
صونيا إبراهيم ، الباحثة التي أزهرت علمًا في دروب الدراما التعليمية ، بقلم : د. تهاني رفعت بشارات
هناك أشخاصٌ يتركون في حياتنا بصمةً لا تُمحى، وذكرى لا تُنسى، وأثرًا يبقى خالدًا كالعطر الفوّاح، ومن بين أولئك الذين تشرفتُ بمعرفتهم، الأستاذة والباحثة المتميزة صونيا إبراهيم، تلك المرأة الفلسطينية التي لا تعرف المستحيل، والتي أثبتت أن العلم والشغف لا تحدّه مسؤوليات الحياة، بل يُزهر في القلوب المليئة بالإصرار والطموح.
حين تجتمع المثابرة بالابتكار.. يولد التميز
كان لقائي الأول بها عندما كنت الممتحن الخارجي لرسالتها في الماجستير، والتي حملت عنوانًا يعكس رؤيتها التربوية المتجددة: “فاعلية برنامج تعليمي بالدراما في تنمية مهارات المحادثة في اللغة الإنجليزية”، وهو بحثٌ لم يكن مجرد دراسة أكاديمية، بل كان إبداعًا تربويًا يضع التعليم في ثوبٍ جديدٍ أكثر تفاعليةً وحيوية.
لقد أبدعت صونيا في تناول هذا الموضوع، ولم يكن تميزها مجرد صدفةٍ عابرة، بل كان ثمرة جهدٍ متواصل، وعملٍ دؤوب، وذكاءٍ بحثيٍ نادر. لقد خاضت تجربتها بكل شغف العالم وبصيرة العالم، وأثبتت أن الدراما ليست فقط وسيلة ترفيه، بل أداة تعليمية قادرة على إحياء اللغة في عقول الطلبة وقلوبهم.
امرأةٌ بحجم الحلم والإصرار
ورغم أن صونيا مديرةٌ لمدرسة لاتين الزبابدة، وزوجةٌ وأمٌ تتحمل مسؤولياتٍ جسامًا، إلا أنها استطاعت أن توازن بين حياتها الأسرية والمهنية والأكاديمية، دون أن تتخلى عن أي جانبٍ منها. كانت كالأرض الخصبة التي تنبت الزهر رغم قسوة الطقس، وكالنهر الذي يشق طريقه رغم وعورة التضاريس.
وأجمل اللحظات كانت تلك التي ارتسمت فيها الفرحة على وجهها حين أُعلن نجاحها، حين توردت ملامحها بفخرٍ مستحق، وحين اختلطت دموع السعادة بضحكات الانتصار. كانت لحظةً يُختصر فيها معنى الجهد، وتُترجم فيها قيمة الاجتهاد، حيث كان زوجها الداعم الأول، وأبناؤها فخورين بوالدتهم التي كسرت الحواجز وارتقت إلى القمة.
أثرٌ لا يزول.. وعلمٌ لا يُنسى
إن النجاح الحقيقي لا يُقاس فقط بما يحققه الإنسان لنفسه، بل بما يتركه من أثر في الآخرين، وصونيا كانت من الباحثين الذين يخلدون في الذاكرة، ليس فقط بعملهم، بل بشغفهم، بروحهم الوثّابة، وبإيمانهم أن التعليم رسالةٌ لا تنتهي.
شكرًا دكتور مصدق براهمة لمنحي الفرصة لأكون جزءًا من هذه الرحلة الأكاديمية المتميزة، وشكرًا صونيا على كل لحظةٍ أظهرت فيها أن الطموح لا يعرف حدودًا، وأن الإرادة لا تعرف الاستسلام.
أثركِ الجميل سيبقى حاضرًا، كضوء القمر الذي لا يخبو، وكأغنية فرحٍ تتردد في الذاكرة مدى العمر.