شفا – سلطت فعاليات اليوم الثالث من المؤتمر العام الثامن عشر لمنظمة اليونيدو الضوء على أهمية التكنولوجيا النظيفة كرافعة أساسية لتحقيق التنمية الصناعية الشاملة والمستدامة.
وركزت جلسة النقاش التي حملت عنوان “التكنولوجيا النظيفة ودورها في التعامل مع التغير المناخي والانتقال إلى الطاقة النظيفة”، على ابتكارات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة التي يمكن أن تساهم في تحقيق التنمية الصناعية الشاملة والمستدامة دون أن يكون لها أثر سلبي على البيئة والطبيعة.
وخلال كلمته في جلسة النقاش، دعا الدكتور دولف جيلين، مدير مركز الابتكار والتقنية التابع للوكالة الدولية للطاقة المتجددة /إيرينا/ إلى خفض الاعتماد على مصادر الطاقة غير المتجددة والتي تساهم في زيادة معدلات انبعاث الغازات الضارة في إطار استراتيجية عالمية للانتقال للطاقة المتجددة..داعيا إلى توظيف الطاقة الكهربائية بشكل متزايد في سلاسل الإمداد وخصوصًا في القطاع اللوجستي، حيث تساهم السيارات الكهربائية والشاحنات الخفيفة في الحد من التأثير البيئي، وخاصة داخل المدن.
وكد جيلين على الحاجة إلى تطوير حلول جديدة قائمة على توظيف التكنولوجيا النظيفة في القطاعات الصناعية التي تساهم في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون مثل النقل البحري، والنقل بالشاحنات لمسافات طويلة، والطيران، والبتروكيماويات، وصناعة الحديد والصلب والأسمنت.
كما دعا جيلين إلى زيادة توفر مصادر الطاقة المتجددة لتصل إلى ستة أضعاف المستوى المتوفر حاليًا لتلبية الطلب العالمي، مشيرًا إلى ثلاثة عوامل رئيسية يمكنها أن تساهم مجتمعة في الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العقود القادمة بنسبة 90%، والمتمثلة في توليد الطاقة من المصادر المتجددة، والتحول إلى الطاقة الكهربائية وتحقيق معدلات أعلى من كفاءة استهلاك الطاقة.
وفي معرض حديثه عن قدرة التكنولوجيا على دعم النشاطات الصناعية الموفرة للطاقة، ذكر جيلين بأن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة شهدت تقاربًا في الحلول التي تتبناها الدول النامية والمتقدمة..مشيرا إلى ضرورة أن تتاح فرصة الاستفادة من التكنولوجيا والابتكار، وأن الحلول التي تطبق في الدول النامية والمتقدمة متشابهة إلى حد كبير.
واستمع الحضور إلى عروض تقديمية من رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا النظيفة استعرضوا خلالها ابتكاراتهم في هذا المجال.. وبحثت حلقة النقاش التالية نماذج الابتكار والتمويل والتنفيذ لمشاريع الطاقة المبتكرة.
وقال معالي سهيل بن محمد فرج فارس المزروعي وزير الطاقة والصناعة ورئيس المؤتمر العام الثامن عشر لمنظمة اليونيدو ان دولة الإمارات تبنت نهجا فريدا من نوعه فيما يتعلق بالطاقة المستدامة. فعلى الرغم من أن دولة الإمارات تنعم بمخزون كبير من النفط والغاز إلا أنها استثمرت بقوة في التكنولوجيا النظيفة ومشاريع الطاقة المستدامة.. حيث نؤمن بأن الازدهار المستدام يتطلب رؤية طويلة الأمد لحماية مستقبل الأجيال القادمة.
وأضاف المزروعي ان الإمارات تخطو بقوة نحو تحقيق رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لمرحلة ما بعد النفط، حيث سنحتفل بشحن آخر برميل نفط ونواصل تصدير المعرفة والتكنولوجيا.. ويتضح ذلك في العديد من المبادرات الإماراتية التي تُظهر الالتزام بالطاقة المستقبلية، بما في ذلك “مصدر” ومؤسسة الإمارات للطاقة النووية والعديد من المبادرات الأخرى .
ومن جانبه قال معالي المهندس عويضة مرشد المرر، رئيس دائرة الطاقة في أبوظبي تثبت أبوظبي ودولة الإمارات يوماً بعد يوم مكانتها الرائدة على مستوى العالم في قطاعات الطاقة والصناعة والتنمية المستدامة، إذ شكلت مسيرتها الفريدة في تطوير واقعها الصناعي أساساً صلباً للتحضير لمستقبل متوافق مع مبادئ الثورة الصناعية الرابعة، وما تتطلبه من عوامل للنجاح كتعزيز الاعتماد على الطاقة المتجددة، وتطوير المناطق الاقتصادية المتخصصة، واعتماد مبادئ الاقتصاد الدائري، وتمكين الشباب. واليوم، يأتي اختيار منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية “يونيدو” أبوظبي لاستضافة النسخة الثامنة عشر من مؤتمرها العام، بمثابة اعتراف بما حققته الإمارة من إنجازات فريدة وفرصة لمناقشة واقع ومستقبل التنمية الصناعية حول العالم مع أعضاء منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية “يونيدو”.
وأضاف معاليه ان الطاقة والتنمية الصناعية ترتبط ارتباطاً وثيقاً، وفي الوقت الذي تشكل فيه احتياجات القطاع الصناعي في أبوظبي 58% من إجمالي الطلب على الطاقة الكهربائية، تحرص الإمارة على دعم مبادئ التنويع الاقتصادي من خلال تسريع خطوات تحوّل الطاقة واعتماد مشاريع الطاقة الشمسية والنووية، بالإضافة إلى التوسع في مجال التكرير والبتروكيماويات بنظام تصنيع متوافق مع البيئة، خاصة في ظل ما تشهده من نمو مستمر في التعداد السكاني والأنشطة الصناعية والتجارية.. ومن هنا ينبع اهتمام دائرة الطاقة في أبوظبي بتعزيز مبادئ “الكهربة” التي تسهم في تقليص اعتماد القطاع الصناعي على الغاز كمصدر أساسي للطاقة، وبالتالي تقليص تأثير أحد أبرز المتغيرات في منظومة التصنيع وهو تقلبات أسعار النفط والغاز وتقليص أثرها البيئي.
ومع ما للقطاع الصناعي من دور كبير في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، إلا أن هناك مطالب متزايدة على المستوى العالمي بضرورة أن تعمل الشركات الصناعية على خفض انبعاثات غازات الكربون لتحقيق الاستدامة على المدى الطويل. وتعد تكنولوجيا المناخ والطاقة النظيفة عنصرًا أساسيًا في تنفيذ رؤية عالمية للاستدامة الصديقة للبيئة والمناخ على النحو المبين في اتفاق باريس، وخطة التنمية المستدامة للعام 2030، واستراتيجيات التنمية الوطنية للدول الأعضاء في اليونيدو. وتعتبر الأمم المتحدة مثالاً يحتذى به في هذا الصدد حيث اعتمدت خطة عمل مناخية مدتها 10 سنوات تهدف إلى خفض انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن نشاطاتها بنسبة 45 في المائة وتوفير 80 في المائة من احتياجاتها من الكهرباء باستخدام مصادر الطاقة المتجددة بحلول العام 2030.
وتوفر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، من مقرها الرئيسي في مدينة مصدر في أبوظبي، الدعم للدول الأعضاء فيها، والبالغ عددهم 160 دولة، للانتقال إلى مستقبل يعتمد على الطاقة المستدامة. وتتماشى دعوة المنظمة للتنمية المستدامة مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة وجدول أعمال اليونيدو 2030.
كما تدعم اليونيدو دولها الأعضاء في جهودها لخفض انبعاثات الغازات الضارة الناتجة عن النشاطات الصناعية لتمكنيها من الاستفادة من الفرص الاقتصادية التي يوفرها النمو الاقتصادي الصديق للبيئة. ويساهم دعم اليونيدو للدول الأعضاء في تبنيها لحلول تكنولوجية مربحة تحفز النمو الاقتصادي مع التقيد بمسار التنمية المستدامة.
ويشهد المؤتمر العام الثامن عشر لمنظمة اليونيدو مجموعة من جلسات النقاش رفيعة المستوى على هامش جدول أعماله الرئيسي، والتي تركز على مواضيع الشباب وريادة الأعمال، تمكين المرأة في القطاع الصناعي، الثورة الصناعية الرابعة، الطاقة المستدامة، المجمعات الصناعية والاقتصاد التدويري.