شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .
الدكتور توفيق يوسف توفيق زيود… جندي الخير وصاحب الأثر الطيب بقلم : د. تهاني رفعت بشارات
ثمة أُناس في هذه الحياة لا نراهم بأعيننا كثيرًا، لكننا نشعر بأثرهم العميق في أعماقنا، كأنهم نسمة عابرة، لا تُرى ولكن تُنعِش، وكأنهم ضوء صامت يبدّد عتمة الحيرة ويهدي التائهين إلى دروب النور. من بين هؤلاء المضيئين، يبرز اسم الدكتور توفيق زيود، الرجل الذي جعل من المساعدة رسالة، ومن التطوع أسلوب حياة، ومن التواضع جسرًا يعبر به إلى قلوب الآخرين دون استئذان.
لم ألتقِ به وجهًا لوجه، لكنني التقيت روحه في موقف، والتقيت أصله الطيب في استجابة، والتقيت نُبله في عطاءٍ لا ينضب. حين تواصلت معه لأول مرة، كان ذلك بخصوص استفسارات لبعض الباحثات الفلسطينيات الراغبات في إكمال دراستهن في ماليزيا، وفي خضم تفاصيل البحث ومتاهات الإجراءات، كان هو المنارة التي أضاءت الطريق، والبوصلة التي وجهت الخطى، دون أي تردد أو تأخير. كأنّه جندي مجهول يعمل في الظل، لا ينتظر شكرًا ولا يعرف التعب، يواصل الليل بالنهار ليساعد، ويمد يده لكل من طرق بابه.
ولعلّ ما يثير الإعجاب أكثر، هو أنّ الدكتور توفيق لم يكن حينها متفرغًا أو فارغًا من الالتزامات، بل كان يغوص في أعماق دراسة الدكتوراه، ويؤدي مهامه ضمن الاتحاد العام لطلبة فلسطين في ماليزيا، وينشط في ميادين متعددة تتطلب منه جهدًا ووقتًا لا يُستهان به، ورغم كل ذلك، لم يتخلّف يومًا عن تلبية نداء العون، وكأنّ في قلبه مساحة واسعة لا تضيق، وهمة لا تعرف الكلل.
وما يزيده روعة، أنه لم يتوقف عن العطاء حتى بعد تخرّجه، فما زال حتى اللحظة نبضًا من الخير يمشي بيننا، يُجيب عن الأسئلة، ويوجه الضائعين، ويمدّ يده لكل محتاج للمساعدة. إنّه من أولئك الذين يؤمنون أن الإنسان لا يُقاس بشهاداته ولا بمكانته، بل بأثره، وبما يتركه في دروب الآخرين من دفء، وطمأنينة، وأمل.
الدكتور توفيق زيود… أنت لست مجرد اسم يُذكَر، بل سيرة عطرة تُروى، وأثر طيب يُحكى عنه بفخر، وصورة مشرقة للشاب الفلسطيني الذي لا ينسى أبناء وطنه، أينما حلّ وارتحل. فشكراً لك على كل لحظة صدق، وكل موقف نبيل، وكل يد امتدت بعون، وكل كلمة منحت أمانًا.
فحقًا، وكما يُقال: إنما الإنسانُ أثر… وأثرك، يا دكتور توفيق، باقٍ لا يزول، كأريج طيبٍ لا تبهت رائحته، وكصدى جميل يتردد في ذاكرة من عرفوك، حتى وإن لم تلتقِ بهم يومًا.
