1:20 صباحًا / 16 أبريل، 2025
آخر الاخبار

الخطاب الناعم للاحتلال ، خطر الإعلام العبري على محتوى السوشال ميديا ، بقلم : مريم شومان

الخطاب الناعم للاحتلال.. خطر الإعلام العبري على محتوى السوشال ميديا ، بقلم : مريم شومان

بينما تنشغل أنظار العالم بالتحليلات العسكرية والسياسية للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، يدور صراع أكثر خطورة في خلفية المشهد؛ “صراع المفردات”. فالإعلام العبري بخطابه الناعم والمصطلحات المصمّمة بدقة، لا يكتفي برواية احتلاله، بل يسعى لفرضها كـ “حقيقة محايدة” داخل المحتوى الفلسطيني والعربي الرقمي.

تنتقل مثل هذه المفردات بسلاسة عبر القنوات الإخبارية على تيليجرام وواتساب، لتُعاد صياغتها عبر السوشال ميديا، وتتحول إلى أداة خفية في تكريس الاحتلال وشرعنته على حساب تآكل السردية الفلسطينية وتغييب الهوية.

حين تُصبح المفردة طُعمًا: أمثلة واقعية لتحريف الخطاب

في كل مرة يُستخدم فيها تعبير مثل “نشاط تخريبي” بدلا من عملية مقاومة، يجري نقل الحدث من سياقه الوطني إلى السياق الأمني الإسرائيلي، يتم تصوير الفلسطيني كـ “مخرّب” لا كصاحب أرض يقاوم احتلالًا جاثمًا على أرضه منذ عقود، بينما تمرّ الكلمة بسلاسة على آذان وعيون المتابعين والمستخدمين مما تنجح في إعادة تشكيل المشهد لصالح المحتل.

كذلك، تعبير “السكان” عند الحديث عن أهالي مدن الضفة الغربية وكذلك القطاع الذي يتعرض بقية أهله للإبادة الجماعية يجرّد الشعب الفلسطيني من هويتهم الوطنية والسياسية، ويُظهرهم كمجموعة بشرية غامضة بلا صفة، أما عند استخدام “اشتباكات” بدلًا من “اقتحامات” أو “اعتداءات”، فإن اللغة تفقد وضوحها الأخلاقي، وتضع الطرفين في كفة واحدة، رغم الفارق الجوهري بين المعتدي والمعتدى عليه.

تسريب الخطاب عبر التطبيقات والمنصات

تتفاقم المشكلة حين تُعاد صياغة هذه المفردات داخل القنوات الإخبارية على تطبيقات مثل تيليجرام وواتساب، أو تُتَناقل في المنشورات عبر فيسبوك وانستجرام ومنصة إكس، بل إن العديد من الصفحات الإخبارية الفلسطينية والعربية بدافع السرعة وعدم التدقيق تنقل الخبر باستخدام لغة مأخوذة حرفيًا من الإعلام العبري ما يمنح شرعية غير مباشرة للمحتوى الإسرائيلي.

منصات بلا مناعة لغوية

يعيد هذا الخطاب تشكيل الوعي تدريجيًا، ويجعل الاحتلال يبدو كما لو أنه واقع “حيادي” أو “قانوني” فيما يغيّب الهوية الوطنية الفلسطينية ويهمّش السردية الأصلية، ومع تكرار المصطلحات تفقد اللغة المحلية قدرتها على المقاومة وتتحول من أداة تعبير إلى أداة تبرير دون أن نشعر.

النتائج: طمس الرواية وتحقيق أهداف الاحتلال

إن تكريس هذه اللغة يؤدي إلى مخاطر عديدة قد لا يدركها القرّاء ومستخدمو منصات التواصل الاجتماعي وحتى للأسف بعض وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية. من هذه المخاطر، أولا: تطبيع الرواية الإسرائيلية داخل وعي المستخدم العربي والفلسطيني، ثانيا: طمس الهوية الفلسطينية لصالح لغة تفتقر للسياق التاريخي والوطني، ثالثا: إضعاف السردية الفلسطينية التي تتأسس على النضال، والحقوق، والتاريخ، رابعا: تهيئة الرأي العام لقبول “يهودية الدولة” كحل واقعي أو طبيعي في ظل غياب رواية مضادة قوية.

ما العمل؟

من الضروري اليوم أن نرفع منسوب الوعي الإعلامي واللغوي لدى الجمهور، وأن نعيد الاعتبار للمصطلح المقاوم، وللغة التي تعبّر عن الواقع الفلسطيني كما هو، لا كما يرغب الاحتلال في تصويره.

كما يجب على الصحفيين، والنشطاء، ومديري الصفحات الإخبارية أن يتوقفوا عند كل كلمة تُستخدم، وأن يُسائلوا مصادر الأخبار والمفردات قبل إعادة نشرها، كما أنه من المهم إعادة صياغة الأخبار بلغتهم الخاصة المنحازة للحق والواقع لا تلك التي يتم ترجمتها حرفيا والمقتبسة عن الإعلام العبري، إضافة إلى ضرورة تسليط الضوء على المصطلحات المضللة وتفكيك معانيها.

وفي النهاية، فإن معركة الرواية لا تُحسم بالسلاح فقط، بل بالكلمة التي تحافظ على الحقيقة حيّة، والتي تقاوم الاحتلال حتى في أبسط تفاصيل اللغة.

شاهد أيضاً

اسعار الذهب اليوم

اسعار الذهب اليوم

شفا – جاءت اسعار الذهب اليوم الأربعاء 16 أبريل كالتالي :عيار 22 67.600 دينارعيار 21 …