هذا السؤال له مبرراته وخلفياته السياسية التي بدأت تلوح في أفق المواقف الدولية خاصة بعد مجزرة الحولة، التي وضعت نظام وحش سوريا فعلا وبالأدلة في مصاف الأنظمة الممارسة بتعمد وإصرار مسبق لعمليات ابادة جماعية، تحاسب عليها كافة القوانين الدولية، وتجرّ أصحابها لمحكمة الجنايات الدولية في لاهاي، مع أن وحش سوريا يستحق المحاكمة والحكم السريع من الشعب السوري تماما كما حصل مع طاغية ليبيا مخرّب القذافي. هذه البوادر الجديدة تمثلت في عدة مواقف:
1 . طرد شبه جماعي لسفراء الوحش
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد بدأت بإطلاق الشرارة الأولى عندما قرّرت طرد القائم بأعمال نظام الوحش زهير جبور، ومنحته 72 ساعة لمغادرة الولايات المتحدة، ثم توالى صدور نفس الموقف فقامت حتى الآن ما يزيد على خمسة عشر دولة بطردهم ومنها: بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، أستراليا، إسبانيا ،إيطاليا، كندا، اليابان، بلغاريا، هولندا، ايطاليا، اليابان، بلجيكا، وتركيا. والخطوة التركية مهمة للغاية بسبب حدوديتها مع سوريا واستضافتها لعشرات الألاف من اللاجئين السوريين، ودورها المحتمل في أي فعل عسكري ضد النظام الأسدي المتوحش. وقد عبّر عن هذا التوحش وزير الخارجية الفرنسي (لوران فابيوس ) بقوله: ” بشار الأسد هو قاتل شعبه، ويجب أن يرحل “. وهذا هو مطلب الشعب السوري منذ انطلاقة ثورته ضد هذا الطاغية في مارس 2011 . هذا وقد قامت دول مجلس التعاون الخليجي العربي منذ شهور بسحب سفرائها لدى النظام المتوحش، وليت هذه الدول تكون رائدة أيضا في طرد سفراء هذا النظام، خاصة بعد نصح بعض هذه الدول مواطنيها بعدم السفر إلى سوريا ولبنان في ظلّ استمرار قمع النظام للشعب السوري ومحاولته نقل الفتنة الطائفية وأعمال التخريب والاغتيالات إلى لبنان، مدعوما من نظام الملالي وحزب حسن نصر الله.
2 . تلميحات باحتمالات التدخل العسكري الدولي
وقد كانت البداية من رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي الذي حذّر من استمرار الأعمال الوحشية للنظام الأسدي التي يمكن أن تجعل من عملية التدخل العسكري أمرا محتملا. وأعقب ذلك إعلان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ( أنّ التدخل العسكري في سورية ليس مستبعدا، شريطة أن يتمّ في إطار احترام القانون الدولي أي بعد مناقشته في مجلس الأمن الدولي). وهذا التصريح الفرنسي من المهم التمعن في صياغته، فالأساس فيه هو احترام القانون الدولي ثم مناقشته في مجلس الأمن، أو مناقشته في مجلس الأمن على قاعدة احترام القانون الدولي، خاصة أنّ البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة الخاص ب ( أعمال تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان) ينطبق على الوضع السوري حيث يخلّ نظام الوحش بأمن وسلم الشعب السوري، وأصبح واضحا أنه يهدد سلم وأمن دولة مجاورة هي لبنان. و تحاشيا للفيتو الروسي والصيني يمكن لمجلس الأمن اتخاذ توصية وليس قرارا، وفي هذه الوضعية يمكن أن تكون التوصية مدخلا للتدخل العسكري خاصة إذا صاحب ذلك نداء و مشاركة عربية كما حصل في الحالة الليبية. لذلك سارعت أستراليا للإعلان عن استعدادها لإجراء مشاورات حول تدخل عسكري في سوريا ضد نظام بشار الأسد، الأمر الذي طرحته فرنسا ، ومن الملاحظ أنّ أستراليا كانت أول دولة غربية تبادر لطرد الدبلوماسيين التابعين لنظام الوحش السوري.
3 . نوايا الإدارة الأمريكية
وهذا يستند إلى ما ذكرته صحيفة «وورلد تريبيون» الأمريكية يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من مايو 2012 مسنودا لمصادر دبلوماسية غربية لم تحددها حول أن إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما أمرت المخابرات المركزية الأمريكية بضمان الإطاحة بنظام الأسد خلال العام الحالي، مشيرة إلى أن أوباما اقتنع عن طريق حلفاء لأمريكا أنه بدون التدخل الأمريكي، فسوف تسيطر القاعدة على سوريا. وإن المخابرات الأمريكية ووزارة الخارجية ينسقان مع عدد من الجماعات السنية المسلحة في سوريا ومن بينهم الجيش السوري الحر، وأنّ الإدارة الأمريكية ستبحث إمداد الجيش السوري الحر بالأسلحة، والقيادة، والإدارة، والتدريب، مع التأكد من عدم عمل قادته مع القاعدة أو إيران.
والواقع يقول لا قاعدة ولا إيران
وإذا صحت هذه المعلومات عن نوايا الإدارة الأمريكية، فإنّ الواقع السوري يدعم تنفيذها، لأنّ كافة الوقائع تثبت أنّه لا وجود لتنظيم القاعدة الذي يستعمله نظام الوحش فزاعة لإخافة الدول الغربية، فكيف تمكن هذا التنظيم من الوصول في أسابيع لسوريا المحكومة بأجهزة مخابرات أسدية متوحشة، ما كانت تسمح لأي فلسطيني بإطلاق رصاصة على الاحتلال الإسرائيلي، وتسيطر حتى على أنفاس كل سكان سوريا من سوريين ومقيمين، فكيف ستدخل القاعدة بهذه الأسلحة والمتفجرات التي بلا شك يستعملها النظام في تفجيرات مفبركة عبر سيناريوهات سخيفة، لإخافة الغرب من وهم القاعدة. أما احتمال عمل وتنسيق قيادة الجيش السوري الحر التنسيق مع نظام الملالي في طهران فهو من المستحيلات، لأنّ هذا النظام المتلحف بعباءة ولي الفقيه ذات الصناعة الخمينية هو من أشدّ الداعمين لنظام الوحش السوري، وهو نفسه لا يقلّ توحشا على الشعب الإيراني الذي يعاني من مصادرة كافة حقوقه الإنسانية حيث السحل والجلد والإعدامات اليومية، ونسبة من الفقر والبطالة في ظلّ نظام يدّعي التفوق النووي، وهو لا يستطيع انتاج أكثر من 20 بالمائة من البنزين اليومي لحاجة الاستهلاك المحلي، ويرسل النفط الخام إلى سينغافورة وماليزيا لتكريره واعادته لطهران.
كما أنّ الغرب يعرف أن سقوط وحش سوريا وعائلته وأخواله وعصاباتهم سوف يقفل الممر الوحيد للتمدد الإيراني المتخلف في المنطقة خاصة أنّه يستعمل الدين غطاءا لتوسعه الذي يصادر كافة حقوق القوميات التي تعيش في إيران ومن ضمنها القومية العربية. وكذلك سيقفل أبواب الدعم عن حزب حسن نصر الله الذي أثبت طائفيته المقيتة في وقوفه مع نظام وحش سوريا ضد الشعب السوري، وهو من يدّعي أنّه حزب المقاومة، فإذا هي مقاومة ازدواجية تصفق لقاتل الشعب السوري، وتدعمه بالرجال والمقاتلين والحراس الشخصيين لوحش سوريا وقيادات عصاباته…لذلك نأمل مع الشعب السوري أن تكون هذه المعطيات قد اذنت بقرب التدخل الدولي العسكري لإسقاط هذا الوحش الطاغية.
www.drabumatar.com