شفا – في جو احتفالي مَهيب، ووسط سعادة وفرحة غمرت الأهالي، احتفلت اللجنة الوطنية والإسلامية للتنمية والتكافل “تكافل” بتخريج وتحرير شهادات طلاب وطالبات جامعتي الأزهر والأقصى بغزة، وبرعاية وتكريم من القائد الفلسطيني النائب في المجلس التشريعي عن كتلة فتح البرلمانية محمد دحلان، ودعم ومساندة لجنة الإغاثة المصرية الإماراتية، في منتجع الشهاليهات السياحي على شاطئ بحر غزة.
وتقدم شريف النيرب المتحدث باسم لجنة تكافل منصة الاحتفال مرحباً بنواب المجلس التشريعي وقيادات وأعضاء القوى والفضائل الوطنية والإسلامية، والشخصيات الاعتبارية والأهالي، الذين شاركوا الطلبة عرسهم الوطني والعلمي الكبير، داعياً موكب الخريجين للتقدم ناثراً أجمل العبارات لهؤلاء الثلة العلمية المباركة والتي صمدت رغم العواصف والأزمات والحروب لتصل غلى هذه المنصة التكريمية.
وسط زغاريد الأمهات وتصفيق العوائل ودمعات الفرح، وإطلاق الألعاب النارية دخل موكب الطلاب الخريجين متوشحين بالكوفية الفلسطينية وثوب التخرج المزين بألوان العلم الفلسطيني، حاملين الرايات وباقات الزهور، ثم اُفتتح الحفل بآيات عطرة من القرآن الكريم ثم السلام الوطني الفلسطيني.
وكان لأصحاب الفضل العطاء كلمة، نظمها القيادي النائب في المجلس التشريعي د. ماجد أبو شمالة رئيس لجنة تكافل، مباركاً للطلاب عرسهم الوطني، ولذويهم جهدهم الطيب ليشهدوا مع أبنائهم هذا الاحتفال المَهيب، واستهل حديثه مستذكراً نواة تأسيس لجنة “تكافل”، والتي جاءت لخدمة أبناء الشعب الفلسطيني دون تمييز، وقال: “اجتمعنا كفصائل وقوى وطنية وإسلامية في حضن الشقيقة مصر رغم اختلاف سياستنا وأفكارنا إلا أننا نعلم أن ما يوحدنا هو وطنيتنا وخدمة أبناء شعبنا المحاصر، فقد وضعنا خلافاتنا جانباً وعملنا ليلاً ونهاراً لتوفير كل سبل الراحة لأخوتنا في غزة تمكنهم من مواصلة الطريق.
وتابع: استطاعت تكافل أن تقدم المساعدة للشهداء والجرجى والمهشمين والمحاصرين، وصنعت المستخيل من أجل أبناء شعبها في غزة، ومضى يقول: القائد محمد دحلان شكل حضناً دافئا ً لهذا الشعب من خلال تلمس احتياجاته وقدم له كل سبل الحياة من أجل الصمود، وبين: قدمنا عبر تكافل المساعدات الطبية والعينية والمالية، وها نحن نكرم اليوم كوكبة من خريجي الجامعات الفلسطينية لاسنادهم في الحياة العلمية باستحراج شهاداتهم والبدء بمشاريع تخصيصة ترتقي بها فلسطين بين مصاف العالم.
“اليوم نشكل وحدة وطنية، بعيداً عن الحزبية، لنواجه الانقسام والحصار، ولنقف إلى جانب طلابنا الذي عانوا من الانقسام والحصار” وأكمل النائب أبو شمالة: “غزة منبع الثورة والعطاء والتضحية، ولن تسامح من جوّع أبنائها، وكان سبباً في موت أطفالها ووجع عائلاتها”، ولأن غزة وأبنائها يستحقون منا كل الاحترام والتقدير لصمودهم وعطاءهم كانت مشاريع تكافل لتخفيف الألم وتعزيز الصمود وإسعاد القلوب، برعاية الأخ محمد دحلان الذي يضع راحة ومعاناة أهلنا في غزة في مقدمة أولوياته، وفقاً لأبو شمالة.
وعن تحرير مشروع تحرير الشهادات أشار رئيس تكافل “النائب أبو شمالة” إلى أن تكافل حررت شهادات 10 آلاف خريج من جامعات غزة ليبدأوا بمشاريعهم الخاصة التي تساهم في تطوير ورقي فلسطين، وبين: واجهنا الكثير من الانتقادات ووُضعت أمامنا العراقيل بأننا سنكون عاجزين عن إكمال المنحة من ناحية رفض الجامعات التعاطي معنا أو التضيق علينا، لكننا اليوم -وفقا للقائد أبو شمالة- أثبتنا أننا قادرين على منح الحب والاهتمام لأبناء شعبنا.
وعلى أنغام الثورة اعتلت الشاعرة الفلسطينية التي تميز شعرها بالتراث والبداوة الفلسطينية، إلهام أبو ظاهر لتغني قصيدة شكر وعرفان للمرأة الفلسطينية، محتفلة بتخريج هذه الثلة المميزة من الطلاب والطالبات، واصفة عطاء ونضال المرأة الفلسطينية بجهاد وتفاني دلال المغربي تلك الرمزية الفلسطينية العريقة التي صنعت للمرأة الفلسطينية تاج عز ووقار أمام العالم.
وفي لوحة اتسعراضية مشرقة وحركات فلكورية متناقسة ومتناغمة أدت فرقة الدبكة الشعبية وصلة فنية وسط تصفيق وتلويح بالعلم الفلسطيني من الطلبة وذويهم وتصفيق حار من الحضور.
ونيابة عن زملائه الخريجين تقدم طبيب الأسنان أنس مقداد بكلماته المثنية على جهود لجنة تكافل وعطاء القائد الكبير محمد دحلان واهتمام اللجنة الإغاثية في مصر والإمارات بتكريم طلبة فلسطين في احتفال يليق بعطائهم وتميزهم، وبدأ كلمته بالحديث عن أهمية التعليم في مواجهة الاحتلال وتأمين سبل العيش، وقال: “كل ثوارت شعبنا مرتبطة بالحركة الطلابية، التي قدمت الشهداء والجرحى”، وتابع: “المؤسسات التعليمية الفلسطينية كانت على الدوام قلاعاً للثورة وتعبئة الجماهير ومنارة للابداع والتميز، وصناعة المستخيل، وهي حجر الزاوية في المشروع الوطني الفلسطيني التي تخرج جيوشاً من المتميزين تفتحر بهم فلسطين”.
“لكن اصطدم الطالب الفلسطيني بالعديد من المطبات خلال مسيرة تعليمه بدءاً بالانقسام والحصار وارتفاع الرسوم الجامعية وانتشار البطالة، وليس انتهاءا بتعنت الجامعات في عدم تحرير شهادات الجامعة”، هكذا وصف الخريج مقداد المعاناة، مضيفاً: تلك المعاناة والمآسي دفعنا أعمارنا ومستقبلنا ضريبة لها، ولكن لم يتوقف المشوار عند تلك العثرات لأن الشباب الفلسطيني لم يعلم عنهم الاستسلام والخنوع للواقع، فكنا على يقين بأن آخر النفق هناك ضوءاً سيحلمنا إلى المستقبل المشرق، وهو حضن تكافل الدافئ.
وتحدث عن عطاء تكافل مبيناً: كانت لجنة تكافل هي نافذة الأمل لنا التي تطل على مستقبل مشرق، فقد أصرت على تحقيق مشروع تحرير الشهادات رغم تعنت إدارات الجامعات، وها هي اليوم تختفل بنا في هذا الموكب المهيب الذي يدعنا نحني الجباة شكراً وتقديراً لها على عطاءها الكبير في خدمة طلبة الجامعات الفلسطينية.
ونقل المهرجان رسائل حب وتقدير لأصحاب التميز والتحدي، تجارب فلسطينية مشرفة لطلبة كافحوا وصمدوا وقدموا لفلسطين صورة مشرقة أمام العالم، فكانت تجربة الطالب من ذوي الإعاقة “حسام اسدودي” الذي تحدث عن تحربته العلمية منذ دخوله صفوف محو الأمية ومن ثم الحصول على الابتدائية والاعدادية والثانوية، وصولاً إلى المرحلة الجامعية والالتحاق بكلية الحقوق في جامعة الأزهر.
وأشار إلى نجاحات وعثرات هذه المرحلة قائلاً: وُضعت أمامي العراقيل بأنني لن أستطيع أن أكمل تعليمي الجامعي في تخصص الحقوق لأنني على كرسي متحرك، وكيف بي أصعد الأدراج وأتلقى المحاضرات وأترافع وأحفظ النصوص والقوانين، لكنني جاهدت ودرست وتخرجت لأحمل رسالة ذوي الهمم العالية وادافع عن حقوقهم أمام المجتمع المحلي والعالمي بأن لهم حقوق مثلما الأناس الطبيعيين.
فيما قدمت الخريجة ديانا عكاشة نموذجاً آخر من التفوق والصمود وتحدي عقبات المجتمع والاحتلال، متحدثة عن تجربتها المؤلمة خلال أربع سنوات من الدراسة حيث تلقت خبر وفاة شقيفتها وابنتها وقصف بيتها وبقائها في غيبوية لمدة شهور حتى عادت إلى الحياة بروح جديدة وتحدي أكبر وحصلت على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية لتكون بين المتخفى بهم في هذا الاحتفال البهيج.
وفي ركن المتحفل بهم “طلبة جامعة الأزهر”، فكانت الضحكات والتهاني والمباركات ورش الورود، اختص بعض الطلبة -موقعنا- ببرقيات الشكر التي أرسلوها إلى لجنة “تكافل” والأب الحاني محمد دحلان، حيث شكر الطالب محمد حسين خريج قسم العلوم السياسية من جامعة الأزهر؛ تكافل على دورها الفاعل في خدمة قطاعات مختلفة في غزة وعلى رأسها الطلبة من خلال تحرير شهاداتهم والاحتفال بتميزهم، وأبرق بعبارات الشكر والثناء للقائد محمد دحلان على عطاءه اللامتناهي لأبناء غزة وخاصة شريحة الطلاب ليكملوا حياتهم العلمية والعملية ليرفعوا من مكانة فلسطين بين الدول العربية والأوروبية.
أما الطالب وليد محمود فقد عبر عن سعادته بوجوده بين زملائه في تخصصه وجامعته محتفلين بتخرجهم من الجامعة، قائلاً: تلك هي بداية مشرقة وأول الطريق إلى المجتمع الخارجي لنخدم مجتمعنا ونطبق كل ما تعلمناه في الجامعة لنترتقي بمجتمعنا، وبسبب عدم تسديد الرسوم انتظرنا هذه اللحظة بفارغ الصبر، وها هي تتحقق أمام ناظرينا اليوم، وشكر لجنة تكافل ممثلة برئيسها د. ماجد أبو شمالة ومجلس الأمناء والأيادي البيضاء التي لامست المعاناة والوجع وقدمت ما بوسعها لتفرح القلوب، فشكراً للقائد محمد دحلان، ومصر الشقيقة وإمارات الخير.
وختم الحفل بتكريم الطلبة من النواب وممثلي الجامعات الفلسطينية في غزة وسط تصفيق الأهالي وزغاريد الأمهات ورش الورود.