
إطار عمل مراكش وسلبيات سياسات استجابة تعليم الكبار بمناسبة أسبوع العمل العالمي ، بقلم : نسيم قبها
على الرغم من إعلان التزام 142 دولة بزيادة التمويل لتعليم الكبار ، والتعلم مدى الحياة ضمن “إطار عمل مراكش”، إلا أن هناك تقارير عدة تشير إلى تراجع المخصصات المالية أو عدم تحقيق النسب المطلوبة (مثل 4-6% من الناتج المحلي الإجمالي أو 15-20% من الإنفاق العام على التعليم) . ففي بعض البلدان النامية الجنوبية مثلا ، ظلت المشكلات المالية قائمة، خاصة في تمويل البرامج الوقائية أو دعم المتعلمين من الفئات الهشة، مما أثر على جودة التعليم غير الجيد أصلا ، وعلى استدامته ، في ظل عدم وجود آليات واضحة لضمان التمويل المستدام ، خاصة في الدول العربية التي تعاني من محدودية الموارد المالية ، باعتبار أن معظم برامج تعليم الكبار مرتكزة على الدعم الخارجي من الإتحاد الاوروبي على وجه التخصيص ، ما يعني مقبولية التهديد دائما في استمرارية البرامج في حال انخفاض الدعم أو توقفه.
ولقد أثيرت انتقادات صوتها غير مرتفع حول ضعف آليات المتابعة والتقييم لتنفيذ الإطار، حيث ظلت بعض الإجراءات “شكلية” دون تحقيق تأثير ملموس وملحوظ ، كما في حالات لجان التحقيق المدرسية التي فشلت في معالجة قضايا مثل العنف أو التحرش الجنسي بشكل عادل .
ومن الملفت أنه في المغرب (خاصة بمراكش)، تم تسجيل حالات تقصير إداري في تطبيق البروتوكولات الصحية أو دعم المعلمين، مما أدى إلى تفاقم الأزمات التعليمية خلال جائحة كوفيد-19 ، وما ترتب عليها.
لقد اعتمد الإطار على نماذج تعليمية مثل “التعلم عن بعد” والذي لم يصل إلى مستويات التعليم الإلكتروني ، دون توفير البنية التحتية الكافية للفئات المحرومة والتي ليست قليلة ، مما زاد من الفجوة التعليمية بين الطبقات الاجتماعية بفجوات أخرى ، خاصة أن الإطار لا يعالج بشكل كاف الفجوة الرقمية في المناطق الفقيرة والمهمشة . فعلى سبيل المثال، عانى طلاب من عائلات فقيرة في فلسطين ، اليمن ، المغرب ، سوريا ، ليبيا ، لبنان ، مصر السودان ، الصومال ، من صعوبة الوصول إلى الأجهزة الإلكترونية أو الإنترنت عالي السرعة إن كان موجودا أصلا ، حيث في مصر قد أظهرت الإحصاءات أن الأمية تتركز بشكل أكبر بين الإناث في المناطق الريفية، مما يشير إلى فشل السياسات في معالجة التفاوتات الجندرية والجغرافية ، خاصة أن الإطار لم يقدم ضمانات كافية لاستدامة التعلم .
وعلى الرغم من توصيات الإطار بضرورة مشاركة جهات متعددة (مثل الوزارات والمجتمع المدني)، لوحظ غياب التكامل بينها ، والتناحر أحيانا. مثال على ذلك: تعطيل مراكز الاستماع والوساطة التربوية في مراكش، والتي كان من المفترض أن تدعم الطلاب نفسياً واجتماعياً ، وتضارب الصلاحيات السياساتية والتنفيذية في معظم الدول العربية الفقيرة ، كما أن الأمر تعدى ذلك
في القطاع الزراعي (المُرتبط بالأمن الغذائي والتعليم الريفي)، حيث فشلت بعض البلدان في تنسيق المساعدات التقنية والمالية لتحسين الإنتاجية ، كما نصت بنود الإطار أصلا .
ولقد أشارت تقارير محلية في دول عربية إلى أن بعض البرامج لم تحقق استدامة في محو الأمية، حيث عادت نسبة من الدارسين إلى الأمية بسبب غياب المتابعة أو عدم دمجهم في سوق العمل عبر برامج تمكينية ، او إغلاق جمعيات قرائية بسبب التمويل وأولويات وافدة.
لقد واجه ويواجه إطار عمل مراكش تحديات جوهرية في التطبيق، خاصة في الجانب المالي والتنظيمي، والإنصاف الاجتماعي ، والتكيف مع الخصوصيات المحلية للدول . رغم طموحه لتحقيق “التعلم مدى الحياة”، فإن ضعف الآليات التنفيذية وعدم مراعاة الخصوصيات المحلية يحدّان من فعاليته.
إن التماهي مع إطار عمل مراكش تعليميا لتحسين النتائج، يعني تعزيز الشفافية المالية، وتبني مقاربات تشاركية مع المجتمعات المحلية، وتطوير آليات مرنة في تنفيذ الإطار وتوفير حلول مخصصة للفئات الأكثر تهميشاً.
- – نسيم قبها – الإئتلاف التربوي الفلسطيني – الحملة العربية للتعليم .