12:41 صباحًا / 28 أبريل، 2025
آخر الاخبار

القوة لا تُخفي القلق ، سياسات التنمّر التجاري الأمريكية لا تحظى بقبول دولي ، بقلم : تشو شيوان

القوة لا تُخفي القلق ، سياسات التنمّر التجاري الأمريكية لا تحظى بقبول دولي ، بقلم : تشو شيوان


خلال الأسابيع الماضية، شرعت الولايات المتحدة في فتح جولة جديدة من المفاوضات حول ما يُسمّى بـ”التعريفات الجمركية المتبادلة”، في خطوة تعكس توجهًا واضحًا نحو استخدام أدوات الضغط الاقتصادي لإجبار شركائها التجاريين على الانصياع لإملاءاتها، بعيدًا عن مبادئ التعاون الدولي والمصالح المتبادلة التي يفترض أن تقوم عليها العلاقات الاقتصادية بين الدول. ويبدو أن الولايات المتحدة باتت تعتمد نهجًا يقوم على تحقيق مكاسب أحادية الجانب، دون اكتراث بمصالح الأطراف الأخرى أو بالتوازن المطلوب في النظام الاقتصادي العالمي.

وقد تجسّد هذا النهج بشكل خاص في المشاورات الاقتصادية والتجارية التي أجرتها الولايات المتحدة في وقت سابق مع اليابان، حيث طالبت الأخيرة بتقديم تنازلات تتعلق بسعر الصرف، إلى جانب زيادة الإنفاق الدفاعي، الأمر الذي يُبرز بجلاء أن واشنطن تسعى إلى فرض رؤيتها الخاصة دون اعتبار للسيادة الوطنية للدول الأخرى أو لضرورة التفاهم المتكافئ بين الشركاء.

وتُظهر الحكومة الأمريكية استعدادًا متزايدًا لممارسة ضغوط إضافية على عدد من الدول، بهدف دفعها لتقليص حجم علاقاتها التجارية مع الصين، مقابل الحصول على إعفاءات من الرسوم الجمركية الأمريكية. ويُعدّ هذا السلوك تدخلًا مباشرًا في الشؤون الاقتصادية الداخلية للدول، ومحاولة لإعادة إنتاج مناخ المواجهة والاستقطاب الذي كان سائدًا في فترات الحرب الباردة، ولكن هذه المرة في المجال الاقتصادي والتجاري، من خلال فرض الانحياز القسري وإعادة تشكيل التحالفات التجارية بطريقة تُخالف قواعد النظام التجاري العالمي.

غير أن النتائج العملية لهذه السياسات كانت محدودة للغاية، إذ لم تلقَ المبادرات الأمريكية استجابة تُذكر من قبل أغلب الاقتصادات الكبرى، ويرجع ذلك إلى أن الولايات المتحدة قد قامت بفرض رسوم جمركية واسعة النطاق بصورة أحادية وعشوائية، ما أدى إلى تأجيج التوترات التجارية وإثارة القلق من اندلاع حروب تجارية لا طائل منها. وأصبح من الواضح أن مواجهة مثل هذه السياسات لا يمكن أن تتم عبر سياسة الترضية، ولا أن تُكسب الدول احترامها من خلال التنازل عن حقوقها المشروعة، وهو ما بات يُشكل قناعة مشتركة لدى العديد من الدول.

وفي سياق موازٍ، تشهد السوق المالية الأمريكية تقلبات حادة واضطرابات ملحوظة، في ظل تزايد المخاوف من دخول الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود، وهو ما انعكس بدوره على تراجع نسبة التأييد الشعبي للإدارة الأمريكية فيما يتعلق بإدارتها للملف الاقتصادي، حيث سجّلت مؤشرات الثقة العامة أدنى مستوياتها في هذا الصدد.

وفيما يتعلق بالصين، فقد أعربت منذ البداية عن موقفها الواضح والحازم والثابت تجاه أي محاولة للمساس بمصالحها الوطنية، مؤكدةً أنها ستتخذ الإجراءات والتدابير المضادة اللازمة بكل قوة وثبات، وأنها تمتلك الإرادة السياسية والقدرات الكافية لحماية حقوقها ومصالحها السيادية. وكما يقول المثل الصيني: “من يطلب من النمر أن يمنحه جلده، لا مفر له من أن يلتهمه”، في إشارة إلى أن التفريط في الحقوق لن يؤدي إلا إلى نتائج كارثية. وعليه، فإن السبيل إلى المستقبل لا يكون إلا من خلال التمسك بالمبادئ والثبات في وجه الضغوط، حفاظًا على الاستقلالية والسيادة الاقتصادية.

كما نعرف أن فرص الرسوم الجمركية على الدول الأخرى لا يساعد على حل المشاكل والأزمات الداخلية للولايات المتحدة وعودة صناعة التصنيع إليها، بل على العكس يضر بمصالح المستهلكين الأمريكيين والشركات المتوسطة والصغيرة الأمريكية، إضافة إلى التداعيات السلبية لسلسلة التوريد لها. وفي هذا الصدد، نشعر بأسف شديد حول ذلك، حيث نعرف أن الولايات المتحدة كانت تحافظ على النظام التجاري متعدد الأطراف والمنافسة الحرة منذ الحرب العالمية الثانية، وقد استفادت من ذلك كثيرا، ولكن أفعالها الحالية بعيدة عن القواعد الدولية الاقتصادية والتجارية.

وختامًا، لا بد من التأكيد على أن سياسة فرض الرسوم الجمركية قد خلّفت تداعيات سلبية لا تقتصر على الولايات المتحدة فحسب، بل طالت العديد من الدول الأخرى، مما زاد من حالة عدم الاستقرار في الاقتصاد العالمي. ومن هذا المنطلق، نأمل أن تعيد الإدارة الأمريكية، التي تبنّت هذا النهج خلال عهد الرئيس ترامب، النظر في سياساتها، وأن تعود إلى المسار الطبيعي القائم على التعاون والانفتاح، بما يسهم في تعزيز تعافي الاقتصاد العالمي واستقراره.

إقرأ المزيد حول أخبار الصين ،، إضغط هنا للمتابعة ..

شاهد أيضاً

شهيدان وإصابات جراء قصف الاحتلال خيام نازحين غرب خان يونس

شفا – استشهد مواطنان وأصيب آخرون، بينهم أطفال، جراء قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي خيام نازحين …