صفقة القرن .. بين الحلول المأساوية والإنسانية ! بقلم : ثائر نوفل أبو عطيوي
رغم التصريحات والأحاديث الموسمية عن جولات المصالحة والعمل على استعادة الوحدة، وبعد انعدام أي أفق وحلول مستقبلية للمصالحة الفلسطينية التي تستند على القاعدة الوطنية بشقيها وحدة الهدف والمصير المشترك، بات واضحاً بأن المصالحة حلم صعب التحقيق والمنال، لعدم توافر صدق النوايا في كل الأحوال، وبقاء الواقع السياسي الفلسطيني يراوح في مكانه رغم خطورته على مستقبل المشروع الوطني ، والتقدم الإيجابي ولو خطوة للأمام يعطي إشارات أنه محال ومحال ، وكذلك ظهور معالم صفقة القرن التي تحمل في طياتها الضياع والكوارث والأهوال لشعب محتل ليس باستطاعته القدرة أكثر على الاحتمال …
في ظل تهديد ووعيد حكومة الاحتلال المتطرفة المستمر ونيتها المعلنة على خوض حالة التصعيد الميداني، وفي ظل انغلاق كافة المسارات العملية للحياة الإنسانية في قطاع غزة ، بدأت معالم صفقة القرن تظهر أكثر وضوحاً من خلال التصريحات الصهيو أمريكية وتحليلات واراء الساسة والخبراء والكتاب الإسرائيليين والتي كان أخرها ما ورد في صحيفة ” مكور ريشيون” الإسرائيلية ، التي طرحت بشكل معلن وواضح الدخول لبوابة صفقة القرن عبر تقديم حلول إنسانية مقترحة للتعامل مع الأزمة الإنسانية في قطاع غزة واستثناء البعد السياسي والرئيسي للقضية بشكل تام .
الرؤية الإسرائيلية التي تم تناولها على طرح البدائل والحلول الديموغرافية والجغرافية لسكان قطاع غزة والتوسع نحو سيناء جنوباً وتعزيز ودعم مقومات الاقتصاد المنهار من جديد، والتشجيع على الهجرة الطوعية المبطنة، وتسهيل حركة السفر والتنقل من أجل هجرة سكان غزة.
على نفس المسافة لأبعاد ومعالم صفقة صفقة القرن يرى الخبراء والكتاب والمحللين الإسرائيليين بأن أي موجة تصعيد فلسطينية تخرج من قطاع غزة لا بد أن يقابلها مواجهة عسكرية إسرائيلية صارمة عنوان التدمير واستهداف المباني والمنشئات الكبرى كمرحلة أولى من عملية التصعيد.
إذن مما لا شك به أصبحت صفقة القرن ليس مصطلحاً سياسياً يحاول الترويج له أو الإعلان عنه، بل أصبحت قيد التنفيذ ومنذ زمن، لأن كل المعطيات والبراهين تشير بأن ضفقة القرن أضحت مشروعا إسرائيليا أمريكياً جاري تنفيذه وفق خطة واقعية وبرامج عملية تسير وفق ما يخطط له، على الرغم أن هناك الكثير من التصريحات والتحليلات ذات الشأن الفلسطيني والعربي بأن صفقة القرن خيال من وحي رئيس الإدارة الأمريكية “ترامب” وهو حلم صعب التحقق والمنال.
الواقع السياسي الفلسطيني والعربي في ظل تراكم الأزمات والاختلافات والنكبات يقول بأن تمرير صفقة القرن وتطبيق جوهر معالمها أصبح أمر واقع لا مفر منه، بسبب الانقسام الفلسطيني وتشتت الموقف العربي بين الصمت والرفض لصفقة القرن والرغبة المعلنة في الانفتاح والتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي من قبل بعض الحكومات العربية التي لم توقع معاهدات “سلام” من قبل مع الاحتلال من جهة ، وغياب الوعي العربي لمخاطر وأبعاد صفقة القرن من جهة أخرى ، الذي يجعل من الصفقة تسير براحة واطمئنان وفق البرنامج العملي والجدول الزمني المحدد لها.
صفقة القرن.. صفقة تعتبر صفقة سياسية لأنهاء معالم القضية الفلسطينية ببعدها الوطني والعربي على حد سواء، وتعد امتداداَ عملياً لقوى الاستعمار العالمية التي تهدف أن تكون دولة الاحتلال الإسرائيلي المتحكم الرئيسي في الشرق الأوسط وصاحبة الرؤية التي ستدير الواقع السياسي الفلسطيني والعربي الجديد في إطار دعم عالمي له ارتباطات وثيقة ومصالح مشتركة مع دولة الاحتلال.
للخروج من عتمة النفق المظلم الفلسطيني الذي يعد الانقسام السياسي سبباً رئيسياً به، والمأزق العربي الناتج عن اختلاف الرؤى والحروب واتون الصراعات الداخلية الخاضع في تفاعل وتيرته للمحاور الاستعمارية، لا بد من استعادة الوحدة الوطنية وتوحيد الموقف العربي بشكل عاجل، والوقوف أمام التحديات التي تعصف بالمشروع الوطني المستقل والمشروع العربي القومي، حتى لا يتم استكمال فصول صفقة القرن الاستعمارية ويصبح الجميع فلسطينيين وعرب في خبر كان …!؟