11:40 مساءً / 14 أبريل، 2025
آخر الاخبار

أحد الشعانين: حين دخل ملك السلام القدس… فهل ندخله نحن؟ بقلم : المهندس غسان جابر

أحد الشعانين: حين دخل ملك السلام القدس… فهل ندخله نحن؟ بقلم : المهندس غسان جابر

في أحد الشعانين، لا نحتفل بذكرى تاريخية فحسب، بل نعيش لحظة روحية تتجاوز الزمان والمكان. لحظة تُعيدنا إلى القدس، المدينة التي استقبلت السيد المسيح بسعف النخيل وأغصان الزيتون، لا بسيوف ولا دماء، بل بمحبة الناس وبساطة الفقراء. فهل نتعلم اليوم من هذا المشهد النقي، وسط عالمٍ تتراكم فيه الكراهية والدمار؟

دخل يسوع إلى القدس راكبًا جحشًا، رمز التواضع والسلام، في زمنٍ كانت المدينة فيه خاضعة للاحتلال الروماني، وكان الناس يبحثون عن مخلّص، عن أملٍ، عن منقذ. فهتفوا: «هوشعنا» أي «خلّصنا»، لكن خلاصهم لم يكن من جيوش روما، بل من الخوف، من الحقد، ومن الخطية التي كانت تسكن النفوس. واليوم، نحن الفلسطينيون نهتف من أعماق جراحنا: «هوشعنا» من جديد، نرجو خلاصًا من الظلم، من القصف، من الحصار، من الانقسام، من الاحتلال.

أحد الشعانين ليس فقط عيدًا كنسيًا، بل فعل مقاومة روحي، يحمل في رمزيته أعظم رسالة: أن السلام الحقيقي يبدأ من الداخل، من وحدة القلوب، من كسر أسوار الحقد التي نبنيها بأنفسنا. وهو في السياق الفلسطيني عيدٌ مغروس في التراب المقدّس، لا يُمكن فصله عن مشهد القدس التي باركها المسيح، وعن غزة التي تُجلد اليوم في بستان الألم، تمامًا كما جُلد السيد المسيح قبل صلبه.

غزة اليوم تعيش أسبوع آلامها الطويل. لا «سبت نور» يلوح في الأفق، ولا «أحد قيامة» يُبشّر بالخلاص. لكنها تصمد، وتصلي، وتحتفظ بإيمانها بأن القيامة ستأتي، مهما طال الليل. والقدس بدورها، تحرس الرجاء، وتُبقي على سعف النخيل أخضر رغم الرماد.

وفي هذا السياق، لا يمكن أن تمرّ الشعانين مرورًا عابرًا في ظل الدم النازف في غزة، والأنين الصامت في القدس، والانقسام الذي يفتك بجسد الوطن. لذلك، نوجّه من قلب فلسطين نداءً إلى الكنائس في الشرق والغرب، إلى المؤمنين في كل مكان، إلى من يؤمن أن الله محبة، وأن الإنسان كرامة: لا تتركوا فلسطين وحدها في آلامها. اجعلوا من أحد الشعانين هذا العام صرخة ضد الظلم، وموقفًا حازمًا في وجه الإبادة، لا مجرد طقس يتكرر.

لا نطلب صلوات فقط، بل مواقف. لا نرجو كلمات تعاطف، بل أفعال تضامن. ولتكن مواكب الشعانين هذا العام تسير نحو غزة، نحو الضمير الإنساني، تُلوّح بسعف النخل لا كزينة، بل كأعلام للسلام والحرية والعدالة. لنرفع مع أطفال فلسطين ذات الهتاف: “هوشعنا في الأعالي”، علّ العالم يصحو، وعلّ الوحدة تولد من قلب المحنة، وتعود فلسطين، كما أرادها المسيح، أرضًا للسلام لا للمقابر.

شاهد أيضاً

أسعار الذهب اليوم

أسعار الذهب اليوم

شفا – جاءت أسعار الذهب اليوم الأثنين 14 أبريل كالتالي :عيار 22 67.200عيار 21 64.200