شفا – تقدمت دولة الإمارات ثلاث مراتب في العام 2018 عن ترتيبها في عام 2017 لتحل المرتبة 27 عالمياً من حيث قدرتها على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وفق التصنيف المتبع لدى مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الأونكتاد”، في نتائج تقرير الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي الصادر لعام 2019.
وأوضح التقرير أن دولة الإمارات جذبت استثمارات أجنبية مباشرة في عام 2018 تصل قيمتها إلى 10.4 مليار دولار أمريكي، لتتصدر المرتبة الأولى عربياً مستحوذة على 36% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتدفقة إلى مجموعة الدول العربية، والمرتبة الثانية على مستوى منطقة غرب آسيا، مستحوذة على نحو 33.4% من إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة إلى هذه المنطقة.
وقال معالي سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد، إن النتائج المتقدمة للدولة تؤكد ثقة المستثمرين العالميين في كفاءة وجودة مناخ الأعمال بالدولة، كما أنها ترسخ المكانة الريادية التي باتت تحتلها دولة الإمارات كوجهة إقليمية رئيسية للاستثمار.
وأوضح معاليه أن الدولة تتمتع بمناخ اقتصادي منفتح وبيئة اعمال مرنة مدعومة ببنية تحتية قوية وبنية تشريعية وتكنولوجية متطورة وقادرة على النمو، فضلاً عن الجهود المتواصلة لتطوير مبادرات نوعية لتعزيز الكفاءة الاقتصادية والمالية، وتنشيط الاستثمار، وتحفيز الإنتاج المحلي، وتطوير القدرة التنافسية، وذلك لضمان استمرارية واستدامة المكانة المتقدمة للدولة على خارطة الاستثمار العالمي.
وتابع معاليه أن المؤشرات العالمية المتعلقة بالاستثمار الأجنبي المباشر توضح المكانة الرائدة لدولة الإمارات ودورها الفاعل في تعزيز ودعم تدفقات الاستثمار الواردة والصادرة على مستوى المنطقة، حيث احتلت دولة الإمارات العربية المتحدة المرتبة الثانية على مستوى دول غرب اسيا مستحوذة على ما نسبته 35.5% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في دول غرب آسيا، وعلى مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بنسبة 22% من إجمالي تدفق الاستثمار الأجنبي إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
وأضاف معالي المنصوري أن دولة الإمارات إلى جانب مكانتها المتميزة ضمن أهم الدول المستقطبة للاستثمارات الأجنبية، فإنها أيضا تحتل مكانة رائدة إقليمية على صعيد تدفقات الاستثمار الأجنبي الصادرة عن الدولة.
وقد نجحت الاستثمارات الإماراتية بالخارج في إثبات كفاءة عالية في الأسواق الإقليمية والدولية، وفي مختلف القطاعات الاقتصادية الحيوية، واستطاعت تلك الشركات تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني في عدد من الصناعات والخدمات العالمية المتقدمة مثل صناعة الطيران وخدمات النقل الجوي والموصلات والتعدين والقطاع اللوجستي والموانئ والبنى التحتية، بالإضافة إلى التقدم الكبير الذي حققته في مجال الطاقة المتجددة علاوة على قطاع العقارات والانشاءات، وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وقطاع النفط والغاز الطبيعي، وقطاع السياحة والفنادق، والقطاع المصرفي والقطاع الزراعي.
وأورد التقرير أن إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الصادرة من الإمارات إلى دول العالم وصل إلى 15 مليار دولار بنسبة 7.2% في عام 2018، لتحل في المركز 19 عالمياً، وفق التصنيف المتبع لدى مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “الأونكتاد”، متقدمة مرتبتين عن موقعها في عام 2017، وتتبوء بذلك المرتبة الثانية على مستوى منطقة غرب آسيا، مستحوذة على ما نسبته 31% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة الصادرة من هذه المنطقة، بعد المملكة العربية السعودية التي احتلت المرتبة الأولى بنسبة 43% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة الصادرة من دول منطقة غرب اسيا للعام 2018.
وإلى جانب ذلك، أوضح التقرير أن دولة الإمارات حلت في المرتبة الثانية عالمياً فيما يتعلق بتوقيع اتفاقيات الاستثمار الثنائية الدولية وذلك بست اتفاقيات استثمار ثنائية من إجمالي 40 اتفاقية استثمار دولية تم توقيعها خلال العام 2018.
أما فيما يتعلق بالمشاريع الاستثمارية الخضراء فقد جاءت دولة الإمارات بعد كل من الولايات المتحدة وفرنسا، وقد بلغ حجم الاستثمارات الخضراء لدولة الإمارات في هذه المشاريع ما مقداره 179 مليون دولار.
وأشار التقرير إلى دور المناطق الحرة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث يعتبر هذا من التحديات التي تواجهها المناطق الحرة على مستوى العالم، إلا أن التقرير اعتبر المناطق الحرة في دول مجلس التعاون الخليجي هي من المناطق الرائدة التي تساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مؤكداً ذلك بأنها تستخدم المناطق الاقتصادية الخاصة لدعم التحول الاستراتيجي في الصناعات الرئيسية /مثل التمويل/، بالإضافة إلى مرافقها الحديثة والمتطورة.
وأعطى التقرير مثالاً على ذلك، المناطق الاقتصادية الخاصة الرائدة في دولة الإمارات، حيث أفاد بأن ميناء جبل علي قد أثبت نجاحه في جذب الشركات متعددة الجنسيات لإنشاء مراكز توزيع إقليمية، مما شجع انتشار المناطق الاقتصادية الخاصة في دولة الإمارات وخاصة تلك التي تعمل كمراكز لإعادة التصدير.
وقال معالي سلطان بن سعيد المنصوري، إن تناول التقرير نموذج المناطق الحرة بدولة الإمارات عكس ريادة الدولة في تأسيس وتطوير عدد من المناطق الحرة المتخصصة والتي تسهم في نقل وتوطين التكنولوجيا الحديثة واستقطاب استثمارات نوعية تخدم الأهداف التنموية، بالإضافة إلى التأكيد على نجاح التكنولوجيا الحديثة في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشر إلى المناطق الحرة في دولة الإمارات، مثل منطقة حرة للتكنولوجيا والتجارة الإلكترونية التي تستهدف الاستثمار في مجموعة من الخدمات المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات، وصولاً إلى إنشاء مناطق حرة متخصصة أخرى، مثل مدينة دبي للإنترنت ومدينة دبي للإعلام وقرية المعرفة ومركز دبي للسلع المتعددة ومدينة دبي للرعاية الصحية.
السوق العالمي وعلى الصعيد العالمي، شهدت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة تراجعاً ملحوظاً خلال عام 2018 مقارنة بعام 2017 بمقدار 200.2 مليار دولار وبنسبة تراجع 13.4%، لتتراجع قيمتها من 1.497.3 مليار دولار في عام 2017 إلى 1.297.1 مليار دولار في عام 2018، وهذا التراجع لا يعبر عن حقيقة المتغيرات التي حصلت للاقتصاد الكلي للدول النامية بشكل عام، التي شهد بعضها تحسناً في عام 2018، إلا أنه يبين التراجع الملحوظ في إجمالي التدفقات في الاقتصادات المتقدمة والاقتصادات التي تمر بمرحلة انتقالية.
وأرجع التقرير هذا الانخفاض العالمي في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بصورة جزئية إلى العودة الكبيرة للاستثمارات الأجنبية المتراكمة من قبل الشركات متعددة الجنسيات إلى الولايات المتحدة الأمريكية في الربعين الأولين من عام 2018، وذلك في أعقاب الإصلاحات الضريبية التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية التي بدأت بتطبيقها في نهاية عام 2017.
تجدر الإشارة إلى الانخفاض الحاصل على الضرائب قد خفّض الاستثمار الأجنبي المباشر من خلال زيادة نشاط المعاملات في النصف الثاني من عام 2018، بالإضافة إلى أن التدفقات السلبية في عدد قليل من الدول المضيفة الكبيرة في الاتحاد الأوروبي نتيجة لإعادة الاستثمارات إلى الدولة الأم.
وهذا كله بالرغم من ارتفاع قيمة عمليات الاندماج والاستحواذ عبر الحدود بنسبة 18%، التي كانت مدعومة من الشركات متعددة الجنسيات في الولايات المتحدة باستخدام السيولة في الشركات التابعة لها الأجنبية التي لم تعد مرهونة بالالتزامات الضريبية.
كما أشار التقرير إلى أن توقعات الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2019 تتجه إلى الزيادة بنسبة 10% لتصل إلى ما يقرب من 1.5 تريليون دولار وهو ما يزال أقل من متوسط السنوات العشر الماضية، حيث يتمثل العامل الرئيسي في زيادة التوقعات في الانتعاش المحتمل من المستويات المنخفضة بشكل غير عادي للاستثمار الأجنبي المباشر في البلدان المتقدمة في عام 2018.
وفي ظل تراجع العائدات الأجنبية للشركات متعددة الجنسيات في الولايات المتحدة في النصف الثاني من عام 2018، فإنه من المرجح أن تعود تدفقات البلدان المتقدمة إلى مستوياتها السابقة، مما يعني حدوث قفزة كبيرة في بعض البلدان التي تتلقى عادةً تدفقات كبيرة ..هذا وإن الزيادة المتوقعة في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2019 قد تبينت من خلال الارتفاع في الإعلانات التي تمت لمشاريع الحقول الخضراء /النفقات المخطط لها/ بنسبة 41%.
وعلى الرغم من هذه المؤشرات التصاعدية، إلا أن حجم الزيادة المتوقعة في الاستثمار الأجنبي المباشر محدود نسبيًا لأن اتجاه الاستثمار الأجنبي المباشر الأساسي طويل الأجل لا يزال ضعيفا حيث تؤكد بيانات الاندماج والشراء للشهور الأربعة الأولى من عام 2019 على الحاجة إلى توخي الحذر؛ فقد بلغت قيمة عمليات الاندماج والشراء عبر الحدود حوالي 180 مليار دولار، أي أقل بنسبة 10% عن نفس الفترة من عام 2018.
كما أن هناك احتمال ان يكون هناك تأثير من خلال عدة عوامل مثل المخاطر الجيوسياسية، وتزايد التوترات التجارية، والتخوف من التحول نحو السياسات، بأن يكون لها تأثير سلبي على الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2019، فضلاً عن تزايد تأثير الإصلاحات الضريبية في الولايات المتحدة بشكل كبير على قرارات الاستثمار التي تتخذها المؤسسات متعددة الجنسيات في الولايات المتحدة في عام 2019، كما أنه على المدى الطويل فإن هناك توقعات باحتمال أن تكون أسعار الفائدة قد ارتفعت في الاقتصادات المتقدمة والتي قد تكون لها آثار خطيرة على عملات الأسواق الناشئة والاستقرار الاقتصادي والتي يكون لها أثر على الأسواق المالية وعلى تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.