
الأستاذ عنان عزام الزاغة ، الجندي الخفي وصاحب الأثر الطيب ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات
تمر بنا في دروب الحياة وجوه كثيرة، لكن قلة منهم يتركون أثراً عميقاً يشبه ندى الصباح حين يلامس زهور القلب فينعشها، ومن بين هؤلاء النبلاء، يبرز اسم الأستاذ عنان الزاغة، الموظف النشيط في قسم الدراسات العليا بجامعة النجاح الوطنية، الذي لم يكن مجرد موظف عابر، بل كان رمزاً للإنسانية والتفاني.
تعرفت على الأستاذ عنان للمرة الأولى حين ذهبت إلى الجامعة لمناقشة رسالة ماجستير كممتحن خارجي. هناك، وسط الزحام والانشغالات، لفت نظري ذلك الرجل الهادئ الذي يعمل بصمت وإتقان، يحضر القاعات، يجهز المستلزمات، يساعد الطلاب ويهتم بكل التفاصيل الصغيرة التي تصنع الفرق الكبير. رأيت بعيني كيف كان يسابق الزمن كي يكون كل شيء مهيأً بأفضل صورة، وكيف كانت ملامح وجهه تحمل طيبةً خالصة لا تقدر بثمن.
وعند نهاية المناقشة، كان هو أيضاً حاضراً بروحه الطيبة، يمسك بالكاميرا ليلتقط للطالبة واللجنة صورة تخلد لحظة عمرية لا تُنسى، وكأنه يدرك أن بعض الذكريات تحتاج إلى من يحفظها بأمانة. كان بحق الجندي المجهول خلف الكواليس، الذي يتعب وينسق ويقدم من جهده دون أن ينتظر كلمة شكر أو إطراء، بل يعمل بحب وإخلاص قلّ نظيره.
إن الأستاذ عنان ليس مجرد موظف يؤدي عمله، بل هو روح نابضة بالخير، يعمل كما تعمل الشمس في صمت لتبعث الحياة، وكما يسير النسيم ليروي الزهور دون أن يطلب شيئاً في المقابل. يعامل الجميع برقي وأدب وكأن كل طالب وطالبة هم اصدقائه وإخوته، يقدم الدعم بتلك الابتسامة الهادئة التي تبث الطمأنينة في القلوب.
حقاً، إنما الإنسان أثر، وأثرك يا أستاذ عنان سيبقى راسخاً في قلوب كل من عرفك أو تعامل معك، أثر طيب كعبير الأزهار بعد المطر، وكضياء القمر في ليالي الغربة. لك منّا كل الشكر والامتنان، فمثلكم من يصنع الفرق الحقيقي، ومثلكم من ترفع لهم القبعات فخراً واعتزازاً.