12:35 صباحًا / 28 أبريل، 2025
آخر الاخبار

ناطور الطنطورة و ظل الحكايات ، بقلم : سعاد شواهنة

ناطور الطنطورة و ظل الحكايات ، بقلم : سعاد شواهنة

قبل أعوام وفي مخيم جنين و بين أطفاله الذين تجمعوا في قاعة المركز النسوي، حضرت العرض المسرحي ” بر بحر” لمسرح الطنطورة، حكايات اليوم و الأمس، الجبال، التلال، الأرض و الهوية،و البحث المستمر عن ذاتنا التي هناك .

أنا من هناك:


هذه ال هناك، تتحرر من قيودها، هي أداة وجع رهن الانتظار، أداة بعيد لا نكاد نلمسه، وقد كنا نراه من سفح جبل عال، هذه ال هناك أداة بعد مؤلم، و قالب من ازدحام مستعر بكثير من الأسماء و الزوايا و القرى و المدن، البيوت و الحارات، الشوارع و الطرقات التي هناك، وضمن سلسلة من اللقاءات و الفعاليات التي تنظمها وزارة الثقافة/ جنين و تحت هذا العنوان، تبدأ مسرحية ” ناطور الطنطورة” في بلدة برقين، على مسافة ثلاثة كيلو مترات من مخيم جنين، و اضبط إيقاع لثمان دقائق وحسب، و سيمكنك أن تكون هناك، ليس الآن، ليس في هذا الوقت، ربما في وقت لاحق، في زمن لاحق، في عمر قادم، فاليوم هناك الكثير من البوابات الحديدية التي تجرها الآليات العسكرية، و كثير من المعدات التي ترسم ملامح جديدة في المكان.

ناطور الطنطورة و ظل الحكايات

قبل أعوام وفي مخيم جنين و بين أطفاله الذين تجمعوا في قاعة المركز النسوي، حضرت العرض المسرحي ” بر بحر” لمسرح الطنطورة، حكايات اليوم و الأمس، الجبال، التلال، الأرض و الهوية،و البحث المستمر عن ذاتنا التي هناك .

أنا من هناك:


هذه ال هناك، تتحرر من قيودها، هي أداة وجع رهن الانتظار، أداة بعيد لا نكاد نلمسه، وقد كنا نراه من سفح جبل عال، هذه ال هناك أداة بعد مؤلم، و قالب من ازدحام مستعر بكثير من الأسماء و الزوايا و القرى و المدن، البيوت و الحارات، الشوارع و الطرقات التي هناك، وضمن سلسلة من اللقاءات و الفعاليات التي تنظمها وزارة الثقافة/ جنين و تحت هذا العنوان، تبدأ مسرحية ” ناطور الطنطورة” في بلدة برقين، على مسافة ثلاثة كيلو مترات من مخيم جنين، و اضبط إيقاع لثمان دقائق وحسب، و سيمكنك أن تكون هناك، ليس الآن، ليس في هذا الوقت، ربما في وقت لاحق، في زمن لاحق، في عمر قادم، فاليوم هناك الكثير من البوابات الحديدية التي تجرها الآليات العسكرية، و كثير من المعدات التي ترسم ملامح جديدة في المكان.

ناطور الطنطورة… رحلة الهوية:


تدور رحى الحكاية… مكانها … زمانها و شخوصها في مسار مشتبك مع أصوات الذاكرة… الجدة العمشة، و الجد و تاريخ طويل، و إرث جيل بعد جيل، و يظل زمان الحكاية و مكانها متشابك، فهو الزمان الممتد بعمر الانتظار، وهو المكان الراسخ باتساع خيالنا، و جودة السردية المتناقلة المتواترة جيلاً بعد آخر، وفي رحلة البحث عن الهوية التاريخية و الجغرافية، برزت هوية الأرض وصورة الغطاء النباتي الفلسطيني، يستمع ناطور الطنطورة إلى جده إذ يوصيه بالبحث عن حفنة من القمح، فإذا وجدها تبدأ طريقه إلى البلاد، طريق القمح، طريق العبور إلى الأحلام، متجاوزين سنوات عجاف و سنبلات يابسات، و نفتش عن تلك الحبة التي أنبتت سبع سنابل تصل بنا إلى هناك…يبدو الحلم جميلاً، جميلاً جداً، تمد وردة البساتين يديها إلى ناطور الطنطورة، إذ يعدها أنه وجد القمح، ترتفع الأيدي، الأمنيات، تعلو الهامة، على أنه حلم و حسب.

جغرافية الفصول:


الرحلة ليست رحلة نحو حلم العودة فحسب، بل هي رحلة في جغرافية فصول فلسطين، صيفها الهاديء الدافيء في أريحا، وصعود إلى جبالها و أوديتها، و شلالاتها، باتجاه دير القديس جورج، وفي فلسطين تجتمع العصور، وتطوف بنا الأزمنة، في بيارات يافا، و حقول القمح، و نوارس بحر عكا و أسوارها، وزيتون جبال القدس و كعكها، و زيتون الأرض فلسطين، وفي تجوالنا بين الفصول والحقول نتذوق عنب الخليل، برتقال يافا.

ليلى و ذئب يسرق الأحلام:


وردة البساتين الصيفية، قمحها و شجرها، لا زالت تبحث في ذاكرة الجد عن صورة الجدة ( عمشة) و صورة البلاد، و تحمل الحلم، و الانتظار، و سلة من البرتقال، وصوت جدها و أمنياته، و تذهب بها إلى بيت الجدة عمشة، بين البرتقال مفتاح بيت قديم، بلونه الصدى، يسرق أبوابه، و أقفاله ذئب يخطف الأحلام، و يسرق البيت و الأرض، و لون الحياة، ولا زالت ليلى تبحث عن بيت الجدة، الذئب يصير ذئاباً.

السفينة و القرصان:


حكاية الغياب عن الأرض حكايات، لا ننحتها رموزاً لغوية، و استعارات و كنايات نتغاوى بها، لكنه البحر، و بلادنا و أرضنا و بيوتنا سفينة نوح، يبتلعها الموج، و ينقض عليها قرصان فج، يربط شيخ البحارة، يخطف الأرض و الماء و يسرق الأحلام.

بحار و أمنيات:


ثلاث بحار ولا زالت الطريق إليها بعيدة، نذهب إليها ولا نصل، نقف على حدودها ولا نكاد نراها، قريبة هي في القلب مسكنها، قريبة هي، في القلب مسكنها، وقلوبنا تسافر إليها، هكذا جاءت كلمات الفنان نضال الخطيب على صوت جمهوره من الأطفال والنازحين، حين قال لهم: يلا بدنا نروح على عكا…. على القدس… على يافا)


فجاء صوتهم ببراءة، بوجع، بسخرية أحياناً: كيف نروح؟ كيف نروح … مواصلات!!!!!


فيقول نضال: بنروحلها بقلوبنا قبل كل شيء، و يكرر الأطفال بصوت عالٍ أسماء بحارها: الأبيض المتوسط قربا ، و الأحمر الغامق انتماء و الميت شوقاً إليها.

نحرس الحكايات من النسيان:


أخطف من أصوات الفنان نضال الخطيب هذه الكلمات” بارودة تحرس الحكايات من النسيان” يلوح بعصاة خشبية ويحرس ورد الحكايات، كثير من الأمنيات، فلا زالت الحكايات وردنا الذي لا يغيب، ولا يذبل مهما تغيرت و تقلب الفصول، لم يعد قطار الدهيشة يسير في مساره، بقيت سكته الحديدية هناك، لكنه لم يعد هنا، وظل الركاب في محطات الانتظار لمواعيد قطار لم تحن بعد، و نحرس الحكايات من النسيان و نظل في كل المخيمات على متن حلم و أمل بالعودة.

تقنيات العرض و رحلة العودة:


رحلة العودة الموازية إلى هناك عرضت خلال العرض المسرحي من خلال فيديوهات مسجلة في مواقع متنوعة، تصور البحر، و كروم العنب، الحرم الابراهيمي، و أسواق القدس، و زيتونها، و يذهب الناطور بين هنا و هناك، إلى هناك يغيب مسافراً إلى حلمه، تعلو الموسيقى، ترتفع، و تزداد لهفة الأطفال إلى المكان، فكأنهم يسافرون إليه حقاً، يقفون، يركضون إلى المكان، يحدث بعضهم الآخر، يحكي بعضهم عن زيارته لمكان ما، وعن طعم عنب أو برتقال تذوقه هناك، يتحركون، يرقصون، يصرخون كما لو أنهم يسافرون إلى المكان حقاً.

بلاد و أغنيات :


صوت القومية العربية كان عالياً دافئاً و حلوا في بداية العرض، يعلو بينما تظهر أعلام الدول العربية واحداً بعد الآخر، و صوت الأطفال يعلو بالغناء، لأغنية من ذاك الزمان البعيد عن جيلهم، لكنها أغنية كل الوقت، فبلاد العرب أوطاني من الشام لبغداني ومن نجد إلى يمن إلى مصر فتطوان.

  • سعاد شواهنة – جنين

شاهد أيضاً

شهيدان وإصابات جراء قصف الاحتلال خيام نازحين غرب خان يونس

شفا – استشهد مواطنان وأصيب آخرون، بينهم أطفال، جراء قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي خيام نازحين …