
شفا – في خطوة نوعية تعكس تطوراً في أدوات المناصرة المجتمعية، أطلق الائتلاف التربوي الفلسطيني مبادرة “التعاونيات التعليمية”، كمنصات متخصصة تعمل ضمن رؤية موحدة تهدف إلى تحقيق تعليم عادل، شامل، ومستدام في فلسطين، رغم ما تمر به العملية التعليمية من تحديات متفاقمة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة.
تعاونيات تُبنى من المجتمع وللمجتمع
جاء إطلاق التعاونيات التعليمية استجابةً لحالة التعليم الراهنة، والتي تتأثر بتداعيات الاحتلال، والتفاوتات الجغرافية، وتحديات التمويل، وتقلص المساحات الآمنة، إضافةً إلى هشاشة بنى التعليم في حالات الطوارئ، خاصة في قطاع غزة. في هذا السياق، سعى الائتلاف إلى بلورة نموذج يدمج التخصص المعرفي بالمشاركة المجتمعية، من خلال تشكيل تعاونيات تربوية يقودها منسقون ومنسقات ذوو خبرات طويلة في مجالات التعليم والسياسات والحقوق.
أداة وطنية للتأثير في السياسات
تهدف التعاونيات إلى تكوين جسم وطني جامع، قادر على التأثير في السياسات التربوية على المستوى الوطني، عبر تقديم قراءات معمّقة للواقع التعليمي، ورصد الانتهاكات، واقتراح بدائل مبنية على المعرفة والخبرة التراكمية. وتعتمد التعاونيات في عملها على التكامل، إذ تشكل شبكة موحدة رغم التوزع الجغرافي والتخصصي، ما يمنحها قدرة مرنة على التعامل مع قضايا التعليم المتشعبة والمتغيرة.
ثماني تعاونيات أُطلقت ومزيد في الطريق
وقد أطلق الائتلاف حتى الآن ثماني تعاونيات تعليمية تعمل ضمن محاور تخصصية واضحة، بإشراف من منسقين ومنسقات يمتلكون خبرات تربوية ومجتمعية. وتشمل هذه التعاونيات: تعاونية تعلم وتعليم الكبار التي يُنسقها الأستاذ نسيم قبها، وتعاونية السياسات التعليمية بإشراف الأستاذ ثروت زيد، وتعاونية التعليم في الطوارئ التي يديرها د. وحيد جبران، وتعاونية جنين التعليمية بقيادة الأستاذ عبد الله جرار، وتعاونية الرصد والتوثيق بإشراف الأستاذ علاء بدارنة، وتعاونية الشباب التي تنسقها الأستاذة ميس أبو حاشية، وتعاونية المعلمين بقيادة د. رائدة قرابصة، إضافة إلى تعاونية الأغوار التي يُشرف عليها الأستاذ حسن مليحات.
ويُجري الائتلاف تحضيرات لإطلاق تعاونيات إضافية، تشمل محاور جديدة تلبي تطور التحديات، ومن أبرزها: تعاونية الصحة والبيئة المدرسية التي يُنسقها د. رائد من الإغاثة الطبية، وتعاونية رقمية التعليم بإشراف الأستاذ جواد أبو عون، وتعاونية نوعية التعليم بقيادة د. أحمد أبو الهيجاء، وتعاونية الدعم النفسي التي يُنسقها د. محمود البريغيثي، بالإضافة إلى تعاونية تمويل الوكالة بإشراف الأستاذ شاهر بدوي.
خطط عمل مرجعية وتكامل في الأداء
تعقد التعاونيات اجتماعات دورية – حضورياً وافتراضياً – ضمن منظومة الائتلاف، ولكل تعاونية خطة عمل وإطار مرجعي يرسم ملامح تدخلها في القضايا ذات الصلة. كما تُسهم هذه الخطط في ضمان التخصص والتكامل بين مختلف التعاونيات، بحيث لا تعمل في جزر معزولة، بل كأذرع متماسكة ضمن رؤية شاملة للائتلاف.
من الرقمنة إلى حقوق الفئات: التعليم تحت المجهر
نظرًا لتنوع قضايا التعليم، اتجه الائتلاف إلى بناء تعاونيات تغطي طيفًا واسعًا من التخصصات، تشمل التعليم في حالات الطوارئ، تعليم الكبار، دعم المعلمين، الصحة المدرسية، التعليم الرقمي، والرصد الحقوقي، في محاولة لإنتاج معرفة تربوية وطنية تُسهم في رسم سياسات تعليمية أكثر عدلاً وشمولاً، خاصة في ظل التحديات التي تواجه الفئات المهمشة، من أطفال ونساء وشباب، في مختلف محافظات الوطن.
خطوة نحو بناء قوة مدنية تربوية
تُشكل “التعاونيات التعليمية” نموذجاً جديداً للمناصرة التخصصية في فلسطين، يربط بين المعرفة التربوية والعمل المجتمعي والضغط على صناع القرار. وهي خطوة تعزز موقع المجتمع المدني كفاعل مركزي في صياغة مستقبل التعليم، وتفتح الباب أمام أدوات جديدة للنضال من أجل حق التعليم للجميع دون تمييز.