9:52 مساءً / 23 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

هل سيرفع الرئيس المصري المنتخب الحصار عن قطاع غزة؟ بقلم فرج العكلوك

في مسيرة العلاقة الممتدة لعقود بين القيادة المصرية وبين الشعب الفلسطيني في قطاع غزة فإن مداً وجذراً كان دوماً يشوب الحقب الزمنية الممتدة من العام 1967 تحديداً وحتى سقوط الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك. يتساءل الكثيرون حول مقدرة الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي في رفع الحصار عن قطاع غزة وإنهاء حالة العقاب الجماعي الذي يتعرض له ابناء القطاع بقرار دولي منذ سقوط السلطة الفلسطينية في القطاع.

 

لربما أنه ليس من السهل أن نغض الطرف عن العديد من التجاذبات الهامة التي ترتكز عليها الحالة السياسية المصرية حين نتحدث عن تفاعلات السياسة المصرية وتأثرها وتاثيرها على العلاقات المصرية الفلسطينية من جهة وتأثير تلك التفاعلات أيضاً على السياسة المصرية الأمريكية من جهة أخرى وما يترتب على  تلك العلاقة المصرية الأمريكية من استحقاقات تشي تصريحات بعض قيادات الاخوان في مصر بما قد يؤشر على توجه لعقد تحالف مصري أميركي كان آخره تصريح السيد الشاطر حين قال بأن مصر تسعى لتأسيس شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة. هذه الشراكة الاستراتيجية التي يسعى لها حزب الحرية والعدالة مع البيت الأبيض تفرض دون أدنى شك سياسة خارجية متزنة ومعتدلة تجاه العدو الصهيوني تضع على رأس أولوياتها الحفاظ على مصالح الكيان الاستراتيجية وعدم المساس بالأمن القومي للعدو.  ومن ناحية أخرى وبينما يقف مئات آلاف المصريين ومنذ أيام في ميدان التحرير رفضاً لإنتاج رئيس جمهورية يمشي على عكاز، فإن التركة المثقلة التي ورثها السيد مرسي لا يمكن تجاهلها او المرور عليها مرور الكرام.

 

أمام السيد مرسي طريقين لا ثالث لهما أولهما أن يتحول إلى رئيس يصيغ قراراته وفقاً لمجلس شورى الإخوان المسلمين وهو حينها سيكون قادراً على إفراز سياسة مصرية داخليه تتعاطى بإيجابية كبيرة مع حركة حماس في قطاع غزة مما سينتج عنه انفراجة حقيقية فيما يتعلق بموضوع رفع الحصار المفروض فعلياً على سكان قطاع غزة وليس على حركة حماس إذا ما اخذنا في الاعتبار حقيقة ان المعاناة الحقيقية إنما تمس وبشكل جوهري ومباشر قطاعات واسعة من محدودي الدخل في القطاع ناهيك عن آلاف المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر.

 

أما الاتجاه الآخر الذي يمكن للسيد مرسي سلوكه وهو الذي أظن أنه سيختاره فسوف يقوم على أساس إنتاج دولة مدنية حقيقية بمشاركة واسعة وفعالة ومؤثرة لجميع مكونات الطيف السياسي المصري والذي سمي مؤخراً بالطريق الثالث والذي اكتسب حديثاً زخماً إعلامياً وشعبياً لا يمكن التقليل من شأنه والذي بدوره أيضاً سيلعب دوراً شديد التأثير على أية مؤسسة رئاسة قد ينجح الدكتور مرسي في إنشاءها.

 

ويعد الخيار الثاني المطروح ذاك بمثابة نافذة قد تبدو ضرورة حتمية بالنسبة أولاً لحزب الحرية والعدالة رئاسياً وتشريعياً حين يلتئم مجلس الشعب الجديد وهو أيضاً خيار لا يمكن لقوى الطريق الثالث التنازل عنه. لقد أثبتت تجربة حركة الاخوان المسلمين في مصر وخاصة عبر أدائها في مجلس الشعب المنحل بأن دعم الجماهير بكافة أطيافها يعد ضمانة حقيقية للحركة لتجنب استفراد الجيش المصري القوي بها والإجهاز على وجودها السياسي. ومما لا شك فيه أن قوى الطريق الثالث والتي تعلم جيداً حاجة الاخوان المسلمين لها ستواصل المساومة على طريق إنشاء جمهورية مدنية بما تعنيه تلك الكلمة المطاطة حيناً والضيقة حيناً آخر.

 

لربما يظن كثيرون في قطاع غزة المحاصر أن السيد مرسي يمتلك من الأدوات ما يمكنه من رفع الحصار بشكل كامل عن قطاع غزة وفي الحقيقة فإن قراراً يمس “الأمن القومي” المصري لابد وأن يمر على مؤسسة الرئاسة التي سيتم إنشاؤها ومن قبل ذلك المجلس العسكري المصري. المجلس العسكري يعلم جيداً أن حزب الحرية والعدالة لديه رغبة حقيقية لرفع الحصار عن قطاع غزة ولكن اصطدام الرئيس بالمجلس العسكري في هذه المسألة هو الأمر المرجح في المستقبل المنظور.

 

ان السيد مرسي يدخل قصر الرئاسة لربما على بساط أحمر ولكن هذا البساط يمتد فوق حقل من الألغام. السياسة المصرية في المرحلة القادمة لن تنفصل بحال من الأحوال عن الاقتصاد. سيحتاج الرئيس ومن خلفه حزب الحرية والعدالة إلى الوصول إلى انجازات حقيقية في المستقبل القريب من أجل تثبيت أقدام حركة الإخوان المسلمين سياسياً بعد ان استطاعت الحركة تثبيت أقدامها اجتماعياً خلال سنوات الاضطهاد. ولأن حزب الحرية والعدالة يدرك أن حصول الرئيس المنتخب على ما يقل عن 52% من أصوات الناخبين يعد بمثابة بوابة مستحيلة الإغلاق أمام تربص الطرف الآخر فإن الاعتقاد بأن شهر عسل طويل بين الرئيس الجديد وبين قطاعات واسعة من الشعب المصري مدعومةً بمؤسسات إعلامية لها وزنها على الساحة المصرية يعد استنتاجاً يجانبه الكثير من الصواب.

 

إن الأرض ليست مفروشة سوى بالأشواك للرئيس المصري المنتخب ولذلك فإن قضية غزة لا يمكن أن تحظى بأولوية كبيرة بالنسبة للرئيس المنتخب إذا ما كانت قضية رفع الحصار ستكلف الرئيس وحزب الحرية والعدالة مستقبلهم السياسي ولا يمكن لحزب الحرية والعدالة أن ينجح في إقناع المجلس العسكري بتبني رغبته في رفع الحصار ذاك إلا في حالة قيام الرئيس والحزب بتقديم تنازلات جوهرية فهل تستحق غزة أن يتنازل الرئيس المصري الجديد عن بعض من صلاحياته الضعيفة اساساً لمصلحة المجلس العسكري من أجل عيون شعبنا المحاصر في القطاع؟

صحيفة صوت فلسطين الحر

شاهد أيضاً

لماذا يعاني الإعلام الغربي من فوبيا فلسطين؟ بقلم : منى أبو عمارة

لماذا يعاني الإعلام الغربي من فوبيا فلسطين؟ بقلم : منى أبو عمارة

لماذا يعاني الإعلام الغربي من فوبيا فلسطين؟ بقلم : منى أبو عمارة على غرار النكبة …