
نبضات الوجود الخفية ، بقلم : منال حاميش
التفردات الزمنية العابرة: نبضات الوجود الخفيّة في نسيج الزمكان
مقدمة
في قلب أعقد الأسئلة الكونية يكمن لغز الزمن: هل يسير بخط مستقيم؟ هل كانت للكون بداية واحدة فقط؟ وهل ما نعتبره “فراغًا” هو في الحقيقة حيٌّ بصمت؟
رغم أن نظرية الانفجار العظيم تُعد الركيزة الأساسية لفهمنا لنشأة الكون، إلا أنها تترك وراءها تساؤلات وجودية حادة. ماذا لو لم يكن هناك “تفردٌ” واحد فقط في البداية، بل تفردات كثيرة… عابرة، نابضة، تتخلل نسيج الزمكان باستمرار؟
في هذا المقال، نطرح مفهوم “التفردات الزمنية العابرة”، بوصفها لحظات من التجلي الكوني الكثيف، تشبه ومضات وجودية تفتح ثغرات في الزمن، وتعيد صياغة فهمنا للحضور والواقع.
- التفرد في النموذج الفيزيائي التقليدي
التفرد (Singularity) في الفيزياء يُشير إلى نقطة تنهار فيها القوانين المعروفة: حيث تصل الكثافة إلى اللانهاية، ويتوقف الزمن كما نفهمه.
أشهر أمثلة ذلك هي الثقوب السوداء، وكذلك لحظة الانفجار العظيم. لكنها مفاهيم تُعامل الزمن كخط يبدأ من الصفر ويمتد بلا رجعة، وهذا ما يجعل فهمنا للزمن محدودًا ضمن أفق رياضي ضيق.
- نحو مفهوم جديد: التفردات الزمنية العابرة
نقترح هنا تصورًا مختلفًا: أن الزمن ليس سيلًا ثابتًا، بل نسيج نابض، تظهر فيه “تفردات عابرة” من وقت لآخر.
هذه التفردات ليست مجرد كتل هائلة من الكثافة، بل لحظات من الكثافة الزمنية أو الطاقة الكونية المكثفة التي تتجلى فجأة، ثم تختفي.
هي لحظات تشبه “النبض الكوني”، تُنشئ طفرات في نسيج الواقع، وكأن الكون يتنفس، لا يتوسع فقط.
- ارتباط التفردات العابرة بالميتافيزياء الحية
ضمن إطار الميتافيزياء الحية، الزمن لا يُفهم كخط، بل كحقل حيّ، ديناميكي، تتجلى فيه “الأنفاس الوجودية”.
الفكرة متجذرة في الفكر الصوفي العميق، خاصة في فلسفة ابن عربي، الذي يرى أن “الوجود يتجدّد في كل لحظة”، وأن “الأنفاس الإلهية” تخلق العالم باستمرار.
التفردات الزمنية العابرة إذًا ليست ظواهر فيزيائية فقط، بل لحظات من التجلي الوجودي، قد يشعر بها الوعي البشري في شكل إلهام مفاجئ، رؤيا، أو حتى استبصار.
- الأكوان الموازية والبوابات الكونية
التفردات الزمنية العابرة قد تكون أكثر من مجرد لحظات كونية. إذا كان الزمن يمتد في نسيج مرن، فقد يكون هناك أكوان موازية تتوازى مع الكون الذي نعرفه. تلك الأكوان يمكن أن تكون نسخًا موازية لنا، تحمل احتمالات مختلفة لتطورنا الوجودي والزماني.
وهنا يأتي دور البوابات الكونية، التي قد تمثل نقاط العبور بين هذه الأكوان. يمكن أن تكون هذه البوابات في شكل نقاط تفردية عابرة، تسمح بانتقالنا بين أكوان متعددة من خلال “فجوات زمنية”.
رؤيتي الخاصة تتجاوز هذا التصور التقليدي للكون. أرى أن الكون ليس كما نظن؛ ليس محدودًا بما وصلت إليه علومنا الحالية. بل هو نسيج مرن يتداخل فيه الزمن والمكان والوعي، وحيث يمكننا التنقل جسديًا وماديًا بين أكوان متعددة، إذا عرفنا كيف نفتح البوابات الكونية التي تتخلل هذا النسيج. هذه البوابات ليست خيالية، بل هي في صميم بنية الكون نفسه، ونحن بحاجة فقط إلى “حل اللغز” لنتنقل خلالها بسهولة ويسر.
- التأثيرات الافتراضية والتأملات العلمية
هل يمكن رصدها؟ ربما لا بالأجهزة المعتادة، بل بوسائل تلتقط أثرها في تذبذبات الحقول، أو في اللاوعي الجماعي.
هل لها علاقة بالوعي؟ يمكن أن تكون مسؤولة عن لحظات “الاختراق المعرفي” التي تحدث في الوعي البشري، وتغير مسار التاريخ.
بوابات كونية؟ قد تكون هذه التفردات نقاط عبور نحو طبقات وجودية أخرى، أو مفاتيح لأكوان موازية لا تُرى بالعين بل تُستشعر بالروح.
خاتمة
إن إعادة فهم التفردات لا بوصفها لحظات مدمّرة، بل كلحظات خالقة، نابضة، تغيّر كل شيء في لحظة، هي قفزة نحو نمط جديد من التفكير العلمي–الروحي.
ربما لا يكفي العلم وحده، ولا الفلسفة وحدها، بل لا بد من لقاء بينهما داخل علم جديد…
علم يرصد نبضات الوجود في نسيج الزمكان، ويقرأ “التفردات الزمنية العابرة” بوصفها إشارات من الحضور الكوني الخفيّ.
إذا اكتشفنا اللغز، فإننا سنفتح أمامنا بوابات كونية، وسنتمكن من التنقل بين أكوان موازية بيسر. الكون أكثر مرونة مما نعتقد، وكل ما علينا هو فهم كيف نتنقل فيه.