12:51 مساءً / 15 أبريل، 2025
آخر الاخبار

ليلة حرق المعمداني 13/أبريل/2025 وسياسة التدجين ، بقلم : بديعة النعيمي

ليلة حرق المعمداني 13/أبريل/2025 وسياسة التدجين ، بقلم : بديعة النعيمي

بالأمس القريب وبعد انهيار مفاوضات المرحلة الثانية بين حركة حماس ودولة الاحتلال والتي كان من المفترض أن تنهي الحرب عن غزة بسبب تجبر الطاغية “بنيامين نتنياهو”، عاد العدوان وبشكل أعنف من قبل، فأُفرغت رفح من سكانها بعد تهجيرهم قسرا. وجاء دور الشجاعية وأوامر إخلاء سكانها مما بقي من بيوتهم ثم خانيونس وأمر إخلاءها بالكامل. لكن ما حصل بعد منتصف ليلة الثالث عشر من ابريل/2025 كان بشعا جدا ويعكس ما وصلت إليه الشعوب العربية من تدجين وصمت كان من نتائجه تمرد دولة الاحتلال وفعل كل ما يحلو لها من قصف وقتل وارتكاب ما لم يُرتكب على مر التاريخ البشري.


فما ارتكبته عصابات الاحتلال بعد منتصف هذه الليلة من أوامر لإخلاء مستشفى المعمداني الذي يتكدس فيه مئات الجرحى والمصابين من أطفال وكبار السن ورميهم في العراء للبرد ينهش ما تبقى منهم، ثم قصف المستشفى من طائرات الغدر لهو الجنون والعلو الكبير الذي وصلت له دولة الشتات، وهو أمر ليس بالمستغرب.

فكل ما حصل ويحصل في فلسطين عامة وغزة خاصة ومنذ حادثة حرق المسجد الأقصى سببه نحن..
فمتى بدأ مسلس التدجين، وغُيبت الشعوب عن التأثير السياسي في أهم القضايا المصيرية..قضية فلسطين منذ 48 وما تلاها وصولا إلى العدوان على غزة 2023 بشكل صارخ ومؤلم؟؟

إن هذا الغياب ليس طارئا أو وليد اليوم، بل إن له تاريخ ومسار طويل من التدجين المنهجي الذي مارسته الأنظمة العربية بحق شعوبها، من خلال القمع السياسي، والرقابة الفكرية، وإعادة تشكيل الوعي العام بما يخدم بقاء السلطة ويديم الخضوع.

منذ أن خرجت الدول العربية من حقبة الاستعمار ، تحولت إلى كيانات تسيطر عليها أنظمة استبدادية ترفض إشراك الشعوب في صنع القرار، وتتعامل مع السياسة باعتبارها شأنا محصورا بين النخب الحاكمة وأجهزتها الأمنية. وقد مارست هذه الأنظمة سياسة منهجية في قمع أي نشاط شعبي يعبّر عن موقف سياسي مغاير، خصوصا حين يكون مرتبطاً بالقضية الفلسطينية. فالتضامن مع غزة، أو مناصرة المقاومة، لم يكن يُعد فعلا سياسيا نبيلا، بل “جريمة” تهدد الأمن الداخلي وبالتالي كرسي الحاكم، لذلك فإنها تستدعي الملاحقة والسجن.

أضف إلى ذلك صنع حالة من إعادة إنتاج الوعي العربي وفق رؤية استسلامية، يتم من خلالها تشويه مفاهيم المقاومة، وتضخيم الخطر الداخلي أو الإقليمي على حساب العدو الحقيقي. وفي العقود الأخيرة، تزايد هذا النهج مع موجات التطبيع العربي مع دولة الاحتلال، والذي ترافق مع خطاب رسمي يبرّر التقارب ويمهد لقبوله شعبيا، في مقابل تشويه صورة الفلسطيني المقاوم، وتحويله إلى “إرهابي”.

وهنا لا ننسى الإعلام الخبيث الذي لعب دورا لا يستهان به في هذا التدجين، من خلال التركيز على توافه الأخبار وتغييب المصيرية منها، أو عبر تحويل النقاش العام إلى صراعات داخلية طائفية، لتشتيت الانتباه عن القضية المركزية مما يحصل من إبادة وحصار في غزة، وهذا ما لاحظناه بالفعل وخاصة مع انتشار “الذباب الالكتروني” في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي والذي كانت وظيفته بث الفرقة وشيطنة المقاومة الفلسطينية.

كما لا ننسى أن هذه الوسائل، التي بدت في البداية كمساحة تحررية، سرعان ما أخضعت للمراقبة، وأُفرغت من مضمونها الثوري، فأصبحت وسيلة لتفريغ الغضب بدل توجيهه نحو الفعل.

الواقع في غزة اليوم يكشف هشاشة الموقف العربي الشعبي، ليس لانعدام الرغبة، بل لانعدام الوسائل. الشعوب تشعر بالخزي والعار وتحمل عقدة الذنب لذلك هي تريد أن تصرخ، أن تحتج، أن تقتحم الحدود لتقاوم، لكنها ممنوعة من كل أدوات الفعل، فلا إعلام حر، ولا أحزاب مستقلة، ولا ساحات عامة تمكنهم من التعبير عن آرائهم دون خوف وملاحقة.
فصار أقصى ما تستطيع الشعوب العربية فعله هو التبرع، أو التغريد، أو الدعاء.

وهنا نكون كشعوب قد وصلنا إلى لحظة مؤلمة تتقاطع فيها الإبادة في غزة مع صمتنا وعجزنا، لحظة تختبر ما تبقى من كرامة لدينا.

اليوم الوقفات لا تكفي والاحتجاجات لم تعد تغني ولا تسمن من جوع. اليوم نحن بحاجة إلى استعادة وعينا، بحاجة إلى ثورة حقيقية تعيد الأمور إلى نصابها الصحيح.

وأنا على يقين بأن الزمن لا يتوقف، والشعوب وإن خُنقت، فإنها لا تموت. والتاريخ، بكل سواده اليوم، قد يكون تمهيدا لانفجار قادم يعيد للناس صوتهم، ويمنح القضية حقها من الفعل لا مجرد العاطفة.

شاهد أيضاً

الاحتلال يعتقل شابا بعد إطلاق النار عليه ويصيب مسنا في نابلس

شفا – اعتقلت قوات الاحتلال، اليوم الثلاثاء، شابا عقب إطلاق النار عليه وأصابت مسنا في …