
الأستاذة سهام عبد الهادي ، زهرة من نور في بستان الذاكرة، وبصمة لا تُمحى، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات
ثمة أرواح تمرّ في حياتنا بصمت، لكنها تترك أثرًا كالعطر، لا يُرى بالعين لكنه يسكن الحواس، ويظل عالقًا في زوايا الروح. ومن بين هذه الأرواح النبيلة، كانت الأستاذة سهام عبد الهادي، الإنسانة الراقية والباحثة المجتهدة، التي تزينت مسيرتي بمعرفتها، فكانت معرفةً من تلك التي تُشبه النور حين يُلامس عتمة الفجر، يوقظ فيك الأمل ويمنحك يقينًا بأن الخير ما زال في الناس.
تعرفت على الأستاذة سهام عن طريق البروفيسور الكريم خالد دويكات، حين طلبت استشارتي في مجال التحليل النوعي لرسالتها، فكان أول لقاء لنا لقاء علم وحب للمعرفة، جمع بيننا شغف البحث وفضول الاكتشاف. ومنذ اللحظة الأولى، لمست في حديثها جدية الباحثة، ووهج الطالبة التي تسير على درب العلم بخطى ثابتة، وعينها لا تنظر سوى إلى قمم التميز.
كانت نعم الباحثة التي تمضي في دربها كما تمضي النسمة بين زهور الجبال، خفيفة، دقيقة، ومليئة بالحياة. وما أن بدأنا العمل معًا حتى أدهشتني بسرعة فهمها، ودقتها في التحليل النوعي، وكأنها خاضت هذا المجال سنوات، رغم أن التجربة كانت جديدة عليها. أتقنت أدوات التحليل ببراعةٍ تُشبه عزف أنامل خبيرة على آلة الكمان، تخرج من بين يديها نغمات معرفية دقيقة، وتحليلات أكاديمية راقية، لتناقش في النهاية رسالتها بامتياز يليق بمكانتها وجهدها.
ولم تكن الأستاذة سهام باحثة فحسب، بل هي أيضًا معلمة متميزة في إحدى المدارس الخاصة، تنسج حروف اللغة الإنجليزية بخيوط من شغف، وتغرس في طلابها حب المعرفة بذات اليد التي كتبت بحثها وأدارت مقابلاتها. فهي المعلمة والباحثة، التي تمضي بثبات كجذر شجرة زيتون فلسطينية، لا تنحني للريح، بل تزداد صلابةً ورسوخًا كلما عصفت بها الأيام.
وما أجمل من المعرفة إلا التواصل الطيب الذي يبقى، فقد حافظت الأستاذة سهام على تواصلها معي، تتبادل معي كلمات المودة، ومشاعر الامتنان، وكأنها تقول لي دومًا: “إن الخير لا يُنسى، والجميل يبقى حيث وُجد”.
فخورة بكِ جدًا يا سهام، فكل باحث مثلك هو شعلة تُضيء سماء الوطن، وكل معلمة مجتهدة مثلك هي غرسٌ صالح في تربة الأجيال.
إنما الإنسان أثر، وأثركِ يا سهام، سيبقى فيّ كما يبقى عبق الورد في الأصابع بعد قطفه… جميل، نقي، لا يُنسى.
- – د. تهاني رفعت بشارات – من مدينة جنين في فلسطين .
– حاصلة على درجة الدكتوراه في اللغة الإنجليزية وأساليب تدريسها من جامعة يوسيم ماليزيا
– لديها أكثر من 45بحث منشور في عدة مواضيع منها الدراما في التعليم ،وطرائق التدريس المبتكرة والتكنولوجيا في التعليم
– لديها سنوات عديدة من الخبرة في التدريس وإجراء بحوث حول موضوعات مختلفة
– كاتبة في عدة صحف ومجلات محلية وعالمية
– مؤلفة كتاب “لحن الأمل “
– مؤلفة كتاب “إنما الإنسان أثر 1”
– مؤلفة كتاب “قبسات هادئة في عتمة الطريق “
_ مؤلفة كتاب “إنما الإنسان أثر 2”