
مصر تتحدث بلغة الحضارة.. كيف أرسلت زيارة ماكرون رسائل ناعمة إلى العالم؟ بقلم : الصحفي سامح الجدي
في زمن تتصارع فيه القوى الكبرى عبر السلاح والسياسة، تواصل مصر إرسال رسائلها الأكثر تأثيرًا بلغة مختلفة: لغة الحضارة والثقافة والتاريخ. زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى القاهرة لم تكن مجرد محطة دبلوماسية، بل كانت بمثابة إعلان صامت عن عودة مصر القوية إلى ساحة التأثير العالمي عبر قوتها الناعمة.
من الأهرامات إلى جامعة القاهرة .. كل خطوة تحمل رسالة
اصطحبت مصر ضيفها الفرنسي في جولة ترمز إلى آلاف السنين من الحضارة، من هضبة الجيزة إلى دار الأوبرا، ومن قصر الاتحادية إلى جامعة القاهرة. كل موقع زاره ماكرون لم يكن مجرد مشهد سياحي، بل نافذة على رسالة سياسية وثقافية واضحة: مصر ليست فقط بلدًا في قلب الجغرافيا، بل في قلب الحضارة أيضًا.
في جامعة القاهرة، حيث جرت جولة خاصة، أرسل البلدان رسالة مزدوجة: الاستثمار في العقل والمعرفة هو جسر المستقبل، وهو ما يعكسه التعاون الأكاديمي والعلمي المتزايد بين الجانبين.
قوة ناعمة بثوب حديث
القوة الناعمة المصرية لم تعد حكرًا على التاريخ والآثار، بل أصبحت حاضرة في الفنون، والتعليم، والدبلوماسية الثقافية، وحتى في التعامل الإنساني مع الأزمات الإقليمية. وقد ظهر ذلك جليًا في ختام الزيارة، حين توجّه الرئيسان إلى مدينة العريش، حيث وجّها رسالة تضامنية ضد التهجير، وأكدا أهمية العمل الإنساني المشترك.
شراكة استراتيجية بثقافة التأثير
ما بين توقيع اتفاقيات اقتصادية وتنموية، وتعزيز التعاون في مجالات التعليم والصحة والطاقة، برزت ملامح شراكة استراتيجية جديدة، لا تعتمد فقط على المصالح، بل على الاحترام الثقافي والرؤية المشتركة لمستقبل أكثر استقرارًا وتعاونًا.
مصر من جديد .. قلب المنطقة وعقلها
زيارة ماكرون، بكل ما حملته من رموز، تقول شيئًا مهمًا للعالم: مصر عادت لتلعب دورًا قياديًا، لا فقط بالسياسة والجيش، بل أيضًا بالثقافة، بالهوية، وبالرسائل الإنسانية الهادئة.
في النهاية، أثبتت القاهرة أن التأثير لا يأتي فقط من منابر السياسة، بل من المسارح، والمدرجات الجامعية، ومتاحف الحضارة، وأن مصر حين تتحدث بلغة ناعمة .. يسمعها العالم كله.