الإعلامية الراقية رهام أبو حبلة ، صوتٌ حرّ وأثرٌ لا يُنسى ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

الإعلامية الراقية رهام أبو حبلة… صوتٌ حرّ وأثرٌ لا يُنسى ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات

في زمنٍ تزدحم فيه الشاشات وتضيع فيه الحقيقة بين ضجيج الأصوات، يبقى لبعض القامات الإعلامية وميضٌ خاص، وبصمة لا تشبه سواها. ومن بين أولئك الذين يحفرون أسماءهم لا في أرشيف الصورة فقط، بل في وجدان من يلتقون بهم، كانت الإعلامية القديرة رهام أبو حبلة، وردةً إعلامية نادرة في بستان الكلمة الصادقة.

كانت بدايتنا حين تواصلت معي الإعلامية رهام من تلفزيون الفجر الفلسطيني، ذاك الصرح الحرّ الذي يُشبه نوافذ الضوء في عتمة الواقع. تواصلها لم يكن مجرد دعوة إعلامية، بل كان عناقًا بين الفكر الحرّ والإعلام المسؤول، إذ بادرت بدعوتي للحديث عن الفاقد التعليمي، وعن الحلول الممكنة في ظل واقع فلسطيني استثنائي يعيشه الطلبة والمعلمون وأصحاب القرار.

وما أجمل أن يكون اللقاء في مدينة طولكرم، تلك المدينة التي تُشبه الشجرة الفلسطينية العتيقة، جذورها في الأرض وكرامتها في السماء. وهناك، في قلب المدينة، كانت رهام زهرة الإعلام الفلسطيني، تسير بين التفاصيل بلطف العارف، وتطرح أسئلتها برقيّ الباحث، وتُنصت بإخلاص من يريد أن يبني لا أن يُبهر.

رهام لم تكن فقط مقدّمة لقاء، بل كانت جسرًا بين الكلمة الصادقة والرسالة الواعية، تحاور بعين القلب، وتضيء القضايا بعدسة الفهم، لا بعدسة الشهرة. حديثها يشبه جدولًا رقراقًا، يحمل القضايا برفق ويصبّها في نهر الوعي.

ومع كل لحظة من لحظات اللقاء، شعرتُ أنني لا أمام إعلامية فحسب، بل أمام روح فلسطينية تُحبّ ما تفعل، وتؤمن بقيمة الكلمة، وتزرع أثرًا يشبه النسيم في أيامنا المثقلة بالتعب.

لقد كانت رهام وطاقم تلفزيون الفجر نموذجًا للكرم الأخلاقي والمهني، وقد تركوا في قلبي أثرًا من تلك الآثار التي لا تُمحى، بل تبقى كوشمٍ من ضوءٍ على كتف الذاكرة.

أيتها الإعلامية المبدعة، يا صديقة الحرف والموقف،

فخورة بكِ جدًا، كما يفخر القمر بضيائه في عتمة الليل، وكما تفتخر الكلمة حين تجد من يُنطقها بصدق.
فخورة بكِ لأنك نموذج للإعلام الحر، وللأنثى الفلسطينية التي تغزل النجاح من خيوط الصدق والتفاني.
نعم، إنما الإنسان أثر، وأنتِ يا رهام أثر لا يُنسى، وصوت لا يُطفأ، وسيرة تبقى بضيائها الجميل.

دمتِ للحق صوتًا، وللناس ضوءًا، وللإعلام الفلسطيني نبضًا نقيًا لا يتوقف.