ضم الضفة الغربية والإستراتيجية الفلسطينية بقلم : د. ناجي شراب
تصريحات نتانياهو وليست الوحيده التي تصدر من قادة إسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية وخصوصا المنطقة سى وغور الأردن وشمال البحر الميت ليست مجرد تصريحات عابره ، وليست مرتبطة بإعتبارات إنتخابية ، بل تعبر عن قناعات سياسية وأيدولوجية تنطلق من فرضيتين أساسيتين أولا إعتبار الضفة الغربية جزء من المشروع الصهيوني ، وهى أرض يهودا والسامرة ، ولذلك ما تقدمه إسرائيل للسلطة الفلسطينية يعتبر تنازل منها، وعليه لا تعتبر نفسها دولة محتلة . والفرضية الثانية عدم القبول بدولة فلسطينية ملاصقة ومتداخله وغالقه لحدود إسرائيل، الفكر الليكودى يرفض فكرة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية. والسؤال لماذا الضفة الغربية ؟ ولماذا منطقة الغور وشمال البحر الميت والمنطقة سى؟ بالإضافة إلى الإعتبارات ألأيدولوجية والعقيدية التي تشكل المرجعية السياسية لكل الحكومات والأحزاب في إسرائيل والتي تعتبر الإستيطان حق ولا يمكن المساس به، هناك الإعتبارات ألأمنية والإستراتيجية والجيوسياسية والإقتصادية والمائية التى تشكلها المنطقة المنوى ضمها.فمنطقة غور الأردن وما تشكله من مساحة حوالى 30 في المائة من مساحة الضفة الغربية فضلا عن أهميتها المائية والإقتصادية ، مع منطقة شمال البحر الميت تعنى فصل العمق السكانى والجغرافى بين فلسطين والأردن، وهذه أحد الأهداف الإستراتيجية لإسرائيل كما في غزة خلق جيتو خلق جيتو آخر في الضفة الغربية بغلق حدود كل السلطة الفلسطينية ومن ثم التحكم في كل مناقذها، وإخضاعها لمشيئة القرار السياسى والعسكرى الإسرائيلي. ومن ناحية أخرى فصل كامل لأى إمتداد بشرى مع الفلسطينيين في داخل إسرائيل وهم يشكلون خمس السكان. ما يقلق إسرائيل العنصر السكانى الفلسطيني وخصوصا ربطه بالإمتداد السكانى سواء في ألأردن أو في داخل إسرائيل،هذا العنصر السكانى لو توفرت له الدولة فسيشكل الخطر الحقيقى الذى سيواجه إسرائيل ولن تجدى معه كل قوة إسرائيل حتى النووية ، وسيؤول في النهاية لدولة واحده.ماذا يعنى الضم من منظور فلسطيني ؟مستقبل فلسطين مرتبط ومرهون بالضفة الغربية لما تمثله من أهمية إستراتيجية وسياسية للدولة الفلسطينية ، فهى منطقة القلب والرئة التي يتنفس منها الفلسطينيون، فلا مستقبل سياسى للسلطة الفلسطينية، بل الضم يعنى سقوطا آليا لهذه السلطة التي لم يعد لها مبرر، ولا مستقبل سياسى لغزة لأنها ستبقى جزءا هامشيا معزولا لا يشكل اى أهمية إلا بحجم سكانه، ولا مستقبل سياسى للشعب الفلسطيني في الشتات وفى الداخل، وسيعنى نهاية أبدية للدولة الفلسطينية ، وإحتلال وسيطرة دائمة للشعب الفلسطيني من قبل إسرائيل. الضم يعنى إلغاء لكل قرارات الشرعية الدولية، وقرارات الأمم المتحده التي أعتبرت الإستيطان غير مشروع ،وخصوصا القرار 2334 الصادر عن مجلس الأمن والذى أعتبر الإستيطان في الاراضى الفلسطيني غير شرعى. الضم يعنى تنفيذ صامت لصفقة القرن، فبعد ضم الجولان يأتى الدور على الضفة الغربية،والضم يعنى ضربة قاصمه للمبادرة العربية ودفنها من قبل إسرائيل، فهى ضربة للسياسة والكرامة العربية. ولكل القرارات التي صدرت عن القمم العربية وقمة منظمة التعاون الإسلامي . وتأكيد على مفهوم الوطن البديل الذى يؤمن به الفكر الليكودى. من هذا المنظور تبدو خطورة الضم. والسؤال ما هي تداعياته ومخاطره؟هذه التصريحات ستعيد المنطقة كلها وبشكل قوى إلى مواجهة من العنف والعنف المسلح، وستقوى من موقف كل القوى المقاومة ، وستعرض السلطة الفلسطينية إلى ضغط شعبى كبير يفرض عليها التخلي عن سياسة وإستراتيجية التوازن مع إسرائيل بالتقليص المتدرج والإنتقائى للإتفاقات الموقعة . وسيخلق قوة شعبية تدعم موقف المقاومة ومنطقها، وسيسقط نهائيا منطق التمسك بالمفاوضات كخيار حتمى لتسوية الصراع،وفى الوقت ذاته قد يوفر زخما وتأييدا للسلطة الفلسطينية في موقفها الرافض لصفقة القرن، وجدوى التفاوض مع حكومات يمينية تقود إسرائيل والمنطقة كلها إلى خيارات الحرب و عدم الاستقرار. هذه النية بالضم تحتاج إلى إستراتيجية إستباقية من قبل السلطة ، والنأى عن إستراتيجيات الإنتظار،وتبنى كافة الإستراتيجيات ، ونقل المسؤولية عن تداعيات مثل هذه نية إسرائيلية إلى مسؤولية عربية وإسلامية ودولية ، وبتفعيل دور القرارات الدولية وخصوصا القرار رقم 2334 الصادر عن مجلس ألأمن والذى يدعو إلى عدم الإعتراف بالإستيطان الإسرائيلي في الآراضى الفلسطينية. وتفعيل كل قرارات الشرعية الدولية الأخرى في السياق نفسه، وهذا يحتاج إلى إستراتيجية ديبلوماسية فلسطينية من الآن. وفرصة أخرى في الخطاب الذى سيلقية الرئيس محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحده هذا الشهر، ووضع المجتمع الدولى كله تحت مسؤولياته، وتقديم رؤيته للسلام وأساسها الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية ، والعمل على إنشاء تحالف عربى دولى لمقاومة اى محاولات للضم ، وإلى جانب هذه الإستراتيجيات لا بد من تفعيل خيار المقاومة السلمية بكل أبعاده ومستوياته فلسطينيا وعالمين وإنشاء لجنة أزمة فلسطينية يشارك فيها الجميع، والإبتعاد عن العمل الفردى الأحادى ما بين الضفة وغزة ، فخطأ فلسطيني واحد من شأنه ان يجهض كل الجهود الفلسطينية . ولعل الأهم الإعلان الصريح والواضح عن مرحلة الدولة الفلسطينية المراقب في الأمم المتحده تحت الاحتلال والتقدم بطلب للعضوية الكاملة ، وتحديد حدود هذه الدولة وماهيتها إلى ألأمم المتحده، والدعوة لعقد اجتماع للجمعية العامة تحت قانون من أجل السلام للتغلب على الفيتو الأمريكي لنيل العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية تحت الاحتلال، والمسؤولية الدولية بإنهاء الاحتلال ،عندها يمكن تفعيل سياسة معاقبة إسرائيل على مخالفاتها الدولية. هذه الإستراتيجيات من شانها ان تشعر إسرائيل والولايات المتحده ان لا سلام ولا امن ولا إستقرار بدون الدولة الفلسطينية وأن فلسطين ليست مجرد إسم يمكن شطبه هي شعب وأرض وتاريخ وهوية..