
بيان حماس بشأن خلية الإخوان في الأردن: خطوة غير محسوبة تُعمّق أزمتها عربياً ، بقلم : الصحفي سامح الجدي
في خضم العاصفة السياسية والإعلامية التي تواجهها حركة حماس بعيد ما يسمى بعملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ ، جاءت بيانها الأخير حول قضية خلية الإخوان المسلمين في الأردن ليفتح عليها باباً جديداً من التوتر، هذه المرة مع واحدة من الدول العربية التي لطالما حرصت على إبقاء قنوات التواصل مفتوحة رغم التباينات.
البيان الذي أصدرته الحركة بدا غير موفق في توقيته ومضمونه، إذ أقحم حماس في إشكالية مع الأردن كان بالإمكان تجنبها، خاصة أن المملكة تتعامل بحذر بالغ مع ملف التنظيمات العابرة للحدود. تدخل الحركة العلني في قضية قضائية وأمنية داخلية للأردن لا يخدم مصالحها، بل يعزز الانطباع العربي والدولي بأنها ما تزال غير قادرة على الفصل بين مصالحها التنظيمية الأيديولوجية ومصالح الشعب الفلسطيني الأوسع.
في الوقت الذي تتعرض فيه حماس لضغوط عربية وعالمية غير مسبوقة بسبب سياساتها الداخلية والخارجية، فإن فتح جبهة توتر جديدة مع الأردن قد يُفقدها ما تبقى لها من حلفاء صامتين أو متفهمين. لقد كان الأجدى بحماس أن تلتزم الصمت حيال هذه القضية، أو على الأقل أن تعتمد خطاباً دبلوماسياً يراعي حساسية العلاقة مع عمان.
الأردن، الذي يستضيف ملايين الفلسطينيين ويحمل عبء الدفاع عن القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، لا يمكن أن يقبل بإشارات ضمنية أو مباشرة تمس بسيادته أو تحمّله مسؤوليات تنظيمية عن أفعال تقع خارج إطار مؤسساته. وبالتالي، فإن بيان حماس قد يُقرأ، سواء في الأردن أو في العواصم العربية الأخرى، كدليل إضافي على افتقار الحركة إلى الرؤية السياسية الناضجة في إدارة علاقاتها الخارجية.
إن الحفاظ على ما تبقى من رصيد سياسي عربي كان يستوجب من حماس أعلى درجات الحكمة وضبط النفس. أما أن تختار الحركة أن تدخل نفسها، بإرادتها، في نزاع مع دولة مثل الأردن، فهي خطوة ستدفع ثمنها سياسياً وشعبياً، ليس فقط في عمان، بل عبر العالم العربي الذي يراقب أدق تحركاتها في هذه المرحلة الحرجة.