1:30 صباحًا / 14 أبريل، 2025
آخر الاخبار

باسم العدالة والإنصاف: قراءة في جذور ونتائج التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة من خلال الكتاب الأبيض الصيني، بقلم : ريماس الصينية

باسم العدالة والإنصاف: قراءة في جذور ونتائج التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة من خلال الكتاب الأبيض الصيني، بقلم : ريماس الصينية

باسم العدالة والإنصاف: قراءة في جذور ونتائج التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة من خلال الكتاب الأبيض الصيني، بقلم : ريماس الصينية


في عام 2025، عادت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والولايات المتحدة إلى واجهة الأحداث الدولية، وذلك بعد إعلان البيت الأبيض عن جولة جديدة من الرسوم الجمركية على الصين والتلويح بإلغاء وضع “الدولة الأولى بالرعاية”. في هذا السياق، أصدر المكتب الإعلامي التابع لمجلس الدولة الصيني كتابا أبيض نادر بلغ عدد كلماته 28 ألف كلمة، يرد فيه بشكل منهجي على الاتهامات الأمريكية، ويوضح الحقائق، ويفنّد المغالطات، ويؤكد على موقف الصين المبدئي. هذه الوثيقة لا تُعد مجرد إعلان سياسي، بل هي رد استراتيجي منطقي وواضح، يبعث برسالة مفادها: الصين لا تسعى لحرب تجارية، لكنها لن تتردد في الرد إذا فُرضت عليها.

أولا: قراءة ضيقة من الجانب الأمريكي لعجز الميزان التجاري


لطالما اعتبرت الحكومة الأمريكية أن العجز التجاري مع الصين دليل على “استغلال” صيني، واستخدمت هذا المبرر لفرض الرسوم والتصعيد الاقتصادي. غير أن الوثيقة الصينية تؤكد أن تقييم عدالة التجارة لا يُقاس فقط بالعجز في السلع، بل يجب أن يشمل تجارة الخدمات وحجم المبيعات داخل البلد الآخر.


ففي عام 2023، بلغ فائض أمريكا في تجارة الخدمات مع الصين 26.57 مليار دولار. كما وصلت مبيعات الشركات الأمريكية في الصين إلى 490.52 مليار دولار عام 2022، مقابل 78.64 مليار دولار فقط لمثيلاتها الصينية في أمريكا، مما يدل على توازن ومنافع متبادلة.


ويشير الباحث في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، قاو لينغيون، إلى أن واشنطن تميل إلى تضخيم تأثيراتها السلبية وتتجاهل البيانات التي تعود عليها بالنفع، مما يكرّس فهماً قاصراً ويزيد التوتر.

ثانيا: اتهامات متعددة بلا أساس: نقل التكنولوجيا، التلاعب بالعملة، وفرط الإنتاج


من أبرز ما تضمنه الكتاب الأبيض من تفنيدات، الرد على اتهامات “النقل القسري للتكنولوجيا” و”التلاعب بالعملة”. تؤكد الوثيقة أن القانون الصيني يمنع إجبار الشركات الأجنبية على نقل التكنولوجيا، وأن ما تصفه أمريكا “بالنقل القسري” ما هو إلا اتفاقيات تجارية طبيعية بين الشركات.


أما بخصوص العملة، فقد حافظ اليوان الصيني على استقرار نسبي، ويتراوح معدل تذبذبه السنوي بين 3 إلى 4%، وهو ما يتماشى مع العملات العالمية الكبرى. كما لا يجب النظر فقط إلى سعر صرف اليوان مقابل الدولار، بل إلى مؤشراته تجاه سلة من العملات.


أما عن “فرط الإنتاج”، فالصين ترى أن هذا الادعاء لا يعدو كونه رد فعل على محاولات الصين للانتقال من “مصنع العالم” إلى مركز صناعي عالي التقنية. فالولايات المتحدة، التي اعتادت على استفادتها من الإنتاج الصيني الرخيص، لا تقبل بتحول الصين إلى منافس تكنولوجي، ولهذا تلجأ إلى الحماية التجارية عبر ذرائع كـ”فرط الإنتاج”.

ثالثا: من خان الاتفاق أولاً؟ أمريكا تقوّض التعاون


رغم توقيع المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري عام 2020، التزمت الصين بالوفاء بتعهداتها رغم جائحة كورونا والتحديات الأخرى، بينما واصلت أمريكا خرق الاتفاق عبر فرض قيود تصديرية وإدراج شركات صينية على “القوائم السوداء”.
كمثال، أدت القيود الجديدة على تصدير الرقائق الإلكترونية عام 2022 إلى تراجع كبير في مشتريات الصين من هذا القطاع الأمريكي. كما أن حوادث الطائرة بوينغ 737 ماكس وما تبعها من تعليق طويل، أثرت سلباً على ثقة الصين بشراء الطائرات الأمريكية.


إضافة إلى ذلك، فإن كلفة نقل النفط الأمريكي إلى الصين تفوق مثيلتها من الشرق الأوسط بما يعادل الضعف، إذ تشير التقديرات إلى أن تكلفة الشحن من الولايات المتحدة إلى الصين تبلغ ضعف تكلفة الشحن من الخليج العربي. ويُعزى ذلك إلى بُعد المسافة، وارتفاع النفقات اللوجستية، فضلاً عن ضعف البنية التحتية الأمريكية في هذا المجال، مما يُضعف القدرة التنافسية للنفط الأمريكي في السوق الصينية.

رابعا: إلغاء “الدولة الأولى بالرعاية”: تصعيد تشريعي خطير


طرحت أمريكا مجدداً عام 2025 مشروع قانون لإلغاء الوضع التجاري الطبيعي الدائم للصين، في محاولة لتحويل الرسوم الجمركية إلى سياسة دائمة عبر التشريع. ويرى محللون أن هذه الخطوة تمهيد محتمل لعودة سياسة ترامب المتشددة.


لكن اللافت أن داخل أمريكا نفسها، بدأ سياسيون، بمن فيهم من الحزب الجمهوري، يعارضون هذه التوجهات المتطرفة، ويقترحون تقنين سلطات الرئيس بفرض الرسوم. مما يشير إلى وجود انقسام داخلي بشأن جدوى هذه السياسات.
خامسا: رسالة واضحة من الصين: الانفتاح باقٍ… لكن للسيادة خطوط حمراء


يتضح من الوثيقة البيضاء أن الصين رغم إدانتها للممارسات الأمريكية، لا تزال تدعو إلى الحوار على قدم المساواة. وحتى في ظل التصعيد، لم ترد الصين بالمثل عبر رفع الرسوم، بل واصلت خفض متوسط تعريفتها الجمركية إلى 7.3% عام 2023، وهو أقل من نظيره في أغلب الدول المتقدمة.


ويجسد ذلك إصرار الصين على التمسك بالانفتاح والتكامل في النظام العالمي، رغم التحديات.

من الخاسر في الحرب التجارية؟


أثبتت التجارب أن لا منتصر في الحروب التجارية. الرابح الحقيقي هو من يتمسك بالحوار، والمنفعة المتبادلة، والتعاون من أجل التنمية المشتركة. والوثيقة الصينية ليست فقط رداً على السياسات الأمريكية، بل إعلان احترام للنظام الدولي، وإصرار على نموذج تنمية منفتح.


فقط عبر التخلي عن الأحكام المسبقة والعودة إلى المنطق، يمكن لبكين وواشنطن رسم طريق مشترك في حقبة جديدة من العولمة.

  • – ريماس الصينية، صحفية صينية، CGTN العربية – الصين .

إقرأ المزيد حول أخبار الصين ،، إضغط هنا للمتابعة ..

شاهد أيضاً

الاحتلال يحتجز مواطنين خلال اقتحامه بلدة كوبر والمستوطنون يحرقون مركبة

شفا – احتجزت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الأحد، ستة مواطنين، بينهم أربعة أطفال، خلال …