1:16 مساءً / 18 أبريل، 2025
آخر الاخبار

نشيد الموتى … حين تصرخ الجماجم بأسم فلسطين ، بقلم : مروان إميل طوباسي

مروان إميل طوباسي

نشيد الموتى … حين تصرخ الجماجم بأسم فلسطين ، بقلم : مروان إميل طوباسي


عادت الى ذاكرتي في هذا الصباح أغنية بصوت مارسيل خليفة كنا نستمع اليها زمن النهوض الوطني ، “نشيد الموتى” .

لا أعلم إن كانت صدفة الآن ، أم أنها جاءت تحديدا لتُعبر عما يدور في ذهني ، وتلخص شعوراً فلسطينيا عاما في هذه اللحظة القاسية من تاريخنا . لحظة تتجدد فيها فصول الإبادة الجماعية ، والاقتلاع الممنهج، والتطهير العرقي ، وسط صمت عالمي مريب ، وتواطؤ دولي يُشرعن الجريمة بدل أن يوقفها ، وكل ذلك في ظل واقع فلسطيني داخلي أليم لا أحد يوقف هشاشتة وتفككه .


في القصيدة ، لا يُرثى الموتى بقدر ما يُستحضرون كصوت حي ، كأنهم ما زالوا يتحدثون من تحت التراب ومن القبور التي دفنوا فيها وهم أحياء أو بعد حرقهم ، يقولون : “أعطيناكم كل شيء ، حتى جماجمنا”. صوت يخرج من بين العظام ليعلن أن الموتى لم يغيبوا ، وأنهم شاهدون على جراح الحي .


وما يشبه هذا النص اليوم أكثر من فلسطين؟ حيث الموت لم يعد حدثا، بل روتيناً يومي . حيث الإبادة الجماعية تُبث مباشرة على وسائل الاعلام ، والاقتلاع يتم على مرأى من العالم ، والعالم الرسمي صامت في حين تخرج الشعوب الحرة بالملايين تصرخ من اجل الحق والعدالة ، من اجلنا نحن في فلسطين .


غزة تُباد ، عائلات وبيوت تُمحى ، أحياء تُقصف بلا تمييز ، والشهداء ليسوا أرقاما ، بل أسماء ووجوه ، وأحلام أُطفئت قبل أن تنضج . الضفة بما فيها قُدسنا تُخنق ، تُقسم ، تُستباح مستوطناتاً وجيشاً يَقتل ويُدمر يومياً . فلسطينيون الداخل الباقون في حيفا ويافا يُحاصرون بالصوت والقانون العنصري والملاحقة ، وفلسطينيون الشتات يُفرض عليهم النسيان عمداً .
“يا هذا الطارق أبواب الموتى… من أنت؟”


هو العالم الذي يطرق ليس ليُسعف ، بل ليُشهِد ، ويُدين بالصمت . عالم أعطيناه دمنا ، وما زال يطلب “ضبط النفس”. عالم لا يرى في الإبادة جريمة ما دامت تُمارس ضد شعب مُقاوِم .


لكن الألم لا يأتي من الخارج فقط ، فواقعنا الفلسطيني اليوم أيضا جرح مفتوح . أنقسام ، أستئثار بمواقع ، ضعف ووهن وصَمت وانتظار ، مناكفات غبية وفئوية وصراع سلطوي بعيدا عن أحلام التحرير والعيش الكريم ، ولعدالة غائبة عن الجميع حيث الصمود بات صعبا . شعبنا الذي صمد أمام الموت ، يُستنزف من الداخل ، بواقع سياسي مغلق وعقيم ، وبِسلطات فقدت معناها . فَحذار ، فأن القلاع تُهدم من داخلها .


“لا تحرمنا النسيان”… هذه ليست فقط صرخة الموتى ، بل صرخة الأحياء منا أيضاً . نريد أن ننسى الانقسام ، أن ننسى الصمت وطوابير الانتظار ، أن ننسى الشعارات الفارغة والخطابات المكررة . نريد ذاكرة وطنية حُرة لا مثقلة بالخذلان ومشاركة واسعة في بناء رؤية تأخذنا الى طريق الإستقلال .


ومع ذلك ، “نسير” ، نسير بلا أرجل ، لأننا شعب لا يحتاج سوى لإرادة . نسير لأن غزة لم تسقط رغم كل شيء ، لأن الطفل الذي فقد عائلته ما زال يحلم ، لأن العجوز بالضفة الذي اقتُلع من أرضه بالنكبة الاأولى ما زال يحتفظ بمفتاح البيت رغم نكبته الثانية اليوم .


“نشيد الموتى” هو نشيد فلسطين ، لا موت يُسكتها ، لا قيد يُكسرها ، ولا ظلم يُنهيها . هي تمضي ونحن معها ، نمضي رغم كل شيء .

شاهد أيضاً

مسؤول إسرائيلي : رفض حماس للمقترح سيضر بها وستشعر بالنتائج خلال أيام

مسؤول إسرائيلي : رفض حماس للمقترح سيضر بها وستشعر بالنتائج خلال أيام

شفا – قال مسؤول أمني “إسرائيلي” اليوم السبت، إنهم أعدوا العدة والخطة لاحتمال الرد السلبي …