطة الأميركية، أكد دحلان أنه نظريا الرفض وعملياً لا أحد يحرك ساكنا لمواجهة الصفقة، “لكن إن سألتني هل نحن جميعا على نفس الخط تعبويا أقول لك لا نحن لسنا كذلك، وهناك مسافة شاسعة بين ضجيج المواقف وواقع التعبئة الوطنية”.
وأضاف أن المشهد الحالي مريح نسبيا للاحتلال الإسرائيلي، لأن جوهر الموقف الرسمي الفلسطيني مؤسس على منطق أنا أرفض الاعتداء، لكن لن أقاوم إلا ببلاغة اللغة، والأمر لا يختلف كثيرا في مواقف الأخوة في قيادة حركة حماس التي تحاول المواءمة بين الاحتياجات الضاغطة والمواقف الواجبة.
وبسؤاله عن الأوراق الرابحة في يد السلطة في المعركة الراهنة مع الجانب الإسرائيلي، أشار دحلان لـ”العرب”، أنه في أي صراع أوراق القوة دائما موجودة بقليل أو كثير من الجسارة الوطنية، وهناك نقاط ضعف في كل صراع، فالنقص ليس في شح الأوراق الرابحة بل في شح الإرادة، ومن هو جاهز للمخاطرة، وقادر على توظيف أوراق القوة، فالمصالح والقناعات الشخصية تلعب دورا خطيرا في التأثير على طبيعة قرارات هذا القائد أو ذاك.
ولفت إلى أن قيادة السلطة الفلسطينية الرسمية لم تستخدم أوراق قوتها بعد، “فضلت المغامرة بأضعف الأوراق المرتكزة على تأكيد وتكرار المواقف التقليدية، هل أنا قلق من ذلك لا ونعم. لا: لأن الأصدقاء الدوليين يرغبون في رؤية الهدوء وحالة اللاعنف استنادا لنظرية دع المراكب تسير بلا مخاطر، ولا بأس من إتاحة بعض الوقت للأصدقاء ليفعلوا ما يعتقدون بأنهم قادرون عليه، شريطة وضع سقف زمني قصير وواضح لذلك، مع تحفيز المقاومة الشعبية فورا، ونعم: لأن هذه الوداعة السياسية الفلسطينية قد تصبح نهجا ثابتا يطلب أصحابه من الشعب التطبع عليه، وهذا يخالف جوهر حقنا الفلسطيني في مقاومة المحتل”.
وتابع “لا أحد على وجه الحياة يملك من القدسية والسلطة الوطنية والأخلاقية ما يؤهله منع الشعب الفلسطيني من مقاومة المحتل بكل الوسائل المشروعة في القانون الدولي، وهنا ستبدأ المعضلة والصراع بين وداعة الطبقة السياسية، والغضب الشعبي العارم المشروع”.
وحول رؤيته لتحقيق الوحدة الفلسطينية لمواجهة الخطة الأميركية الداعمة لإسرائيل، أعرب دحلان عن أسفه لانتظار خطة أميركية مجحفة ليجد الفلسطينيون طريقهم إلى حل خلافاتهم وتوفير سبل ومقومات وحدتهم، “ألا يكفي الاحتلال كي نتوحد؟ ألا تكفي هذه المعاناة الفلسطينية الوطنية والاجتماعية والاقتصادية الشاملة لنتوحد؟ ألا يكفي ما يهدد القدس من مخاطر مصيرية لنتوحد؟”.
وشدد محمد دحلان على أن إنهاء الانقسام وإنجاز الوحدة الفلسطينية أهداف وطنية لا يجب أن تخضع لضرورات الدبلوماسية والسياسة هنا أو هناك، فالوحدة الفلسطينية ضرورة الضرورات لمواجهة الماضي والراهن والقادم من المخاطر المهددة.
وكشف أن محاولات تيار الإصلاح الديمقراطي الذي يقوده تجسّد كل تلك المفاهيم السامية، وعدم الاكتفاء بوضع الخلافات مع حماس جانبا، وعمل التيار على القفز فوق الجراح المؤلمة بحثا عن أفق وطني جامع، مخاطبا قيادة السلطة، إن كنتم قادرين على ضبط الأمور والتواصل مع مؤسسات الاحتلال، وإن كانت مؤسسات الاحتلال تجد ضرورة في التهدئة مع حماس وغزة، فلماذا ممنوع ضبط الأمور والتواصل بين قيادة السلطة وغزة وتحديدا قيادة حماس، أين الممنوعات، لماذا الممنوعات، ومن يفرض الممنوعات؟
آفة فلسطين
أكد محمد دحلان أن الانقسام الفلسطيني آفة فتاكة أضعفت وتضعف المناعة الفلسطينية بشكل عام وعلى نحو شامل، وإنهاء الانقسام وتعزيز قوة الجبهة الداخلية ضرورة إستراتيجية، بغض النظر عن المخاطر والاستحقاقات الراهنة ومن بينها مشروع ترامب، دعوني أقول ما يلي: أولًا وعلى أرض الواقع ينفذ الاحتلال الإسرائيلي بالقوة مشاريع تغيير ديموغرافية عميقة وآخرها الخطة الاستيطانية لابتلاع أراضي مطار قلنديا، ونتنياهو كان سينفذ تلك المشاريع بوجود أو عدم وجود مشروع ترامب، لأنه وبكل بساطة ليس أكثر من استجابة لوقائع يعمل نتنياهو على فرصها بقوة الاحتلال العسكري.
وقال “إن من يعطّل التفاهم الوطني وإنهاء الانقسام يخدم مخططات نتنياهو الاستيطانية، ومن بينها مشروع ترامب، لأنه ليس أكثر من اشتقاق هامشي لطموحات وأهواء نتنياهو وعصبة توراتية متشددة يقودهم رابايات نيويورك”.
وحول اتهام بعض الفصائل الفلسطينية للدول العربية بالتخاذل في دعم فلسطين ضد خطة ترامب، دعا دحلان إلى الكف عن هذا التلاسن العبثي وفي ذلك مصلحة وطنية فلسطينية، والشكر والعرفان لما قدّمه الأشقاء العرب بلا استثناء، فقد قدّموا للفلسطينيين كل الدعم السياسي والاجتماعي والمالي على مدى سنوات وعقود، وطلب الفلسطينيون من الأشقاء العرب قبول ما نقبل ورفض ما نرفض، وذلك ما فعلوه تماما، وكل العرب تبنّوا شعار الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين (مع فلسطين ظالمة أو مظلومة)، والمواقف العربية الرسمية لم تنزل يوما عن الموقف الرسمي الفلسطيني.
وأضاف القائد دحلان أن لغة تلك المواقف الثابتة تراعي أحيانا مصالح وموجبات اضطرارية، ومثلما يتفهم العرب المواقف والعلاقات الفلسطينية مع كل من إيران وتركيا وقطر، على الفلسطينيين تفهّم واستيعاب مواقف العرب ومصالحهم وإلا خسرنا الجميع وألحقنا ضررا بالغا بالمصالح الوطنية الفلسطينية.
وزاد القائد دحلان “العرب يفعلون ما تطلبه القيادة الفلسطينية منهم، ونحن حين نغضب ونرفض كل مظاهر التطبيع وكل تواصل عربي إسرائيلي، وذلك حق وواجب، لكن في نفس الوقت الناس تسألنا عن التنسيق الأمني (المقدس) ودعوات الحج إلى القدس، فمن أين يطلب الحاج العربي أو المسلم التأشيرة وإذن الدخول إلى أراضينا المحتلة؟ نحن أم من المحتل؟ وبكلمة واحدة لست مع ما يقدم عليه بعض العرب، لكن لا أريد للقيادة الفلسطينية خسارة أي عربي”.
وعن تأثير عدم تجديد الشرعيات في المؤسسات الفلسطينية على الوضع الراهن، أكد دحلان أنه وقف في عام 2005 بكل قوة إلى جانب أبومازن إيمانا بمواقفه المعلنة عن الديمقراطية والحوكمة والشفافية ومكافحة الفساد وبناء المؤسسات السليمة، وليس نادما على وقفته ومواقفه لأنه انحاز لآماله وطموحاته المنحازة لأبناء جيله وللشعب الفلسطيني.
وذكر أنه “بكل صراحة أقول نحن جيل تأثر بإشعاعات وقيم الديمقراطية الإسرائيلية رغم كل نفاقها ومحاولاتها اليائسة للفصل بين ديمقراطيتهم وبشاعة احتلال تلك الديمقراطية المزعومة لأرضنا وشعبنا، واليوم نحن نقف أمام واقع مؤلم، واقع تكريس الزعيم الضرورة وتخوين من يطالب بالتغيير، ومع كل ذلك أقول وعلى رؤوس الأشهاد بأن شرعية الأخ أبومازن الآن ليست قانونية أو دستورية، ولا مجال للحديث عن شرعيته إلا إن قرر هو استبدال شرعية الصندوق مؤقتا بشرعية المقاومة الوطنية الجدية وبمقاومة فعلية ضد الاحتلال الإسرائيلي، وذلك ركن لم يتحقق بعد، لكن علينا أن ننتظر”.
وبشأن رؤيته لموقف الرئيس أبومازن من الترشح مجددا للرئاسة، أشار القيادي الفلسطيني محمد دحلان، إلى أنه لا يتمنى مشهدا سيئا لأبومازن إن قرر الترشح مجددًا في هذا السن رغم محافل النفاق حوله، لكن إجمالا أي شخص حر في خياراته، وله كل الحق في الترشح للمناصب العامة، ويبقى الشعب هو صاحب القرار الأول والأخير.
وقال دحلان “إذا أراد أبومازن الترشح لأي منصب رسمي فعليه أولًا إعلان ذلك، ثم عليه ثانيًا إقناع الشعب لانتخابه، وعليه ثالثا تقبّل قواعد الديمقراطية وروح المنافسة الشريفة مع مرشحين آخرين دون تشكيك أو تهميش وتخوين، لكن هل فعلا نحن أمام أجندة انتخابية وطنية جدية أم نحن في رحلة بحث عن أسباب عدم إجراء الانتخابات؟”.
وحول إمكانية ترشحه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، أكد دحلان في حواره مع “العرب”، أنه قال أكثر من مرة إنه من السابق لأوانه الإجابة على هذا السؤال، فكل الاحتمالات مفتوحة وكل الناس يتمتعون بحقوق متساوية، لكن السؤال الأهم هو هل نحن على أعتاب انتخابات فلسطينية وشيكة؟
معارك جانبية
وأوضح دحلان، أنه لا يسعى ولا وقت لديه لمعارك جانبية سخيفة مع بعض الإخوان أو غيرهم، رغم سعي البعض إلى إدامة هذه المعركة الجانبية، ومن كان يفعل ذلك لأسباب فلسطينية أقول له ركّز على الاحتلال والاستيطان، ولدينا المتسع من الوقت للعراك لاحقًا، “أما من يريد افتعال المعارك معي لأسباب إقليمية فأقول له العب بعيدا يا شاطر، أنت مكشوف وأطماعك وشهواتك معروفة ومكشوفة، وليس لديّ وقت لتفاهاتك الرخيصة، لكن إن قررت المضيّ قُدما في معركتك المشبوهة معي، فلن تجد مني إلا الإهمال والاحتقار، فارجع إلى أسيادك هنا أو هناك وقل لهم لم نستطع استدراج دحلان للجدل”.
وعن سبب زيادة الهجوم عليه، أكد أن العقول المريضة وحدها تفكر بعقلية قطاع الطرق، “أنا محمد دحلان هنا قوي وصريح وثابت على مواقفي المناهضة للانقسام الوطني، المقاومة للاحتلال، والداعية إلى بناء جبهة فلسطينية عريضة تطلق مقاومة وطنية جدية وفاعلة لمجابهة الاحتلال، والساعية إلى إعادة إنعاش وتكريس الديمقراطية الفلسطينية سبيلًا وحيدًا لإعادة بناء الحياة السياسية الفلسطينية”.
وأشار إلى أن الفلسطينيين يريدون الانتخابات الآن قبل الغد، وتكون شفافة شاملة وغير خاضعة للأعذار والشروط الإسرائيلية، “نريدها في القدس قبل الضفة وقطاع غزة، ونقول للجميع ولمن بيدهم الأمر نريد فتح موحدة في الانتخابات فذلك حلمنا وهدفنا، وإن لم تفعلوا عليكم تحمّل نتائج المخاطرة الديمقراطية، ونعدكم بأننا شركاء في وحدة فتح والمقاومة وحماية الديمقراطية، وإن افترقت الطرق تقول لهم لا تخافوا، ربما لن نتفوق عليكم في الانتخابات، لكننا سنكون حاضرين في المشهد وبقوة، ولن تستطيعوا تغييبنا.
ونحن في تيار الإصلاح الديمقراطي “لا نرى الانتخابات قريبة، لأن من بيدهم زمام الأمور لا يضعون تلك الانتخابات الضرورية على رأس أولوياتهم، هي بالنسبة لهم من ضرورات الكلام وشعارات لاستكمال الديكور اللفظي وديماغوجيا الخطاب الشعبوي الفارغ من أي مضمون”.
وحول وجود فرصة لعقد الانتخابات بشكل جدّي أم هي مراوغة سياسية يتقاسمها أبومازن وحماس، شدد على أنه لا يحكم على النوايا بقدر ما يتعامل مع الوقائع، وأبومازن يقول إنه يريد انتخابات ونحن لا نشكك في تصريحاته المعلنة، لكن واقعيًا هو مضطر أو بالاختيار وضع مفتاح الانتخابات الفلسطينية بيد المحتل بحجة القدس دون التفكير بمخارج وحلول خلاقة، شعبنا قادر على الإبداع فيها، فهل يحدث ذلك سهوا أو عمدًا؟ لا أعرف الجواب فعلًا.
وعن الطرف المعرقل للمصالحة الفلسطينية، قال دحلان لـ”العرب”، إن المعرقل هو الأكبر ثم الكبير، وذلك هو العرف الفلسطيني، وفي المشهد الراهن مفاتيح معالجة الانقسام بيد قيادة السلطة، ولو فعلّت مفاتيح الحل فإنها إما ستنجح وإما ستكشف المعطل، أي أنها منتصرة في الحالتين، وقيادات السلطة تعتبر المصالحة مع حماس بمثابة طلاق رسمي مع إسرائيل والتنسيق الأمني الفلسطيني الإسرائيلي.
وبخصوص رؤيته لموقف حماس لإنهاء الانقسام، أشار إلى أن حماس مستعدة ومحتاجة ومرحبة بالمصالحة، لأنها تريد التخفيف عن نفسها من الأعباء الاجتماعية والاقتصادية لإدارة حياة الناس في غزة، لكنها أيضاً مشاركة في التعطيل وأنصحهم بالتخلّي عن السلطة لنزع الذرائع، لكن من سيعلّق الجرس أولًا، ذلك هو السؤال الجوهري.
وأضاف أن حماس حركة سياسية براغماتية، وما يراه البعض تناقضا في مواقفها قراءة خاطئة، لأنها تمتلك ديناميكية التكييف والتعايش مع متطلّبات وشروط كل مرحلة من مراحل الصراع حسب مصالحها، ومن يظن بأن حماس حركة دراويش أو انتحاريين أو عابثين فهو في مكان غلط، نعم لحركة حماس خياراتها العقائدية وتحالفاتها مع تركيا وإيران وقطر، لكنها تدرك قيمة وأهمية علاقاتها المصيرية مع مصر، وكذلك بطريقة غير مباشرة علاقاتها مع إسرائيل والغرب، وفي الوضع الراهن هناك تداخل شديد بين شبكة العقائد والمصالح، وما دامت هناك مصالح توجد مساحة للحوار والتوافق، واليوم فقط مصر تستطيع تطوير أجندة المصالح مع حماس تعزيزا للتهدئة وتمهيدا لإنهاء الانقسام الفلسطيني.
خسارة أردوغان
ونفى القيادي الفلسطيني، أن المجتمع الدولي عاجز عن لجم نظام رجب طيب أردوغان الذي يعدّ عجوزا أكثر من عجز السلطنة العثمانية، وبالأرقام والوقائع فالمواطن التركي منهك اقتصاديا، وفي تركيا أكثر من 1.5 مليون جامعي عاطل عن العمل، و7 مليون موظف يعيشون على الحد الأدنى للأجور، وأكثر من 80 ألف مواطن تركي ينتظرون المحاكمات، ولسجناء يتقاسمون النوم كل أربعة سجناء لمكان واحد.
ورغم كل تلك الوقائع نظام أردوغان الإخواني صامد لأنه يرقص على حبل التناقض الرفيع بين الشرق والغرب، ويستغلّ الجغرافيا لأغراض عدوانية معلنة، “بصراحة أنا لا أكره الرجل، ولا أحمل له الضغينة، رغم كل هجماته المسعورة عليّ شخصيا، لكن علينا دائما أن نتذكّر بأن في تركيا شعب شقيق أقرب إلينا من حبل الوريد، وعلينا أن نؤمن بأن هذه الموجة الإخوانية بقيادة أردوغان في حكم تركيا مرحلة لها نهاية، نرجو الله أن لا تكون دموية بحلول استحقاقات انتقال السلطة”.
وعن سبل مواجهة تنظيم داعش وأفكاره المتطرفة، حذر دحلان من التفاؤل فهناك فارق شاسع بين انحسار داعش وبين زوال ما سمي زورا بدولة الخلافة، نعم داعش خسرت معركة الجغرافيا، لكنها لم تخسر معركة القلوب الضعيفة والعقول الهشة بعد، فكر داعش سوف يعيش معنا طويلا، وربما أكثر من فكر القاعدة، لأن أبوبكر البغدادي ألهب الغرائز بحلم الخلافة، وجسّد للوهم جغرافيته المفقودة، ومن المبكّر جدا الحديث عن نهاية داعش، لأنها الفكرة والانتقام الكامن في نفوس الآلاف من المتعطشين للدم والقتل، خاصة ضعفاء العلم والمعرفة بالإسلام، كما سيكون خطأ فادحًا تذكر داعش ونسيان القاعدة ومختلف المنظمات والكتائب والفيالق الإرهابية التي تحظى بدعم عسكري ولوجستي من أردوغان وغيره.
وتابع القائد دحلان “قد نكون كسبنا معركة الجغرافيا مع داعش بخسارته أرض (الخلافة)، لكن لم نكسب بعد معركة القلوب والعقول، نحن اليوم نواجه الآلاف من القنابل الموقوتة في العالم أجمع ممن آمنوا بدولة وخلافة البغدادي، وداعش مثل فايروس كورونا تماما، سيغيب حينا ويعود إلينا مرارًا وتكرارا بنسخ جديدة متجددة”.
وحول وجود رابط بين انتشار التطرّف وفكر الإخوان المسلمين، أكد دحلان عمق تأثير وتحفيز جماعة الإخوان للإرهاب الدولي على نطاق واسع، فليس هناك حركة عنف متأسلمة مسلحة دموية إلا وانطلقت من رحم الإخوان المسلمين، فكل الشخصيات والحركات والتنظيمات نبعت وتنبع من رحم الجماعة، “اليوم نرى زعماء مثل أردوغان وغيره ينطلقون من القواعد ذاتها، لذلك أقول وأكرر بأن العالم في خطر شديد إن لم ير الحقيقية، والعالم سيصدم حين يرفض أردوغان نقل السلطة بسلاسة حال خسر التصويت مستقبلا، لأن صناديق الانتخابات كانت طريقه للوصول ولن تكون بوابة المغادرة بالنسبة إليه”.