10:04 مساءً / 23 نوفمبر، 2024
آخر الاخبار

امرأة بمائة رجل بقلم : ميساء الهلالي

في عمق الطريق وخلف البساتين الخضراء ومع تناثر البيوت الريفية هنا وهناك ، في اركان الريف العراقي ، وفي مكان ما في قضاء الحسينية افتقد احدهم لنعمة انجاب الذكور ، فلم ينجب سوى ستة اناث ، ظن في بادئ الأمر بأن الحياة لم تفرج عن ابتسامتها في وجهه في مجتمع ريفي لا يعترف بمن لم ينجب الذكور ، قرر ان يربي بناته تربية صالحة ويعلمهن اعمال الذكور ، وفي أول محاولاتها ربما سقطت ابنته من علو بسيط من جذع نخلة في بستان أبيها ولكن تلك السقطة جعلت منها متسلقة ماهرة ، ففي أوقات الحصاد لا تتراجع الابنة الكبرى للأب الحكيم في تسلق النخيل واقتلاع ثماره من عمق قلبه النابض بالحياة ، النخلة التي تعبر عن شموخ المرأة ، تجد إمراة اخرى تقص ثمارها ، ترتدي ملابس الرجال وتتسلق بمهارة حتى ظن اهالي المنطقة في بادئ الأمر بأن هذا الرجل ربما زوّج بناته او جلب فلاّحا ليعينه في العناية ببستانه ، فالمسكين لم ينجب سوى البنات!!

 

في الجانب الأخر كانت إبنته المعلمة تهم في الخروج لمساعدة شقيقتها الكبرى بعد العودة من المدرسة ، فهي درست كي تثبت بأنها ليست مجرد فلاحة ، ويحين وقت الظهيرة لتجئ ابنتاه التوأمان من الجامعة ويلتحقن بأعمال البستان الذي ظل يزهو دوما وينبض بالحياة .

 

وحين علم اهالي المنطقة بان كل هذا النتاج من أيادي النساء ، ورغم إن رجال المنطقة لا زالوا ينظرون إلى المرأة على إنها مجرد وسيلة لإنجاب الاطفال وخدمة الزوج والقيام بأعمال الزراعة البسيطة .

 

هاهم اليوم يشهدون نجاح أب حكيم في تربية بناته تربية صالحة وتعليمهن كل آداب الرجولة والأنوثة فهن في لحظة حاجة الأب إلى الاولاد يكن جميعهن أشبه برجل واحد بقبضة حديدية يدافعن عن حقوقهن بشراسة ، وإن تطلب الأمر أن يكن إناث فهن الفتيات اللواتي يحتفظن بمسحة كبيرة من الجمال والأصالة التي تتمتع بها المرأة العراقية .

 

صفاتهن جعلت رجال المنطقة يعترفون بأن المرأة العراقية بمائة رجل وهي قادرة على القيام بكافة الأعمال في حال غياب الرجل من حياتها .

 

وقصة هؤلاء البنات وأبيهن ليست سوى واحدة من عشرات القصص التي اقترنت بالمرأة في العراق التي لم يثنها غياب الرجل عن حياتها أبا أو أخا أو زوجا عن قياما بدورها الكامل وتحولها بين ليلة وضحاها الى رجل وامرأة في آن واحد ، لا تصمت عن المطالبة بحقها ولا تتوارى في الدفاع عن نفسها ولا تمنعها رقتها في ان تقوم بالأعمال الخشنة ، فالحياة تحتاج منها الكثير بعد أن حصدت ظروف البلاد الكثير من الرجال وبقيت المرأة وحيدة فتنصلت عن ثوب دلالها وخرجت إلى الحياة بكل قوتها .

ميساء الهلالي

شاهد أيضاً

لماذا يعاني الإعلام الغربي من فوبيا فلسطين؟ بقلم : منى أبو عمارة

لماذا يعاني الإعلام الغربي من فوبيا فلسطين؟ بقلم : منى أبو عمارة

لماذا يعاني الإعلام الغربي من فوبيا فلسطين؟ بقلم : منى أبو عمارة على غرار النكبة …