
جيل الشباب بين متلازمة محمد رمضان وخاتم نارين ، بقلم : إيمان مرشد حماد
برأيكم هل يمكن أن نقنع الجيل الجديد بأن التعليم هو مفتاح النجاح والثقافة هي ذخيرة العقل الواعي طالما نحن محاطون بخريجين فقراء ، وجهلة أثرياء؟
لو نظرنا حولنا لوجدنا أننا حقاً في حالةٍ يرثى لها ، فالمتعلم فقيرٌ معدم يقضي جُلَّ وقته يُفكر في تسديد الفواتير المتراكمة عليه، والجاهل يتمتع بالثراء الفاحش ويفكر في طرق جديدة ليصرف ما تراكم معه من أموال، وليته يفعل ذلك بعيدا عن أعين الفقراء المحرومين او دون أن يستعرض ماله أمام المتعلمين المعدمين.
بالله عليكم نحن كتربويين كيف سنقع طلبتنا بجدوى التعليم والثقافة والقراءة وهم ينظرون حولهم ويشاهدون أحوال حملة الشهادات الذين اثقلتهم الديون والمسؤوليات ويرون التفاهة تُشترى بباهظ الاثمان بينما أصبح المتعلم يعمل إما مجاناً أو بنصف راتبه المؤجل إلى يوم يبعثون فيما تدق عليه البلديات بفظاظة مهددة إياه بقطع المياه والكهرباء؟!
ولو تغاضينا عن الجوانب المادية ، كيف سنتغاضى عن الجوانب الأخلاقية والتربوية فقد تم تشويه القدوات وتمجيد “المؤثرين” الذين يروجون للسطحية والمال الناتج عن الكسب السريع، بدلًا من العلماء أو المبدعين الحقيقيين وأصحاب المواهب الفريدة.
كيف سيحس اي إنسان بقيمة علم او ثقافة عندما يرى شباباً لا يملكون قوت يومهم ولا ذخيرة لمستقبلهم. كيف سنقنع شباباَ يتجاوزون الثلاثينات بلا زواج ان يسعوا للحصول على شهادات وعلم في حين انهم يشاهدون نشطاء التكتوك والانستجرام يقيمون حفلات زفاف أسطورية بينما فتياتنا العفيفات قد تفوتهن فرص الزواج لضيق ذات اليد. وأيضاً كيف ستقنع فتاة ان تتواضع في أحلامها وتطلعاتها وهي تمتلك أعلى الشهادات بينما تشاهد المجوهرات الثمينة والسيارات الفارهة تُهدى للسخيفات والجاهلات اللواتي لا يملكن إلا عقولاَ فارغة وأجساداً معروضة في سوق النخاسة المعاصر ؟
لقد غَدتْ حياتنا الحالية مصيدة مقيتة للأحلام البريئة والطموحات المشروعة التي تحبس الجيل في عالم القشور والمقارنات السلبية بحيث أصبح الشباب يشعرون دومًا بالنقص، مما يولّد لديهم الحسد، الاكتئاب، والإحساس بالفشل أمام النجاح الزائف الي يرونه أمامهم ليل نهار.
إن خيرة شبابنا من الأطباء والمهندسين والمحامين المعلمين يعيشون أسوأ أوقاتهم فهم من بين مهاجر ويائس ومكتئب ومحبط وعامل في مجال المهن التي لا تحتاج إلى كل هذه الدراسة. يكفي ان أذكر لكم أنني شاهدت بأن عيني سيدات من حملة درجة الدكتوراة بلا عمل وينظرن بعين الحسد إلى دخل الكوفيرات والعاملات في مجال التجميل والازياء ويتحسرن على سنوات الجد والاجتهاد والسهر فالمتعلم لو طلب ١٠٠ شيقل عن درس أو مهمة لقالوا طماع وحتى يعتقدون أن عليه أن يقدم خدماته مجاناً، ولكن تجد سيدة تدفع ألف شيقل على جلسة تجميل وهي تتملق صاحبة الصالون ( عشان تزبطها).
اليوم اكيد أجزم أن السؤال الشائع الذي كنا تسأله لأولادنا حول مهنتهم المستقبلية سيحمل إجابات مختلفة عن سابقاتها. على الأغلب سيصبح الجواب ناشط فيسبوك ، مؤثر على اليوتيوب أو التكتوك فهذا جيل مصاب بمتلازمات مرضية جديدة ليس لها مصل ولا مضاد حيوي منها ازياء محمد رمضان ، متلازمة أم النمر ، فزلكات ابو فلة، خاتم نارين بيوتي، متابعين نور ستارز وخطيب بيسان اسماعيل والله يعوض على احمد زويل وعلي نايفة ومصطفى محمود وعباس محمود العقاد وني زيادة وفدوى طوقان وزها حديد والرافعي. بالمناسبة أراهن أن اولادنا الآن يقولون من هؤلاء؟
فمتى تستيقظ من غفلتنا وننفذ الأجيال القادمة من سقطة مدوية في بئر الإنحراف السحيق؟!
- – المُحاضِرة إيمان مرشد حماد – جامعة النجاح الوطنية