12:24 صباحًا / 28 أبريل، 2025
آخر الاخبار

الصين والقضية الفلسطينية : دعم تاريخي ومبادرات عملية لتحقيق العدالة ، بقلم : المهندس غسان جابر

الصين والقضية الفلسطينية : دعم تاريخي ومبادرات عملية لتحقيق العدالة ، بقلم : المهندس غسان جابر

الصين والقضية الفلسطينية: دعم تاريخي ومبادرات عملية لتحقيق العدالة ، بقلم : المهندس غسان جابر

تحتل القضية الفلسطينية مكانة محورية في السياسة الخارجية الصينية منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، إذ لطالما اعتبرت بكين أن دعم حقوق الشعب الفلسطيني جزء لا يتجزأ من مواقفها المبدئية تجاه قضايا التحرر الوطني ومناهضة الاستعمار. وعلى امتداد العقود الماضية، حافظت الصين على موقف ثابت داعم للقضية الفلسطينية، رافقته مبادرات عملية تعكس التزامها بتحقيق السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط.

دعم مبكر لحق تقرير المصير

في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، برزت الصين كداعم قوي لحركات التحرر الوطني في آسيا وإفريقيا، معتبرة النكبة الفلسطينية من أبشع نتائج الاستعمار الغربي. ومنذ سنواتها الأولى، أكدت بكين على حق الشعب الفلسطيني في استعادة أرضه وإقامة دولته المستقلة.

وقد صرح رئيس الوزراء الصيني الأسبق شو إن لاي قائلاً:

“قضية فلسطين ليست قضية عربية فحسب، بل قضية جميع الشعوب التي تناضل ضد الاستعمار.”

لم يقتصر الدعم على المواقف السياسية فحسب، بل شمل أيضًا تقديم مساعدات مادية وتدريبية لبعض فصائل المقاومة الفلسطينية في مراحل مبكرة من الكفاح الوطني.

تحالف استراتيجي مع منظمة التحرير الفلسطينية

مع تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964، سارعت الصين إلى إقامة علاقات استراتيجية معها، معترفة بها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني. وفي عام 1974، دعمت بكين بقوة حصول المنظمة على صفة مراقب في الأمم المتحدة، معتبرة ذلك خطوة ضرورية نحو الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية.

وأكد الرئيس الصيني الراحل دنغ شياو بينغ حينها:

“الصين ستقف دائمًا إلى جانب الشعب الفلسطيني حتى ينال استقلاله الوطني الكامل.”

سياسة التوازن بين الفلسطينيين وإسرائيل

مع التحولات الدولية في أوائل التسعينيات، ولا سيما بعد انتهاء الحرب الباردة، أقامت الصين علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل عام 1992. غير أن هذا التطور لم يؤثر على دعم بكين الثابت للقضية الفلسطينية، حيث واصلت تأكيد تمسكها بحل الدولتين، ورفضها لجميع الإجراءات الأحادية التي تمس الحقوق الفلسطينية المشروعة.

وفي عدة مناسبات، أكدت وزارة الخارجية الصينية أن:

“تحقيق السلام في الشرق الأوسط لن يكون ممكنًا بدون الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.”

مبادرات صينية لحل النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي

في السنوات الأخيرة، عززت الصين دورها كطرف داعم لعملية السلام عبر مبادرات سياسية عدة. أبرزها “مبادرة النقاط الأربع” التي أعلنها الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013، والتي نصت على:

إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

اعتماد المفاوضات كمسار أساسي لحل النزاع.

ضمان الاعتبارات الأمنية لجميع الأطراف.

تعزيز الدعم الدولي لتحقيق السلام.

وخلال مكالمة هاتفية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس عام 2021، شدد الرئيس شي جين بينغ على موقف بلاده قائلاً:

“تدعم الصين بثبات إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة على أساس حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتدعم استئناف مفاوضات السلام على أساس حل الدولتين.”

كما دعت الصين إلى عقد مؤتمر دولي أوسع وأكثر تمثيلاً لدفع جهود السلام، بعيدًا عن الاحتكار الأمريكي لملف المفاوضات.

مؤتمر الفصائل الفلسطينية في بكين: خطوة نحو دعم المصالحة

تأكيدًا على التزامها العملي بدعم الحقوق الفلسطينية، استضافت العاصمة الصينية بكين في عام 2024 اجتماعًا موسعًا لممثلي الفصائل الفلسطينية. جاءت هذه الخطوة بهدف تعزيز جهود المصالحة الداخلية وإنهاء الانقسام، باعتبار أن وحدة الصف الفلسطيني شرط أساسي لتحقيق الاستقلال الوطني.

وخلال افتتاح المؤتمر، أكدت وزارة الخارجية الصينية:

“الصين تساند بكل قوة تحقيق المصالحة الفلسطينية، وترى في وحدة الصف الفلسطيني طريقًا رئيسيًا لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.”

وقد رحبت الفصائل الفلسطينية بالدور الصيني، مشيدةً بموقف بكين كوسيط محايد وشريك موثوق في دعم الحقوق الوطنية الفلسطينية.

استمرار الدعم السياسي والاقتصادي

على الصعيد العملي، واصلت الصين تقديم دعم اقتصادي وإنساني للشعب الفلسطيني، شمل تمويل مشاريع تنموية، وتقديم مساعدات طبية خاصة خلال جائحة كورونا، إلى جانب بناء قدرات المؤسسات الفلسطينية.

وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2022، شدد المبعوث الصيني الخاص إلى الشرق الأوسط على أن:

“الصين تدعو إلى تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وترفض أي إجراءات أحادية تهدف إلى تغيير الوضع القانوني للأراضي الفلسطينية المحتلة.”

تؤمن الصين بأن تحقيق العدالة في القضية الفلسطينية يشكل حجر الزاوية لبناء نظام دولي أكثر عدلاً وتوازنًا. وبينما يتغير العالم من حولنا، تواصل بكين دعمها الثابت لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

وكما قال الرئيس الصيني شي جين بينغ أمام منتدى التعاون الصيني-العربي:

“القضية الفلسطينية قضية جوهرية تتعلق بالعدل والإنصاف الدوليين، ويجب ألا تُهمش أو تُنسى.”

وفي عالم يتوق إلى الاستقرار والسلام، تظل الصين شريكًا ثابتًا للشعب الفلسطيني، وداعمًا حقيقيًا لقضيته العادلة.

  • – م. غسان جابر (القيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية)

شاهد أيضاً

شهيدان وإصابات جراء قصف الاحتلال خيام نازحين غرب خان يونس

شفا – استشهد مواطنان وأصيب آخرون، بينهم أطفال، جراء قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي خيام نازحين …