
الدعم العاطفي أساس الاستقرار الاسري ، بقلم : لينا مصطفى أبو حق
في قلب كل اسرة ينبض الحب والدعم، يكمن سر الاستقرار والأمان الذي يحتاجه كل فرد لمواجهة تحديات الحياة، ان الدعم العاطفي ليس مجرد كلمات تقال أو عبارات عابرة بل هو تفاعل يومي ينبثق من المحبة والاحترام والتقدير المتبادل وهو ما يرسم ملامح بيئة دافئة تجعل من المنزل ملاذا يحمي الروح ويغذي النفس، يقول الله تعالى في محكم تنزيله:
” وقولوا للناس حسنا”، فتلك الكلمة الطيبة ليست فقط وسيلة للتعبير عن المودة بل هي جسر يربط بين القلوب ويزرع بذور الفرح والسعادة داخل الأسرة.
في واقع الحياة نجد أن الدعم العاطفي يلعب دورا محوريا في تنمية الثقة بالنفس لدى الأبناء وتشكيل شخصياتهم بطريقة إيجابية، فقد روت سيدة تدعى سعاد كيف كانت تخصص وقتها للاستماع الى طفلها الذي واجه صعوبات في المدرسة كانت تهمس له بكلمات التشجيع وتقدر جهوده، مما أعاد اليه الأمل وبعث فيه روح الإصرار ومن جهة أخرى، شارك أب يدعى أحمد تجربته في تغيير نمط حياته اذ أدرك أن توفير الاحتياجات المادية لا يكفي وحده بل ان الجلوس مع الأطفال والمشاركة في أنشطتهم اليومية ومشاعرهم هو ما يثري العلاقة الأسرية ويرسخ أواصر المحبة بينهم.
ان العلاقة بين الزوجين أيضا لا تخلو من أهمية الدعم العاطفي، حيث أن تبادل كلمة طيبة أو لمسة حانية يمكن أن تزيل عن القلب وطأة الضغوط وتعيد اشعال فتيل الأمل في نفوسهم، وقد جاء في الحديث الشريف “خيركم خيركم لأهله” دلالة على أن الاهتمام بالأسرة ورعايتها بالحب والاحترام هو معيار من معايير التكامل والسعادة في الحياة الزوجية هذا التفاعل الإيجابي بين الزوجين ينعكس بدوره على الأطفال ويوفر لهم بيئة نمو يسودها الاستقرار والسيطرة على المشاعر.
وعلى النقيض من ذلك فان غياب الدعم العاطفي داخل الأسرة قد يؤدي الى نتائج وخيمة حينما يشعر الأبناء بأنهم مجرد أرقام أو أشخاص لا تستحق كلمات تقدير، ينشأ لديهم شعور بالوحدة والعزلة، وتبدأ الشكوك تتسلل الى نفوسهم مما قد يدفعهم الى الانحراف وتغيير سلوكهم نحو الأسوء، وفي مثل هذه الحالات يصبح الارتباط العاطفي خيطا رفيعا يهدد تفكك نسيج الأسرة، مما يؤثر سلبا على الأداء الدراسي والمهني للأطفال في المستقبل، وقد أكدت العديد من الدراسات العلمية أن البيئة المفعمة بالمحبة والتفاهم تساهم بشكل كبير في بناء شخصية قوية وثقة داخلية لا تضاهى.
فيما يعد الدعم العاطفي استثمارا حقيقيا في المستقبل، اذ يعلم الأطفال كيفية مواجهة تحديات الحياة بتفاؤل ورجاحة عقل ويعلمهم قيم الرحمة والتعاطف مع الاخرين، فقد واجه شاب مرحلة عصيبة بعد تلقيه انتقادات قاسية من بعض المحيطين به لكن كلمات الدعم والتشجيع من والدته كانت بمثابة الشعلة التي أنارت دربه وأعادته الى معترك الحياة بثقة جديدة مثل هذه التجارب تبرهن على ان الدعم العاطفي ليس رفاهية بل ضرورة تنعكس إيجابيا على جميع جوانب الحياة الاجتماعية والنفسية.
وفي ظل هذه المعطيات يظهر أن الاستثمار في التعبير اليومي عن الحب والاحترام داخل الأسرة يتعدى كونه مجرد واجب، بل يتحول الى رسالة سامية تهدف الى ترسيخ قيم الاستقرار والتلاحم الاجتماعي، فالأسرة التي تحاط بأجواء من المودة والحنان تصبح حجر الأساس لبناء مجتمع متوازن يسوده الايجاب والايمان بأن لكل فرد دوره ومسؤوليته في الحفاظ على هذا الكيان الحيوي.
في النهاية يتبين لنا أن الدعم العاطفي هو القوة التي تبقي أسس الأسرة متماسكة، فهو المفتاح الذي يفتح أبواب السعادة والنجاح لكل أفرادها فكل كلمة طيبة وكل لفتة حنان تصون العلاقة بين الأهل وتعزز الثقة المتبادلة مما يرسخ أواصر الحب والرحمة التي لا تنفصم مهما تقلبت ظروف الحياة، ان الدعوة موجهة اليوم لكل أب وأم ليكونوا مثالا يحتذى به في العطاء اللامحدود، لأن الأسرة السعيدة هي مصدر القوة التي يصب منها المجتمع بأكمله في زمن يزداد فيه تقدير الأنس والدفء الإنساني مع كل يوم يمر.
- – كتابة لينا مصطفى أبو حق بإشراف الدكتورة فلسطين نزال .