9:23 مساءً / 19 أبريل، 2025
آخر الاخبار

سبت النور في فلسطين ، شعلة الإيمان في عتمة الاحتلال ، وغزة، هل يصلها النور؟ بقلم : المهندس غسان جابر

سبت النور في فلسطين ، شعلة الإيمان في عتمة الاحتلال ، وغزة، هل يصلها النور؟ بقلم : المهندس غسان جابر

سبت النور في فلسطين: شعلة الإيمان في عتمة الاحتلال ، وغزة، هل يصلها النور؟ بقلم : المهندس غسان جابر

في كل عام، تتزين كنيسة القيامة في القدس المحتلة بشموع الإيمان، وتُضاء القلوب قبل الشعلة، في طقسٍ روحاني استثنائي يُعرف بـ”سبت النور”، الذي يسبق عيد الفصح المجيد بيوم. يترقّب الفلسطينيون المسيحيون، كما المسلمون، خروج “النور المقدس” من قبر السيد المسيح، في احتفال يتجاوز بعده الديني ليصبح فعل تحدٍ للاحتلال، وتشبثًا بالهوية الفلسطينية المتجذرة في هذه الأرض.

طقس ديني… وبُعد وطني

لا يمكن قراءة احتفالات سبت النور في فلسطين بمعزل عن السياق السياسي والوطني. فخروج النور من قلب القدس القديمة، وتحديدًا من كنيسة القيامة، هو تأكيد متجدد على أن هذه المدينة، رغم كل محاولات التهويد والحصار، لا تزال تنبض بروح التعددية والتاريخ والكرامة. إن الفلسطيني المسيحي الذي يشعل شمعته في الزنزانة الحجرية، ليس مجرد ممارس لإيمانه، بل هو مقاوم بالوجود، وحارس لذاكرة لا يمكن طمسها.

ومن اللافت أن الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة كثيرًا ما يُمنعون من الوصول إلى القدس للمشاركة في هذه الطقوس. الاحتلال يتحكم بالتصاريح، ويمنح من يشاء ويمنع من يشاء، وكأن النور المقدس نفسه أصبح تحت السيطرة العسكرية. لكن، رغم ذلك، يُصرّ المؤمنون من كل فلسطين على حمل شعلة النور في قلوبهم، وإحيائه في كنائسهم، بل وفي بيوتهم.

غزة: حين يُحاصر النور

السؤال الذي لا بد أن يُطرح: هل في غزة سبت ونور؟


في المعنى الروحي، نعم، فالإيمان لا يعرف الحصار، ولا تمنعه الجدران. ولكن في المعنى السياسي والإنساني، تبدو غزة اليوم غارقة في ظلمة مزدوجة: ظلمة الاحتلال، وظلمة الصمت. المسيحيون في غزة، وهم جزء أصيل من النسيج الوطني، لا يستطيعون الخروج بحرية للاحتفال، ولا استقبال الشعلة من القدس. كنائسهم محاصرة و مدمرة، حياتهم مهددة، ورغم ذلك، يضيئون الشموع في ليل الحرب، وكأنهم يرددون ما قاله يسوع ذات مرة: “أنا نور العالم”.

إن احتفالات سبت النور في غزة باتت مقاومة من نوع خاص، مقاومة بإصرار على الحياة، على التمسك بالوطن، وعلى البقاء. فهي رسالة صامتة لكنها مدوية: “نحن هنا، حتى في العتمة، سنشعل النور”.

القدس واحدة، والشعب واحد

حين نرى عشرات آلاف الفلسطينيين يزحفون نحو كنيسة القيامة، رغم الحواجز والعنف، ندرك أن سبت النور ليس مناسبة طائفية، بل وطنية بامتياز. المسلمون يشاركون المسيحيين فرحتهم، كما في بيت لحم ورام الله والناصرة، لأن المعركة ليست دينية، بل معركة كرامة وطنية.

ومن بين الزغاريد الفلسطينية، وصواني الحلوى التي توزع في ساحات الكنائس، تُسمع الترانيم ممزوجة بالأهازيج الشعبية، وتُرفع الكوفية الفلسطينية إلى جانب صليب القدس، في مشهد يلخّص وحدة الأرض والشعب والرسالة. وها هي أم فلسطينية مسيحية تقول: “نحن لسنا أقلية، نحن ملح هذه الأرض وخميرتها”.

كما قال الشهيد القائد ياسر عرفات: “إن المسلمين والمسيحيين في فلسطين شركاء في الدم والنضال والمصير”، وكما يردد المطران عطا الله حنا دائمًا: “القدس ليست فقط عاصمة فلسطين، بل هي القلب النابض للكرامة العربية والإنسانية”.

نقول: سبت النور… نداء من أجل العدالة

في زمن الظلم، كل شعلة حقّ هي ثورة. وسبت النور في فلسطين هو ثورة من نوع مختلف: ثورة إيمان، وثورة وجود، وثورة انتماء. ومن غزة إلى القدس، ومن الناصرة إلى بيت لحم، تبقى فلسطين تنشد نورها الخاص، الذي لا تصنعه المعجزات وحدها، بل تصنعه الإرادة والتمسك بالأرض.

فهل يصل النور إلى غزة؟


سيصل، حتمًا سيصل، يوم تُفتح أبواب المدينة لا للشعلة المقدسة فقط، بل للكرامة والحرية.

م. غسان جابر (القيادي في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية)

شاهد أيضاً

اسعار الذهب اليوم

اسعار الذهب اليوم

شفا – جاءت اسعار الذهب اليوم السبت 19 أبريل كالتالي :عيار 22 69.600 دينارعيار 21 …