شفا – يُصادف اليوم 16/4 ذكرى وفاة رمز من رموز الثورة الفلسطينية، رفيقاً في السلاح والنضال والقائد أبو عمار “رحمهما الله”، لا تكاد تخلو صورة من صور الثورة إلا ووجد فيها الإثنان، جنباً إلى جنب، والوطن همهما الوحيد.
فمن هو الرمز “أبو جهاد”؟
حياته
ولد خليل الوزير في 10 تشرين الأول/ أكتوبر 1935 في مدينة الرملة بفلسطين، والتي غادرها مع عائلته إلى مدينة غزة، عبر رام الله والخليل، وذلك بعد قيام القوات الصهيونية باحتلال مدينته وتهجير سكانها في تموز/ يوليو 1948. والده: إبراهيم محمود الوزير؛ والدته: فوزية خليل شيخو؛ إخوته: غالب؛ منذر؛ زهير؛ أخواته: زاهرة؛ نبيلة؛ زينب. زوجته: انتصار مصطفى محمود الوزير (ابنة عمه). أبناؤه: الدكتور جهاد؛ باسم. بناته: إيمان؛ الدكتوره حنان؛ نضال.
دراسته وعمله
تلقى خليل الوزير تعليمه الابتدائي بإحدى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في مدينة غزة، وأنهى دراسته الثانوية في مدرسة فلسطين الثانوية سنة 1954.
التحق بكلية الآداب قسم الصحافة بجامعة الإسكندرية سنة 1955، لكنه لم يكمل دراسته الجامعية، وانتقل في صيف سنة 1957 إلى السعودية للعمل مدرساً لمدة أشهر قليلة في مدينة القنفذة في منطقة عسير.
غادر السعودية إلى الكويت، في خريف سنة 1957، ليعمل مدرساً، وبقي في الكويت حتى سنة 1963.
نضـــالــه
التحق خليل الوزير سنة 1952 بـ”جماعة الإخوان المسلمين”، وكان أمين سر مكتبها الطلاّبي في غزة، لكنه ترك الجماعة بعد أن رفضت قيادتها مشروع كفاح مسلح تقدم به إليها، وبدأ بتنظيم خلايا عسكرية قامت بتنفيذ العديد من عمليات التفجير وزرع الألغام في الأراضي الفلسطينية المحتلة المتاخمة لقطاع غزة، من أهمها عملية تفجير خزان مياه “زوهر” قرب بيت حانون، في 25 شباط/ فبراير 1955. وكان من أهم رفاقه، في تلك الفترة، كلٌ من: كمال عدوان، وأبو يوسف النجار، وسعيد المزين، وعبد الفتاح الحمود، وغالب الوزير، وعبد الله صيام، ومحمد الإفرنجي، وحمد العايدي.
بعد اعتداء القوات الإسرائيلية على قطاع غزة في 28 شباط/ فبراير 1955، رداً على عملية “زوهر” الفدائية، والذي سقط بنتيجته عشرات الشهداء والجرحى من المصريين والفلسطينيين، شارك خليل الوزير في قيادة المظاهرة الحاشدة التي انطلقت من مدرسة “فلسطين” الثانوية في مدينة غزة، ورفع المتظاهرون خلالها شعارات “جندونا تنقذونا”، “دربونا تسعفونا”، إلى جانب شعارات ترفض مشروع توطين اللاجئين الفلسطينيين في سيناء.
ترك الجامعة، أثناء العدوان على غزة في خريف سنة 1956، والتحق بمعسكر التدريب الذي أقامته “رابطة طلاب فلسطين” في مصر والتقى مع ياسر عرفات، ثم تعددت اللقاءات بينهما.
اتفق خليل الوزير، في خريف سنة 1957، مع ياسر عرفات في الكويت على تأسيس تنظيم سري بهدف تحرير فلسطين من خلال الكفاح المسلح. وشارك الاثنان، في تشرين الثاني/ نوفمبر 1959، في اجتماع عقد في شقة بالكويت، بحضور عدد من الشبان الفلسطينيين الذين قدموا من عدة بلدان عربية، أُعلن فيه عن تأسيس “حركة التحرير الوطني الفلسطيني” (فتح)، واختير عضواً في اللجنة المركزية الأولى للحركة، واستمر عضواً في هذه اللجنة حتى استشهاده.
أشرف على إصدار نشرة ” نداء الحياة- فلسطيننا” في تشرين الأول/ أكتوبر 1959 في بيروت، والتي صارت تعكس مواقف حركة فتح.
شارك خليل الوزير، بين سنتي 1960 و1962، في تشكيل خلايا سريّة لحركة فتح في مدن الضفة الغربية لنهر الأردن، وساهم في شراء وتخزين السلاح لهذه الخلايا.
غادر الكويت في تشرين الثاني/ نوفمبر 1963 إلى الجزائر، حيث تولّى، باسم حركة فتح، مسؤولية أول مكتب لفلسطين في الجزائر، وصار ينظّم دورات عسكرية لمتطوعين فلسطينيين في الكلية الحربية بالجزائر، كما أشرف على إصدار نشرتين، الأولى باسم “صرخة فلسطيننا”، والثانية باسم “أخبار فلسطيننا”.
وفي آذار/ مارس 1964، توجه خليل الوزير برفقة ياسر عرفات إلى الصين الشعبية، حيث وافق قادتها على فتح مكتب فلسطين في العاصمة بكين، وتعهدوا بدعم الثورة الفلسطينية فور إنطلاق شرارتها، ثم توجه إلى فيتنام الشمالية وكوريا الشمالية، كما زار، بعد ذلك، يوغوسلافيا وألمانيا الديمقراطية.
شارك في المؤتمر الوطني الفلسطيني الذي عقد في مدينة القدس في نهاية أيار/ مايو 1964، وهو المؤتمر الذي أُعلن فيه تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، وكان عضواً في اللجنة السياسية للمؤتمر.
غادر خليل الوزير الجزائر في سنة 1965 إلى دمشق حيث أقام مقر القيادة العسكرية وكلف بالعلاقات مع الخلايا الفدائية داخل فلسطين، وبخاصة بعد أن كان جناح حركة فتح العسكري، “قوات العاصفة”، نفذ في ليلة 31 كانون الأول/ ديسمبر 1964، أول عملية فدائية رمزية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1948، في ممر مائي يحمل اسم “نفق عيلبون”، تم فيها تفجير شبكة مياه إسرائيلية وجرح جنديين إسرائيليين، واستشهد بنتيجتها أحد منفذي العملية وهو أحمد موسى سلامة.
اعتقل خليل الوزير، مع ياسر عرفات وعشرة من رفاقهما، لفترة قصيرة في دمشق في شباط/ فبراير 1966، بعد اتهامهم بالتسبب في مقتل الضابط الفلسطيني في الجيش السوري يوسف عرابي.
عند قيام إسرائيل بعدوانها على مصر وسورية والأردن، واحتلالها للقدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وصحراء سيناء في حزيران/ يونيو 1967، نظّم خليل الوزير عدة عمليات عسكرية ضد القوات الإسرائيلية في الجليل الأعلى في شمال فلسطين.
في إثر الصدامات العنيفة التي وقعت بين الفدائيين والجيش الأردني في أيلول/ سبتمبر 1970، والتي أسفرت عن خروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من الأردن، انتقل خليل الوزير مع رفاقه إلى لبنان، وصار يتنقل ما بين بيروت ودمشق.
تولى مسؤولية التنظيم ثم الإعلام في حركة فتح، وأصبح عضواً في القيادة العامة لقوات العاصفة، ثم صار يشرف على نشاط تنظيم فتح داخل المناطق الفلسطينية المحتلة، المعروف باسم “القطاع الغربي”، وذلك بعد استشهاد كمال عدوان، مسؤول هذا القطاع، على يد وحدة عسكرية إسرائيلية تسللت سراً إلى بيروت في نيسان/ أبريل 1973.
انتخب خليل الوزير نائباً للقائد العام، ياسر عرفات، في المؤتمر الرابع لحركة فتح الذي عقد في دمشق في أيار/ مايو 1980.
كان له دور قيادي بارز في التصدي للعدوان الإسرائيلي على لبنان، في صيف سنة 1982، وفي معركة صمود القوات المشتركة الفلسطينية- اللبنانية في بيروت المحاصرة من قبل القوات الإسرائيلية.
بعد خروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان، انتقل خليل الوزير، مع ياسر عرفات، إلى تونس، ثم عُيّن، سنة 1984، رئيساً للجانب الفلسطيني في اللجنة الأردنية- الفلسطينية المشتركة لدعم صمود الأرض المحتلة، وعمل على دعم مؤسسات المجتمع المدني وبناء التنظيم وأسس حركة “الشبيبة” الطلابية و”لجان المرأة للعمل الاجتماعي” ونقابات العمال في الأراضي المحتلة، وقام بدعم صمود أبناء الشعب الفلسطيني في كافة المجالات.
ترأس خليل الوزير وفد حركة فتح في جلسات الحوار الوطني الفلسطيني، التي عقدت في عدن والجزائر في صيف 1984.
انتقل خليل الوزير إلى بغداد في صيف سنة 1986 بعد فشل خطة العمل المشترك الفلسطينية – الأردنية التي كان عرفات والملك حسين قد أتفقا بشأنها في شباط/ فبراير 1985.
استشهاده
كان خليل الوزير أحد أبرز مهندسي الانتفاضة الشعبية الأولى التي اندلعت في كانون الأول/ ديسمبر 1987، وشارك في توجيهها ودعمها حتى ساعة استشهاده.
قامت وحدة “سييرت متكال” العسكرية الإسرائيلية، بقيادة المقدم موشيه بوغي يعلون، الذي أصبح لاحقاً رئيس الأركان ثم وزير الدفاع، باغتياله في منزله في حي سيدي بو سعيد في تونس في 16 نيسان/ أبريل 1988.
نُقل جثمانه إلى مدينة دمشق حيث شيعه عشرات الآلاف من الفلسطينيين والسوريين ودفن في مقبرة الشهداء بمخيم اليرموك.
المناصب التي شغلها
تقلد الشهيد خليل الوزير (أبو جهاد) العديد من المناصب خلال مسيرته النضالية؛ فقد كان عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني، وفي المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وعضواً في المجلس العسكري الأعلى للثورة الفلسطينية، ونائباً للقائد العام لقوات الثورة الفلسطينية.
وقد عُرف خليل الوزير بهدوئه ودماثته، وكان مثالاً لنكران الذات والتواضع، ونجح في نسج علاقات صداقة وتضامن واسعة مع العديد من زعماء حركات التحرر الوطني في العالم.