شبكة فلسطين للأنباء – شفا الشبكة الفلسطينية الاخبارية | وكالة شفا | شبكة فلسطين للأنباء شفا | شبكة أنباء فلسطينية مستقلة | من قلب الحدث ننقل لكم الحدث .
عذرا .الارض ليست بيتزا ، بقلم : منال حاميش
عذرًا، الأرض ليست بيتزا!
مقدمة
بينما يخطو الإنسان خطواته الأولى على المريخ، وبينما ترسل التلسكوبات صور المجرات التي وُلدت بعد الانفجار العظيم بثوانٍ، ما زال هناك من يعتقد أن الأرض… مسطحة! وكأننا لم نغادر العصور الوسطى.
المثير للسخرية أن معظم هذه الادعاءات تنطلق من مقاطع يوتيوب وأوهام مؤامرات، لا من أدوات الرصد والرياضيات والتجربة. في هذا المقال، نكشف الوهم، ونستعرض الأدلة العلمية والفيزيائية التي تثبت أن الأرض كرة مفلطحة (geoid)، وليست “قرصًا تسبح فيه الشمس”.
أولاً: انحناء الأرض موجود ولكنك صغير جدًا لترصده!
الادعاء: “لو كانت الأرض كروية، لرأينا انحناءها بأعيننا!”
الرد العلمي:
انحناء الأرض ≈ 8 بوصات لكل ميل مربع (≈ 7.9 إنش/ميل). أي أنك تحتاج إلى مئات الأمتار من الارتفاع لرؤية الفرق بالعين المجردة.
من الطائرة (على ارتفاع 10 كم)، يظهر الانحناء بوضوح، خصوصًا عبر العدسات الواسعة أو عند مراقبة الأفق بخلفية مستقيمة.
حتى بالتصوير عبر مناطيد الهواة، ظهر الانحناء في الفيديوهات بدون أي “تلاعب ناساوي”.
ثانيًا: السفن لا تسقط… بل تغوص!
راقب سفينة تبتعد في البحر:
لا تختفي فجأة.
بل تختفي تدريجيًا: أولًا الهيكل، ثم الصاري، ثم القمة.
لماذا؟
لو كانت الأرض مسطحة، لرأيتها كاملة حتى نهاية الأفق. لكن الحقيقة أن السفينة تغوص تدريجيًا وراء الانحناء.
ثالثًا: تجربة إراتوستينس (قبل ألفي عام)
عام 240 ق.م، قاس إراتوستينس محيط الأرض عبر ملاحظة زاوية سقوط الشمس في مدينتين (أسوان والإسكندرية).
لو كانت الأرض مسطحة، لكانت الزاوية واحدة.
لكن الزاويتين اختلفتا، ومنهما حسب المحيط بدقة مدهشة (≈ 40,000 كم).
تجربة بسيطة تكشف الحقيقة لمن يمتلك عقلاً علميًا.
رابعًا: الجاذبية تحب الكُرات!
لماذا كل الكواكب والنجوم كروية؟
لأن الجاذبية، عند أحجام كبيرة، تسحب المادة نحو مركز الكتلة.
هذا يؤدي إلى توزيع متساوٍ للكتلة حول المركز، أي شكل كروي.
الأرض ليست مستثناة، بل هي جزء من هذه القاعدة الكونية.
لو كانت الأرض مسطحة، فإن الجاذبية ستكون مشوّهة، وتميل الأشياء نحو المركز، وهو أمر لم يُلاحظ إطلاقًا.
خامسًا: تأثير كوريوليس وتغير الطقس
لو كانت الأرض مسطحة وثابتة، لماذا:
تدور الأعاصير باتجاه عقارب الساعة في نصف الكرة الجنوبي؟
وتدور بعكسها في نصف الكرة الشمالي؟
السبب هو تأثير كوريوليس الناتج عن دوران الأرض. وهو مثبت رياضيًا وتجريبيًا، وتستخدمه أنظمة الملاحة والصواريخ.
سادسًا: بندول فوكو – دوران الأرض في المتحف
في القرن التاسع عشر، صنع “ليون فوكو” بندولًا بسيطًا يثبت دوران الأرض.
البندول يتأرجح بثبات، لكن اتجاه تأرجحه يدور مع الوقت، لأن الأرض تدور تحته.
يُعرض البندول اليوم في المتاحف، ويمكنك مشاهدته بنفسك.
إنها تجربة فيزيائية لا يمكن تجاهلها، وتفشل تمامًا على أرض “مُسطّحة”.
سابعًا: الأقمار الصناعية لا تدور حول بيتزا
نظام GPS لا يعمل على أرض مسطحة.
الأقمار تدور في مدارات حول الأرض، ترسل إشارات متزامنة.
أي خطأ في حساب كروية الأرض يسبب أخطاء تصل إلى كيلومترات في الموقع.
هل تظن أن كل أنظمة الملاحة والطيران تخدعك؟
ثامنًا: اختلاف النجوم حسب نصف الكرة
من الشمال ترى نجم القطب (Polaris).
من الجنوب لا تراه إطلاقًا، بل ترى نجوماً مختلفة كليًا.
هذا التغيّر لا يمكن تفسيره على سطح قرصي. بل فقط إذا كنت على كرة ضخمة، تختلف زاويتك إلى السماء كلما تحركت على سطحها.
تاسعًا: خسوف القمر يفضح الحقيقة
حين يحدث خسوف كلي للقمر، ترى ظل الأرض يغطي سطح القمر.
ذلك الظل دائري تمامًا، من أي زاوية نراها فيها.
أي جسم مسطح لا يمكن أن يُسقط ظلاً دائريًا إلا من زاوية واحدة فقط. لكن ظل الأرض دائري من كل الزوايا، لأن المصدر… كرة!
عاشرًا: الصور من الفضاء – من أين تأتي؟
الادعاء: “صور ناسا مزيفة!”
الرد:
مئات الصور من وكالات فضاء متعددة (أوروبية، روسية، صينية، يابانية، هندية).
مئات الآلاف من الصور من رواد فضاء مدنيين وعسكريين.
أقمار صناعية ترسل صورًا حية للأرض (مثل Google Earth).
هواة يرسلون كاميرات على مناطيد ويسجّلون انحناء الأرض.
هل كل هؤلاء جزء من “المؤامرة الكبرى”؟!
الحقيقة: لا تحتاج مؤامرة لتثبتها
العلم لا يبنى على “الظاهر”، بل على التجربة والبرهان.
الأرض ليست بيتزا عائمة في الفضاء.
كل فيزياء نيوتن، والنسبية، والملاحة الجوية، وعلوم الفلك تنهار لو كانت الأرض مسطحة.
خاتمة: إلى كل مؤمن بـ”نظرية القرص الطائر”
لا بأس بالتشكيك، بل هو مفتاح العلم.
لكن التشكيك الذي لا يعقبه دراسة ولا فهم، ليس فضيلة… بل فوضى فكرية.
وإذا أردت أن تتحقق بنفسك، لا تحتاج ناسا ولا وكالة مخابرات، بل فقط:
خيط وظل وقلم، كما فعل إراتوستينس.
أو تلسكوب صغير ترى به نجم الشمال يختفي كلما تحركت جنوبًا.
أو حتى سفينة في الأفق… شاهدها تختفي واحدة واحدة، ثم فكّر.
العلم بسيط، لكنه لا يُجامل.
والأرض؟ ليست بيتزا، صدّقني.
